بولس مسعد
بولس مسعد: بطريرك ماروني، وأحد رجالات لبنان، كتب في التاريخ والأدب، وله عدة آثار ومصنَّفات تاريخية.
وُلد «بولس مسعد بن مبارك مسعد» عام ١٨٠٦م بقرية عشقوت بجبل لبنان. التحق بمدرسة «عينطورة» فتلقى فيها تعليمه الابتدائي، ثم التحق بمدرسة «عين ورقة»، وهي أولى الكليات اللاهوتية المارونية، وتَعلَّم بها عدة لغات، منها: العربية والسريانية والإيطالية واللاتينية. أظهر «مسعد» تفوقًا ملحوظًا في دراسته، فأرسله البطريرك «يوسف حبيش» إلى روما بهدف استكمال دراسته اللاهوتية بمدرسة «مجمع نشر الإيمان»، ودرس الفلسفة في المدرسة نفسها، وكُلِّلت جهوده بترسيمه كاهنًا بهذه المدرسة عام ١٨٣٠م، ثُم عاد إلى لبنان.
بعد عودته عيَّنه البطريرك «يوسف حبيش» أمينًا لسِره، ثُم رُقِّي إلى درجة الأسقفية فعُين مطرانًا ﻟ «طرسوس»، ونائبًا للبطريرك للشئون الروحية. بعد وفاة «حبيش» اعتمده أيضًا البطريرك الجديد «يوسف الخازن» نائبًا له للشئون الروحية حتى وفاته. بعد وفاة «الخازن» اجتمع مجمع الأساقفة واختِير «مسعد» بطريركًا بالإجماع.
عاصَر «مسعد» أحداثَ الفتنة التي وقعت بين الموارنة والدروز، وأثناء ذلك انتقل البطريرك إلى موقع الأحداث، ونجح بحنكته في التوصل إلى تسوية الصراع وإيقافه في جبل لبنان. ولعب دورًا مهمًّا في احتواء احتجاجات الفلاحين الموارنة عام ١٨٥٨م — أو ما عُرِف ﺑ «ثورة الفلاحين» — التي قامت ضد السياسات الإقطاعية لأعيان «كسروان»، ونتج عنها عدة إضرابات استطاع البطريرك أن يتغلب عليها تدريجيًّا، حتى أُقِرَّ نظام لبنان، الذي عُرف ﺑ «متصرفية لبنان»، كنظامِ حكمٍ ذاتي لجبل لبنان.
تميزت فترة بطريركية «مسعد» بالزيارات الخارجية؛ فكان ثاني بطريرك ماروني يزور روما، كما زار في الرحلة نفسها باريس فاستقبله إمبراطور فرنسا، وفي أثناء عودته مرَّ بالآستانة والتقى السلطان العثماني «عبد العزيز» الذي احتفى به احتفاءً كبيرًا، وخلال الزيارة طلب البطريرك من السلطان إعفاء مسلمي لبنان من الخدمة بالجيش العثماني؛ وذلك لمساواتهم بمسيحيي لبنان، فوافق السلطان على الفور.
له عدة مؤلَّفات تاريخية وفكرية ودينية، منها: «الدر المنظوم»، و«التحفة الغرَّاء في دوامِ بَتُوليَّة العذراء»، و«السجل الكبير»، و«الملكية والمارونية»، وله أيضًا عدة مقالات.
تُوفِّي «مسعد» بلبنان عام ١٨٩٠م.