ذُدْ بِالْعَزَاءِ الْهَمَّ عَنْ طَلِبَاتِهِ

Wave Image
ذُدْ بِــالْـعَـزَاءِ الْـهَـمَّ عَـنْ طَـلِـبَـاتِـهِ
لَا تُـسْـخِـطَـنَّ الـلـهَ فِـي مَـرْضَـاتِهِ
لَـكَ مِـنْ سَـدَادِكَ مُـخْـبِـرٌ بَلْ مُذْكِرٌ
أَنَّ الــزَّمَــانَ جَـرَى عَـلَـى عَـادَاتِـهِ
أَثْــكَــلْــتَــهُ أَحْــدَاثَـهُ وَخُـطُـوبَـهُ
فَـاصْـبِـرْ لَـهُ إِنْ نَـالَ بَـعْـضَ تِـرَاتِهِ
صَـدَعَ الْـقُـلُـوبَ بِـمَا أَتَى مُسْتَيْقِنًا
أَنْ لَا يُــذَمَّ وَأَنْـتَ مِـنْ حَـسَـنَـاتِـهِ
إِنَّ الَّــذِي عَــمَّ الْأَنَــامَ مُــصَــابُــهُ
وَتَـشَـعَّـبَـتْ شُـعَـبُ الْـمُنَى بِوَفَاتِهِ
أَمَـلُـوا شَـتَاتَ الشَّمْلِ خُيِّبَ ظَنُّهُمْ
أَنَّـى وَقَـدْ مُـلِّـكْـتَ جَـمْـعَ شَـتَـاتِـهِ
لَــمَّــا رَأَى أَنَّ الــشَّــبِـيـبَـةَ لِـلْـعُـلَا
وَزَرٌ وَبَـانَ الـضَّـعْـفُ فِـي حَـرَكَاتِهِ
وَلَّاكَ مِــنْــهَــا مَــا تَــوَلَّــى بُــرْهَـةً
وَفَـدَى حَـيَـاتَـكَ رَاضِـيًـا بِـحَـيَـاتِهِ
فَـلِـذَاكَ لَاقَـى يَـوْمَـهُ مُـسْـتَـبْـشِـرًا
حَـتَّـى ظَـنَـنَّـا الْـمَـوْتَ بَـعْـدَ عُفَاتِهِ
وَقَـضَـى عَـلِـيـمًـا أَنْ تَـقُومَ مَقَامَهُ
بَـعْـدَ الْـفِـرَاقِ فَـلَـمْ يَـفُـهْ بِـوَصَاتِهِ
مُــلِّــيــتَ مَــا وُرِّثْــتَــهُ مِــنْ عِـزِّهِ
وَوُقِـيـتَ بِـالْـمَـسْمُوعِ مِنْ دَعَوَاتِهِ
فَـلَـقَـدْ مَـضَـى تَـرْجُو الْمَمَالِكُ رَدَّهُ
فَـتَـسُـومُـهُ وَتَـخَـافُ مِنْ سَطَوَاتِهِ
فَـبَـكَـاهُ ثَـغْـرٌ كَـانَ عِـصْـمَـةَ أَهْـلِـهِ
وَمَـــعَــاذَ قَــاصِــدِهِ وَعِــزَّ وُلَاتِــهِ
أَجْـنَـاهُ رَبُّ الْـعَـرْشِ غَـرْسَ فَـعَالِهِ
وَقَـضَـى لَـهُ بِـالْـخُـلْـدِ فِـي جَـنَّاتِهِ
بِـالـرِّفْـقِ أَدْرَكَ وَادِعًـا مَـا لَـمْ يَـنَـلْ
أَنْـخَـى الْـمُـلُـوكِ بِـكُـمْـتِـهِ وَكُـمَاتِهِ
حَــتَّــى لَــخِــلْـنَـاهُ نَـبِـيًّـا مُـرْسَـلًا
وَمَــحَــاسِـنُ الْأَخْـلَاقِ مِـنْ آيَـاتِـهِ
فَـامْـلِـكْ بِـمَـا مَـلَـكَ الْقُلُوبَ مُكَذِّبًا
مَــنْ ظَــنَّ أَنَّ مَــمَـاتَـهَـا بِـمَـمَـاتِـهِ
مَـا لِـي ظَـلِـلْـتُ مُـنَـبِّـهًـا ذَا يَـقْظَةٍ
يَأْتِــي مِــنَ الْإِحْـسَـانِ مَـا لَـمْ آتِـهِ
أَمْــوَالُــهُ مَــرْفُــوضَــةٌ كَــعُــدَاتِـهِ
وَصِــلَاتُــهُ مَــفْـرُوضَـةٌ كَـصَـلَاتِـهِ
وَإِذَا أَزَارَ الــطِّــرْسَ نِـقْـسَ دَوَاتِـهِ
أَيْـقَـنْـتَ أَنَّ الْـفَـضْـلَ مِـنْ أَدَوَاتِـهِ
مَـا زَالَ يَـثْـنِـي الـدَّهْرَ عَنْ عَزَمَاتِهِ
فَــيَــفُــلُّـهَـا وَيَـجُـودُ فِـي أَزَمَـاتِـهِ
تُـمْسِي كِرَامُ الْعَصْرِ بَعْضَ ضُيُوفِهِ
وَيَـبِـيـتُ فِـعْـلُ الْخَيْرِ مِنْ صَبَوَاتِهِ
وَأَسَــدُّ مَــنْ أَسْــدَى يَـدًا مَأْثُـورَةً
مَـنْ أَوْدَعَ الْـمَـعْـرُوفَ عِـنْـدَ ثِـقَاتِهِ
صَـبْـرًا جَـلَالَ الْمُلْكِ تُحْمَدْ غِبَّ مَا
خُــوِّلْــتَــهُ فَــالــصَّــبْـرُ مِـنْ آلَاتِـهِ
لَا تُــشْــعِــرَنَّ الـدَّهْـرَ أَنَّـكَ جَـازِعٌ
مِــنْ فِـعْـلِـهِ فَـيَـلَـجَّ فِـي غَـدَرَاتِـهِ
فَـلَأَنْـتَ مَـجْـدُ مُلُوكِ دَهْرِكَ فَلْيَعُدْ
عَـنْ قَـوْلِـهِ مَـنْ قَـالَ مَـجْدُ قُضَاتِهِ
وَلَــقَـدْ عَـلِـمْـنَـا أَنَّ بَـيْـنَـكُـمُ الَّـذِي
لَا تَـرْحَـلُ الْـعَـلْـيَـاءُ عَـنْ حُـجُـرَاتِهِ
وَافَــاكَ مِــنِّـي ذَا الْـكَـلَامُ مُـعَـزِّيًـا
بَـلْ رَاغِـبًـا فِـي الـصَّـفْحِ عَنْ زَلَّاتِهِ
قَــوْلٌ أَتَـى عَـنْ عِـلَّـةٍ وَفَـجِـيـعَـةٍ
فَـاقْـبَـلْـهُ مَـسْـتُـورًا عَـلَـى عِـلَّاتِـهِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الفاطمي

عن الشاعر

«ابن حيُّوس»: يُعدُّ واحدًا من أشعر شعراء الشام في العصر العباسي، سخَّر معظم شعره في المدح لاسيما مدح الفاطميين.

وُلد «محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس الدمشقي» في دمشق عام ١٠٠٣م، وكان يُلقب ﺑ«مصطفى الدولة» و«الأمير» و«أبو الفتيان»، وهو ينحدر من قبيلة «غني بن أعصر» ذات المكانة الرفيعة وهي من العرب العدنانية. كانت عائلة أمه من أهل العلم والتقوى وجده لأمه هو القاضي «أبو العباس أحمد بن هارون» قاضي غوطة دمشق، بينما كان أبوه من أمراء العرب ما مكنه من التقرب من الولاة والوزراء، ثم أصبح يقدم لهم المدائح ويفرد لهم القصائد فآثروه بالجوائز والتكريم. اضطر «ابن حيوس» إلى ترك «دمشق» بعد أن أصبحت في يد الأتراك السلاجقة الذين لا يفهمون الشعر العربي، وذهب إلى «طرابلس الشام»، ومنها إلى «حلب» وهناك امتدح الولاة والوزراء وصاحبهم. ومن قصائده الشهيرة «القصيدة اللامية» في مدح «أبا الفضائل سابق بن محمود» أخو الأمير «نصر»، وقد لازم لخليفة «الظاهر» وصار شاعره الخاص ودون في قصائده أعماله في الحرب والسياسة والإدارة والعمران وصحبه منذ دخوله إلى دمشق وحتى وفاته. وبعد ذلك مدح «ابن حيوس» عددًا من الخلفاء والوزراء المتعاقبين، ويُقال أنه لم يكن يقدم لهم تلك القصائد بغرض الحصول على المال؛ إذا لم تحتج إلى ذلك لانتسابه لأسرة عريقة واسعة الثراء. ترك «ابن حيوس» إرثًا كبيرًا من القصائد الشعرية في مدح الأمراء، وكان منقطعًا لبني مرداس أصحاب حلب وكتب فيهم القصائد الرنانة، وكان شعره يوضح ثقافته الواسعة في العربية وآدابها، فقد كان يشير إلى عيون من أطراف الأدب والتاريخ في الجاهلية والإسلام، ويحسن ضرب الأمثال بها، والاقتباس من أمثال السابقين وشعرهم. وكان يغلب على شعره الجد ولم يتطرق إلى موضوعات المجون ولا اللهو والعبث. توفي «ابن حيوس» عام ١٠٨١م في «حلب» ودُفن بمقبرة «بني الموصل».

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤