بَقِيتَ لِذَا الْعِزِّ الَّذِي عَزَّ مَطْلَبَا

Wave Image
بَــقِــيـتَ لِـذَا الْـعِـزِّ الَّـذِي عَـزَّ مَـطْـلَـبَـا
وَلَا زَالَ ظَــنُّ الْــحَـاسِـدِيـكَ مُـخَـيَّـبَـا
لَـقَـدْ جَـلَّـتِ الْـبُشْرَى بِتَكْذِيبِ مَا حَكَوْا
فَأَهْــلًا بِــمَـا قَـالَ الْـبَـشِـيـرُ وَمَـرْحَـبَـا
وَلِــلــهِ قَــوْلٌ كَــانَ لِـلـشَّـمْـلِ جَـامِـعًـا
وَلِـلْـبَـغْـيِ مُـجْـتَـاحًـا وَلِـلْـهَـمِّ مُـذْهِـبَـا
وَيَــا حَـبَّـذَا الْـقَـوْلُ الَّـذِي بَـانَ مَـيْـنُـهُ
إِذَا كَــانَ عَـمَّـا فِـي الـضَّـمَـائِـرِ مُـعْـرِبَـا
عَـرَفْـتَ بِـهِ مَـا فِـي الْـقُـلُـوبِ فَلَمْ تَجِدْ
بِـهَـا عَـنْـكَ مُـعْـتَـاضًـا وَلَا عَـنْـكَ مَرْغَبَا
جَـنَـيْـتَ مِـنَ الْإِحْـسَانِ وَالْعَدْلِ وَالتُّقَى
هَـوًى عَـدِمَـتْ فِـيـهِ الْـقُـلُـوبُ الـتَّـقَـلُّبَا
يَـفُـوقُ هَـوَى مَنْ يَعْشَقُ الطَّرْفَ أَحْوَرًا
وَصَـبْـوةَ مَـنْ يَـصْـبُـو إِلَـى الـثَّغْرِ أَشْنَبَا
فَــلَا طَــوَتِ الْأَقْــدَارُ أَيَّــامَــكَ الَّــتِـي
تُــذَكِّــرُ أَيَّــامَ الــصِّــبَــا كُــلَّ أَشْــيَــبَـا
وَلَا أَقْــلَــعَ الــنَّــوْءُ الَّـذِي أَنْـتَ غَـيْـثُـهُ
فَـلَـسْـنَـا نَـرَى عَـامًـا بِـظِـلِّـكَ مُـجْـدِبَـا
وَنَــبْــتُ الْــوِهَــادِ كَـانَ قَـبْـلَـكَ ذَاوِيًـا
فَـلَـمَّـا أَتَـيْـتَ اخْـضَـرَّ مَـا تُـنْـبِـتُ الـرُّبَـا
طَـلَـعْـتَ عَـلَـى ذِي الْأَرْضِ أَيْـمَـنَ طَالِعٍ
فَأَمَّــنْــتَ مُــرْتَـاعًـا وَأَرْهَـبْـتَ مُـرْهِـبَـا
فَإِنْ لَـمْ تَـكُـنْ أَفْـعَـالُـكَ الْـمَـجْـدَ نَـفْسَهُ
فَــلَا شَــكَّ أَنَّ الْــمَـجْـدَ مِـنْـهَـا تَـرَكَّـبَـا
فَــلَا يَــلْـتَـمِـسْ إِدْرَاكَ رُتْـبَـتِـكَ الْـوَرَى
فَـمَـا عُـرِضَـتْ لِـلْـخَـاطِـبِـيـنَ فَـتُـخْطَبَا
لَــقَــيَّــدْتَــهَــا بِــالْــمَأْثُـرَاتِ مُـحَـوِّطًـا
عَـلَـيْـهَـا فَـلَـمْ تَـتْـرُكْ لَـهَـا عَـنْـكَ مَـذْهَبَا
فَــمَـا هِـيَ إِلَّا حَـوْزُ مَـنْ طَـابَ مَـوْلِـدًا
وَنَــشْــرًا وَأَخْـبَـارًا وَعِـرْقًـا وَمَـنْـصِـبَـا
وَذِي شِــيَــمٍ سَــيْــفِــيَّــةٍ نَــاصِــرِيَّــةٍ
قَــضَــيْــنَ لَــهُ أَنْ وُرِّثَ الْــعَــمَّ وَالْأَبَـا
فَأَصْــبَــحَ مَــدْعُــوًّا بِــمَــا دُعِــيَــا بِـهِ
فَـلَا فَـرْقَ فِـيـهَـا أَنْ يُـسَـمَّـى وَيُـنْـسَـبَا
إِذَا نَــزَلَ الْــعَــافُـونَ مَـغْـنَـاهُ جَـادَهُـمْ
حَــيَــا مُــزْنَــةٍ عَــادَاتُــهَـا أَنْ تَـصَـوَّبَـا
وَلَـمْ يَـجِـدُوا غَـيْـمَ الْـمَـوَاعِـيـدِ زِبْـرِجًا
لَــدَيْــهِ وَلَا بَــرْقَ الــطَّــلَاقَــةِ خُــلَّــبَـا
فَــوَازِنْ بِـهِ أَهْـمَـى الْـغُـيُـوثِ إِذَا حَـبَـا
وَوَازِنْ بِـهِ أَرْسَـى الْـجِـبَـالِ إِذَا احْـتَبَى
وَلَـوْ لَـمْ يُـصَـدِّقْ نَـاصِـرُ الـدَّوْلَـةِ الْمُنَى
بِأَنْـــعُـــمِـــهِ لَـــمْ تَـــلْــقَ إِلَّا مُــكَــذِّبَــا
مِـنَ الْـقَـوْمِ لَـمْ يُـغْـضُوا لِبَاغٍ عَلَى قَذًى
فَـوَاقًـا وَلَمْ يَرْضَوْا سِوَى الْحَمْدِ مَكْسَبَا
أُنَــاسٌ سُــقُــوا دَرَّ الْإِبَــاءِ لِـيَـنْـتَـخُـوا
كَـمَـا سُـقِـيَ الْـمَـاءَ الْـحَـدِيـدُ لِـيَـصْـلُـبَـا
أَطَـاعَـتْـهُـمُ الْأَيَّـامُ فِـي نَـيْـلِ مَـا بَـغَـوْا
وَلَــوْ غَــالَــبَــتْــهُــمْ أَحْــرَزُوهُ تَــغَـلُّـبَـا
لَــئِــنْ كَــانَ هَـذَا الـدَّهْـرُ مَـالِـكَ أَهْـلِـهِ
فَإِنَّــــكُــــمُ مُـــلَّاكُـــهُ شَـــاءَ أَوْ أَبَـــى
وَأَنْــتُــمْ مَــقَــرُّ الْـمُـلْـكِ قِـدْمًـا وَإِنَّـمَـا
يُــرَى نَــازِلًا فِــي غَــيْـرِكُـمْ إِنْ تَـغَـرَّبَـا
أَتَـى مُـلْـكُـكُمْ مِنْ مَطْلِعِ الشَّمْسِ مُشْبِهًا
سَــنَــاهَــا فَــلَـمَّـا طَـبَّـقَ الْأَرْضَ غَـرَّبَـا
وَكَــانَ يَـوَدُّ الْـغَـرْبُ لَـوْ كَـانَ مَـشْـرِقًـا
فَــصَـارَ يَـوَدُّ الـشَّـرْقُ لَـوْ كَـانَ مَـغْـرِبَـا
إِذَا مَــا شَــهِـدْتُـمْ مَأْزِقًـا شَـهِـدَ الْـوَرَى
بِأَنَّــكُــمُ أَجْــرَى وَأَمْـضَـى مِـنَ الـظُّـبَـا
مَــلَأْتُــمْ قُــلُــوبَ الْـعَـالَـمِـيـنَ مَـهَـابَـةً
وَحُــقَّ لِأُسْــدِ الْــغَــابِ أَنْ تُــتَــهَــيَّـبَـا
فَـكَـمْ غُـضَّـتِ الْأَبْـصَـارُ عِـنْـدَ لِـقَـائِـكُـمْ
خُـضُـوعًـا وَفُـضَّـتْ عِـنْـدَ ذِكْرِكُمُ الْحُبَا
وَكَــمْ قَـالَ رَائِـي جُـودِكُـمْ وَوَفَـائِـكُـمْ
وَبَأْسِــكُــمُ مَــا الْــفَــخْــرُ إِلَّا لِـتَـغْـلِـبَـا
فَــيَــا مَــلِــكًــا مَــا زَالَ لِــلـهِ مُـرْضِـيًـا
وَلِـلْإِفْـكِ فِـي نُـصْـحِ الْـخِـلَافَـةِ مُغْضِبَا
وَيَـا مَـنْ طَوَى عِزَّ الْأَعَادِي وَمَا انْتَضَى
حُـسَـامًـا وَلَا أَنْـضَـى مِنَ الرَّكْضِ مُقْرَبَا
بَـلَـى أَسْـكَـنَ الْـبِـيـضَ الْـجُفُونَ مُجَرِّدًا
صَـــوَارِمَ عَــزْمٍ لَا يُــفَــلُّ لَــهَــا شَــبَــا
وَثَــاقِــبَ آرَاءٍ يُــضِــيءُ لَـهَـا الـدُّجَـى
وَصَــادِقَ أَفْــكَــارٍ تُــرِيــهِ الْــمُــغَــيَّـبَـا
لَـقَـدْ طَـالَ مَـا اسْـتَـنْقَذْتَ بِالْأَمْنِ خَائِفًا
وُقُـوعَ الـرَّدَى وَانْـتَـشْـتَ بِـالْعَفْوِ مُذْنِبَا
إِذَا عُــدَّ أَمْــجَــادُ الـدُّنَـا كُـنْـتَ وَاحِـدًا
وَإِنْ سُـعِّـرَتْ نَـارُ الْـوَغَـى كُـنْـتَ مِـقْـنَبَا
جَـمَـعْـتَ فَـحُـزْتَ الْـفَـخْـرَ نَفْسًا نَفِيسَةً
وَقَـلْـبًـا عَـلَـى صَـرْفِ الـنَّـوَائِـبِ قُـلَّـبَـا
وَطَـرْفًـا إِلَـى غَـيْـرِ الْـفَـضَـائِـلِ مَـا رَنَـا
وَسَـمْـعًـا إِلَـى غَـيْـرِ الْـمَـحَـامِـدِ مَا صَبَا
مَــنَــاقِـبُ قَـدْ خَـصَّـتْ نِـزَارَ يَـزِيـنُـهَـا
مَــوَاهِــبُ قَــدْ عَــمَّــتْ نِـزَارَ وَيَـعْـرُبَـا
فَــهُــنِّــيــتَ أَعْــيَـادَ الـزَّمَـانِ مُـمَـلَّـكًـا
ذُرَى شَـــرَفٍ مَـــنْ رَامَــهُ زَلَّ أَوْ كَــبَــا
وَبُـلِّـغْـتَ أَقْـصَـى غَايَةِ السُّؤْلِ فِي أَبِي
عَـلِـيٍّ فَـمَـا أَسْـخَـى وَأَنْـخَـى وَأَنْـجَـبَـا
جَـرَى فِـي مَـدًى جَـلَّـيْـتَ فِـيـهِ مُـصَلِّيًا
وَمَــا كُـلُّ فَـرْعٍ طَـيِّـبِ الْأَصْـلِ طَـيِّـبَـا
لَــقَـدْ أَظْـهَـرَ الـدَّهْـرُ الَّـذِي هُـوَ عَـيْـنُـهُ
بِــهِ الْــيَــوْمَ إِعْـجَـابًـا وَمِـنْـهُ تَـعَـجُّـبَـا
إِذَا زُرْتُـهُ لَـمْ أَدْرِ هَـلْ جِـئْـتُ مَـجْـلِـسًـا
حَـوَى جُـمَـلَ الْـعَـلْـيَـاءِ أَمْ جِـئْتُ مَكْتَبَا
بِـحَـيْـثُ أُلَاقِـي حُـلَّـةَ الْـفَضْلِ بِالْحِجَى
مُـطَـرَّزَةً وَالْـحِـلْـمَ يَـسْـتَـغْـرِقُ الـصِّـبَـا
رَأَيْــــتُ أَخَـــاهُ مِـــثْـــلَـــهُ وَرَأَيْـــتُـــهُ
يُــسَــايِــرُ مِــنْ أَبْـنَـائِـهِ الْـغُـرِّ مَـوْكِـبَـا
هُــمَــا كَــوْكَـبَـا سَـعْـدٍ أَنَـافَـا وَأَشْـرَقَـا
فَــلَا أَفَــلَا مَــا أَطْــلَـعَ الـلَّـيْـلُ كَـوْكَـبَـا
سَـمَـاعُـكَ قَـوْلِـي مِـنْ أَجَـلِّ جَـوَائِـزِي
فَــقُـلْ لِـلُّـهَـى مَـهْـلًا فَـمَـا حُـلِّـلَ الـرِّبَـا
سَأُثْـنِـي بِـقَـدْرِ الْـجَـهْـدِ لِـلْـعِـيِّ غَـالِـبًـا
وَلَا أَبْــتَــغِــي مَــا تَـسْـتَـحِـقُّ فَأُغْـلَـبَـا
وَلَـوْ كُـنْـتُ أَرْجُـو أَنْ تَـقُـومَ مَـدَائِـحِـي
بِأَيْــسَــرِ مَــا تَأْتِـي لَأَشْـبَـهْـتُ أَشْـعَـبَـا
أَصَــارَ لِــمَـاءِ الْـمَـدْحِ جُـودُكَ مَـسْـرَبَـا
وَأَصْـفَـيْـتَـهُ مِـنْ جُـودِكَ الْـغَـمْـرِ مَشْرَبَا
فَـلَا عُـذْرَ لِـلـشِّـعْـرِ الَّـذِي فَـاضَ بَـحْـرُهُ
إِذَا لَـمْ يَـكُـنْ فِـي وَصْـفِ فَضْلِكَ مُطْنِبَا
وَهَـذِي الْـمَـسَـاعِـي عَـنْ صِـفَـاتِي غَنِيَّةٌ
وَلَـــكِـــنَّـــهَــا لَــمْ تُــمْــلِ إِلَّا لِأَكْــتُــبَــا
وَلَا بَـرِحَ الْـمُـولِـي بِـكَ الْـعَـدْلَ مَـانِـعًـا
مَـكَـانَـكَ مَـنْ أَعْـلَـى مِـنَ النَّاسِ أَوْ حَبَا
وَلَا زِلْـتَ تَـجْـلُـو الْـحَـادِثَـاتِ وَتَـجْـتَلِي
عَـذَارَى الْـقَـوَافِـي مَا جَلَا الصُّبْحُ غَيْهَبَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الفاطمي

عن الشاعر

«ابن حيُّوس»: يُعدُّ واحدًا من أشعر شعراء الشام في العصر العباسي، سخَّر معظم شعره في المدح لاسيما مدح الفاطميين.

وُلد «محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس الدمشقي» في دمشق عام ١٠٠٣م، وكان يُلقب ﺑ«مصطفى الدولة» و«الأمير» و«أبو الفتيان»، وهو ينحدر من قبيلة «غني بن أعصر» ذات المكانة الرفيعة وهي من العرب العدنانية. كانت عائلة أمه من أهل العلم والتقوى وجده لأمه هو القاضي «أبو العباس أحمد بن هارون» قاضي غوطة دمشق، بينما كان أبوه من أمراء العرب ما مكنه من التقرب من الولاة والوزراء، ثم أصبح يقدم لهم المدائح ويفرد لهم القصائد فآثروه بالجوائز والتكريم. اضطر «ابن حيوس» إلى ترك «دمشق» بعد أن أصبحت في يد الأتراك السلاجقة الذين لا يفهمون الشعر العربي، وذهب إلى «طرابلس الشام»، ومنها إلى «حلب» وهناك امتدح الولاة والوزراء وصاحبهم. ومن قصائده الشهيرة «القصيدة اللامية» في مدح «أبا الفضائل سابق بن محمود» أخو الأمير «نصر»، وقد لازم لخليفة «الظاهر» وصار شاعره الخاص ودون في قصائده أعماله في الحرب والسياسة والإدارة والعمران وصحبه منذ دخوله إلى دمشق وحتى وفاته. وبعد ذلك مدح «ابن حيوس» عددًا من الخلفاء والوزراء المتعاقبين، ويُقال أنه لم يكن يقدم لهم تلك القصائد بغرض الحصول على المال؛ إذا لم تحتج إلى ذلك لانتسابه لأسرة عريقة واسعة الثراء. ترك «ابن حيوس» إرثًا كبيرًا من القصائد الشعرية في مدح الأمراء، وكان منقطعًا لبني مرداس أصحاب حلب وكتب فيهم القصائد الرنانة، وكان شعره يوضح ثقافته الواسعة في العربية وآدابها، فقد كان يشير إلى عيون من أطراف الأدب والتاريخ في الجاهلية والإسلام، ويحسن ضرب الأمثال بها، والاقتباس من أمثال السابقين وشعرهم. وكان يغلب على شعره الجد ولم يتطرق إلى موضوعات المجون ولا اللهو والعبث. توفي «ابن حيوس» عام ١٠٨١م في «حلب» ودُفن بمقبرة «بني الموصل».

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤