نَشَدْتُكَ لَا تُعْدِمِ الرَّاحَ رَاحَا

Wave Image
نَــشَــدْتُـكَ لَا تُـعْـدِمِ الـرَّاحَ رَاحَـا
وَلَا تَـمْـنَـعَـنَّ الـصَّـبُـوحَ الـصَّبَاحَا
فَقَدْ أَصْبَحَ الْغَيْثُ يَكْسُو الْجَمَالَ
وُجُـوهًـا مِنَ الْأَرْضِ كَانَتْ قِبَاحَا
يُــعِــيــدُ إِلَــى الْــعُــودِ إِيــرَاقَــهُ
وَيَــهْــتَـزُّهُ بِـالـنَّـسِـيـمِ ارْتِـيَـاحَـا
بَــكَــى رَحْــمَـةً لِـجُـدُوبِ الْـبِـلَادِ
وَحَـنَّ اشْـتِـيَـاقًـا إِلَـيْـهَـا فَـسَـاحَا
وَسَــحَّ كَــمَــا غَــلَـبَ الْـمُـسْـتَـهَـا
مَ وَجْـدٌ فَـأَجْـرَى دُمُـوعًـا وَبَـاحَا
كَــأَنَّ الْــغُـيُـومَ جُـيُـوشٌ تَـسُـومُ
مِـنَ الْـعَدْلِ فِي كُلِّ أَرْضٍ صَلَاحَا
إِذَا قَـاتَـلَ الْـمَـحْـلَ فِـيـهَـا الْغَمَامُ
بِـصَـوْبِ الـرِّهَـامِ أَجَـادَ الْـكِـفَاحَا
فَــوَافَــاهُ يَــحْــمِــلُ مِــنْ طَــلِّــهِ
وَمِــنْ وَبْــلِــهِ لِلِّــقَــاءِ الـسِّـلَاحَـا
يُـقَـرْطِـسُ بِـالـطَّـلِّ فِـيـهِ السِّهَامَ
وَيُـشْـرِعُ بِـالْـوَبْـلِ فِـيـهِ الـرِّمَاحَا
وَسَــلَّ عَــلَـيْـهِ سُـيُـوفَ الْـبُـرُوقِ
فَـأَثْـخَـنَ بِـالـضَّرْبِ فِيهِ الْجِرَاحَا
تَـرَى أَلْـسُـنَ الـنَّـوْرِ تُـثْـنِـي عَـلَيْهِ
فَـتَـعْـجَـبُ مِـنْـهُنَّ خُرْسًا فِصَاحَا
كَــأَنَّ الــرِّيَــاضَ عَـذَارَى جَـلَـوْنَ
عَــلَــيْــكَ مَــلَابِـسَـهُـنَّ الْـمِـلَاحَـا
وَقَـدْ غَـادَرَ الْـقَـطْـرُ مِـنْ فَـيْـضِـهِ
غَـدِيـرًا هُـوَ الـسَّـيْلُ حَلَّ الْبِطَاحَا
إِذَا صَـافَـحَـتْـهُ هَـوَافِـي الـرِّيَـاحِ
تَـمَـوَّجَ كَـالـطِّـرْفِ رَامَ الْـجِـمَـاحَا
وَدِيـكًـا تَـرَى الـصُّـفْـرَ جِـسْـمًـا لَهُ
وَمِـنْ فِـضَّـةٍ رِيـشَـهُ وَالْـجَـنَـاحَـا
إِذَا الْـــمَــاءُ رَاسَــلَــهُ بِــالْــخَــرِيـ
ـرِ أَحْـسَـنَ تَـغْـرِيـدَهُ وَالـصِّـيَـاحَا
لَــهُ شِـيـمَـتَـانِ مِـنَ الْـمَـكْـرُمَـاتِ
يُــرِيــكَ الْـوَقَـارَ بِـهَـا وَالْـمِـرَاحَـا
إِذَا هَـــمَّ مِــنْ طَــرَبٍ أَنْ يَــطِــيـ
ـرَ لَـمْ يَـسْـتَـطِـعْ مِنْ حَيَاءٍ بَرَاحَا
إِذَا مَــا تَــغَــنَّــى أَغَــارَ الْـحَـمَـامَ
فَـــرَجَّــعَ أَلْــحَــانَــهُ ثُــمَّ نَــاحَــا
غَـدَاةٌ غَـدَا الْـيَـوْمُ فِـيـهَا صَرِيحًا
وَأَضْـحَـى الْـغَـمَـامُ لَدَيْهَا صُرَاحَا
كَــأَنَّ حَــيَــاهَــا يُـجَـارِي الْأَمِـيـرَ
لِـيُـشْـبِـهَ مَـعْـرُوفَـهُ وَالـسَّـمَـاحَـا
وَكَــيْــفَ يُــشَـاكِـلُ مَـنْ لَا يُـغِـبُّ
مَــجْــدًا مَـصُـونًـا وَمَـالًا مُـبَـاحَـا
أَعَــمَّ نَــوَالًا مِــنَ الْــبَـحْـرِ فَـاضَ
وَأَطْـيَـبَ نَـشْرًا مِنَ الْمِسْكِ فَاحَا
فَـدُونَـكَ فَـاشْرَبْ كُئُوسًا تُصِيبُ
مِــزَاجًـا لَـهُـنَّ الـسُّـرُورَ الْـقِـرَاحَـا
إِذَا مَــا جَـلَـوْنَـا عَـرُوسَ الْـمُـدَامِ
أَجَـالَ الْـحَـبَـابُ عَـلَـيْـهَـا وِشَاحَا
وَقَـدْ فَـسَـحَ الْـوَصْـلَ لِلْـعَـاشِقِينَ
فَـصَـادَفَ مِـنْـهُـمْ صُدُورًا فِسَاحَا
إِذَا كَــرُمَ الــدَّهْــرُ فِــي عَـصْـرِنَـا
فَـكَـيْـفَ نَـكُـونُ عَـلَـيْـهِ شِـحَـاحَا

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قال ابن الخياط هذه القصيدة — وقد حضر الشراب في غداة مطيرة توالى فيها الغيث بعد مَحْل، وهناك تمثال ديك في وسط بركة دار الأمير عضب الدولة رحمه الله يجري الماء من أجنحته وذَنَبه — بديهًا يصف ذلك تلك القصيدة.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المتقارب
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤