مارون النقاش
مارون النقَّاش: تاجِر وممثِّل مسرحي لبناني، يكاد يُجمِع الباحثون على أنه أول مَن حاوَل إدخالَ الفن المسرحي إلى العالَم العربي عبر تحويل منزله إلى خشبةٍ مسرحية خاصة.
وُلد «مارون النقَّاش» في صيدا بلبنان في عام ١٨١٧م، وانتقل مع عائلته إلى بيروت، وكان محبًّا للعُزلة ومهتمًّا بالعلوم والآداب. بدأ صغيرًا بدراسة القراءة والكتابة العربية، ثم تعلَّم النحو والصرف وتعمَّق فيهما، ودرَس علوم المنطق والعَروض والمعاني والبيان والبديع، وتعلَّق في الثامنة عشرة من عمره بنَظْم الشعر. تعلَّم التركية والإيطالية والفرنسية، وشغل بعض المناصب الحكومية في بيروت، فكان رئيسًا لكتَّاب جمرك بيروت في فترة من حياته، وكان عضوًا بمجلس التجارة فيها.
سافَر «مارون» مع تجارته إلى سوريا ومصر وإيطاليا، ومن هذه الأخيرة عرف المسرح، وشاهَد بعض المسرحيات المعروضة هناك، فاستهوَته وأيقظَت مواهبه، ورأى في الفن المسرحي وسيلةً فعَّالة إلى الإصلاح الاجتماعي؛ فعاد إلى بيروت واشتغل بتعريب مسرحية «البخيل» الشهيرة ﻟ «موليير»، ومثَّلها في أواخر عام ١٨٤٧م على خشبة مسرح أقامها في منزله، ودعا إليها قناصلَ البلدة ووُجوهَها، وألقى خطبةً يبيِّن فيها رسالةَ فن المسرح التهذيبية، ودورَه في نهضة الشرق وعلاج عيوبه وتأخُّره. ثم بعدها بعامَين، قدَّم مسرحيته «أبو الحسن المغفَّل» أو «هارون الرشيد»، فتلقَّاها الجمهور بالقبول، وصدَر فرمان عالٍ بإنشاء مسرحه بجوار بيته، وقدَّم عليه في عام ١٨٥٣م مسرحيتَه الأخيرة «الحسود السليط».
ويبدو أن «مارون» واجَه اعتراضات وتشكيكات كثيرة من قِبَل المحافِظين ورجال الدِّين في ذلك الوقت؛ وهو ما دفَعه إلى ترك العمل بالمسرح، وأوصى بأن يُحوَّل بعد موته إلى كنيسة، وهجر بيروت في عام ١٨٥٤م إلى طرسوس، ومكَث هناك ثمانية أشهر، وأصابته الحمى ومات في أول شهر يونيو في عام ١٨٥٥م.