نعوم شقير
نعوم شقير: مؤرِّخٌ رسَم بقلمه ما تيقَّنَ من وقوعه، وهو أحد المؤرِّخين الثِّقات الذين يُشار إليهم بالبَنان؛ لذا فإن كتاباته لها أهمية خاصة.
وُلِد «نعوم بن بشارة نقولا شقير» حوالَي عامَ ١٨٦٣م في قصبة «الشويفات» بلبنان، وينتمي إلى أُسرة تتمتَّع بسُمْعة أدبية لا بأسَ بها. تلقَّى تعليمَه الابتدائي في مدرسة «عبية»، ثم التحق ﺑ «الكلية السورية الإنجيلية» (الكلية الأمريكية فيما بعدُ)؛ حيث حصل منها على بكالوريوس العلوم عامَ ١٨٨٣م.
بدأ حياتَه العملية مُدرسًا ﺑ «المدرسة السلطانية الأميرية» ببيروت، ولكنَّ التدريس لم يستَهوِه؛ فقرَّرَ أن يحذوَ حذْوَ إخوتِه والكثيرِ من أهل الشام، فسافَرَ إلى مصرَ باحثًا عن مستقبلٍ جديد؛ فقد كانت مصرُ مَحطَّ رِحالِ الشَّوَام الباحثين عن العلوم والمعرفة. عمِلَ نعوم في «قلم المخابرات» بالجيش؛ الأمر الذي مكَّنَه من الاطِّلاع على الكثير من الأسرار، وجمع معلوماتٍ قيِّمة نتيجةَ تَرْحاله فاستفاد منها في كُتُبه؛ فقد اضطرته وظيفتُه للسفر إلى السودان، كما كان ممثِّلَ مصرَ في قضية الحدود الشهيرة عامَ ١٩٠٦م، ونتيجةً لجهوده في قلم المخابرات مُنِح رتبةَ «بك».
كان لنعوم شقير نشاطٌ اجتماعي وسياسي واضح؛ فقد كان رئيسَ «جمعية القديس جاورجيوس الخيرية»، وكان أحدَ مؤسِّسي جمعية «إعانة سوريا»، فكان له دورٌ رائد في توجيه الشوام الموجودين على أرض مصر، ودعاهم للاندماج مع المجتمع المصري، ولكن مع الاحتفاظ بهُوِيتهم الشامية. كما كان له نشاطٌ ماسوني كبير؛ حيث وصل إلى درجة «رئيس محفل».
حملت مؤلَّفاته نبضَه كموظف في قسم المخابرات فامتازت بالدقة، ومِن كُتبه: «أمثال العوام في مصر والسودان والشام»، و«تاريخ سينا والعرب» الذي استقى مادته من رحلته إلى سيناء في عمله مع المخابرات، و«تاريخ السودان القديم والحديث وجغرافيته» حيث كان ضمن الجيش الذي ذهب لإنقاذ «جوردن» من الثورة المهدية.
أُصِيب نعوم شقير بقُرحة في المعدة، وأجرى عمليةً جِراحية تُوفِّي على إثرها في مارس عامَ ١٩٢٢م.