ابن جزي الكلبي
ابن جزي الكلبي: العالِمُ والخطيبُ والمُحدِّثُ والمُفسِّرُ والشاعِر، واحدٌ من أعلامِ أهلِ الأندلس، وأحدُ شيوخِ المؤرِّخِ الكبيرِ «لسان الدين الخطيب».
وُلِدَ «محمد بن أحمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن يوسف بن جزي الكلبي الأندلسي» في مدينةِ غرناطةَ عامَ ١٢٩٤م، لأسرةٍ يمنيةٍ تَنتمي لقبيلةِ بني كلبٍ العربية؛ حيث قدِمَتْ أسرتُه إلى الأندلس في نهايةِ القرنِ الثاني الهجري، واستطاعَتْ أنْ تحتلَّ مَكانةً بارزة؛ حيثُ كانَ لأحدِ أجدادِه مكانةٌ كبيرةٌ في دولةِ المرابِطِين، كما تولَّى جَدُّه مَنصبَ القضاء. وقد حفِظَ ابن جزي القرآنَ الكريمَ وتلقَّى العلمَ على يدِ مجموعةٍ من شيوخِ عصرِه، أمثالِ الإمامِ أبي جعفر بن الزبير، وأبي عبد الله بن رُشيد.
نبغَ ابنُ جزي في عددٍ منَ العلوم، منها: عِلمُ القراءاتِ والفِقهُ والحديثُ والتفسيرُ واللغةُ والشِّعرُ حيثُ اشتُهِرَ بشِعرِ الشَّكوى والتصوُّف. وتتلمذَ على يدِه عددٌ منَ العلماء، وعلى رأسِهم لسانُ الدين بن الخطيب صاحِبُ كتابِ «الإحاطة في أخبار غرناطة». ومِن مُؤلَّفاتِ ابن جزي: «النورُ المبينُ في قواعدِ عقائدِ الدِّين»، و«تقريبُ الوصولِ إلى علمِ الأصول»، ويُعَدُّ كتابُه «القوانينُ الفقهيَّة» واحدًا من أهمِّ كُتبِ الفقهِ الإسلامي؛ حيثُ استطاعَ فيه أنْ يَستعرِضَ تاريخَ الفقهِ مُتماشيًا معَ كافَّةِ المذاهِبِ الإسلاميَّة. كما له فضلٌ كبيرٌ في أنْ تَصِلَ لنا رحلةُ «ابنِ بطُّوطةَ» المسمَّاةُ «تحفةُ النُّظَّارِ في غرائبِ الأمصارِ وعجائبِ الأسفار»؛ حيثُ الْتَقى ابنُ جزي بابنِ بطُّوطةَ في مدينةِ فاس بالمغربِ عامَ ٧٥٦ﻫ، وأملى ابنُ بطُّوطةَ عليه رِحلتَه التي نُشِرتْ لأولِ مرَّةٍ عامَ ١٨٥٣م.
عاشَ ابنُ جزي في وقتٍ كانَ الصراعُ فيه على أشدِّه بينَ المسلمِينَ والمسيحيِّين، وماتَ أثناءَ مُشارَكتِه في مَعركةِ طريف بالأندلس عامَ ١٣٤٠م.