يَا نَاظِرَ التُّرْكِ قَدْ فَارَتْ مَرَاجِلُهُمْ

Wave Image
يَـــا نَـــاظِــرَ الــتُّــرْكِ قَــدْ فَــارَتْ مَــرَاجِــلُــهُــمْ
بَـــيْـــنَ الـــدُّرُوبِ وَفِـــي عَــرْضِ الْــمَــيَــادِيــنِ
قُــلْ لِــلْــبَــرَاكِــيــنِ كُــفِّــي نَــحْــنُ فِــي شُـغُـلٍ
ذَا الْـــيَـــوْمَ عَـــنْـــكِ بِـــبُـــرْكَــانِ الْــبَــرَاكِــيــنِ
هَـــلِ الْـــجِــبَــالُ الــرَّوَاسِــي عِــنْــدَهَــا خَــبَــرٌ
بِـــمَـــا تَـــصَـــدَّعَ مِـــنْ شُـــمِّ الْـــعَـــرَانِـــيـــنِ؟
وَهَــلْ رَأَى الـنَّـسْـرُ شَـيْـئًـا فِـي الـسَّـمَـاءِ حَـكَـى
مَـــا هَـــزَّ يَـــلْـــدِزَ مِـــنْ بَأْسِ الـــشَّـــوَاهِــيــنِ؟
قَــالُــوا: لَــقَــدْ خَــرَّ مِــنْ صَــرْحِ الْــعُــلَا وَهَـوَى
ذُو الـــسُّـــلْــطَــتَــيْــنِ وَرُبُّ الْــكَــافِ وَالــنُّــونِ
أَهْــوِلْ بِــهَــا صَــيْــحَــةً فِــي الْـكَـوْنِ قَـاصِـفَـةً
تُـــزَلْـــزِلُ الْأَرْضَ مِـــنْ حِـــيـــنٍ إِلَـــى حِــيــنِ؟
وَتَـــقْـــشَـــعِـــرُّ لَـــهَــا الــتِّــيــجَــانُ مِــنْ فَــزَعٍ
فَـــوْقَ الْـــعُــرُوشِ عَــلَــى هَــامِ الْــخَــوَاقِــيــنِ
تَـــالــلــهِ إِنْ صَــدَقُــوا فِــي قَــوْلِــهِــمْ كَــذَبَــتْ
أَلْـــقَـــابُ ذِي الْـــمُــلْــكِ مِــنْ عِــزٍّ وَتَــمْــكِــيــنِ
يَـــا نَـــائِـــمًـــا وَالْـــقَـــنَـــا غَـــابٌ تَـــحُــفُّ بِــهِ
أَفِــــــقْ فَــــــرُبَّ أَمَـــــانٍ غَـــــيْـــــرِ مَأْمُـــــونِ
وَانْــظُــرْ حَــوَالَــيْــكَ مِــنْ خَــوْفٍ وَمِــنْ حَــذَرٍ
فَــالْــغَــابُ مُــذْ خُــلِــقَــتْ مَأْوَى الــسَّــرَاحِـيـنِ
لَمْ تَأْمَنِ الشَّمْسُ — وَهْيَ الشَّمْسُ — مَا خَبَأَتْ
لَـــهَـــا الْـــمَـــقَـــادِيـــرُ فِــي طَــيِّ الْأَحَــايِــيــنِ
«عَـبْـدَ الْـحَـمِـيـدِ» سَـيُـحْـصَـى مَـا صَـنَـعْتَ غَدًا
بَـــيْـــنَ الْأَنَـــامِ وَيُـــلْـــقَـــى فِـــي الْــمَــوَازِيــنِ
إِنْ يَـرْجَـحِ الْـخَـيْـرُ — نِـعْـمَ الْخَيْرُ مِنْ عَمَلٍ —
دَخَـــلْـــتَ فِـــي زُمْـــرَةِ الْـــغُــرِّ الْــمَــيَــامِــيــنِ
أَوْ يَــغْــلِــبِ الــشَّـرُّ — لَا كَـانَـتْ عِـصَـابَـتُـهُ —
عُـــدِدْتَ فِـــي صَـــرْحِـــهِ أَقْــوَى الْأَسَــاطِــيــنِ
إِنْ لَــمْ تَــكُــنْ — لَا ثَــنَـاكَ الـدَّهْـرُ عَـنْ أَمَـدٍ —
شَــيْــخَ الــسَّــلَاطِــيــنِ كُـنْ شَـيْـخَ الْـفَـرَاعِـيـنِ
إِنَّـــا عَـــهِـــدْنَـــاكَ لَا تَــرْضَــى إِذَا اسْــتَــبَــقَــتْ
صِــيـدُ الْـمُـلُـوكِ — إِلَـى الْـغَـايَـاتِ — بِـالـدُّونِ
لَا يُـــرْهِـــقَـــنَّــكَ حُــكْــمُ الــنَّــاسِ فَــهْــوَ غَــدًا
مُــسْــتَأْنَــفٌ عِــنْــدَ سُــلْــطَــانِ الــسَّــلَاطِــيــنِ
يَــا قَــوْمَ عُــثْــمَــانَ حَــيُّــوا فِــي مَــعَــاهِـدِكُـمْ
عَــصْــرَ الــرَّشَــادِ وَرِيــشُــوا الْــبَأْسَ بِــالــلِّــيـنِ
إِنْ تَــنْــصُــرُوهُ تَــرَوْا تَــحْــقِــيـقَ مَـا طَـمَـحَـتْ
إِلَـــيْـــهِ أَنْـــفُـــسُ هَـــاتِـــيـــكَ الْـــمَـــلَايِـــيـــنِ
الْـــحَـــقُّ أَبْـــلَـــجُ سُـــلُّـــوا دُونَ بَـــيْـــضَـــتِـــهِ
قَــبْــلَ الــسُّــيُــوفِ سُــيُــوفًــا مِــنْ بَــرَاهِــيــنِ
لَا تَـــلْـــبَـــسُـــوا ثَـــوْبَـــهُ بَـــيْـــنَ الْأَنَـــامِ غَــدًا
مُـــلَـــطَّـــخًـــا بَـــدَمِ الْـــقَـــوْمِ الْــمَــسَــاكِــيــنِ
•••
يَـــا مُـــقْـــفِـــرَ الْـــمُـــلْـــكِ إِلَّا مِـــنْ جَــلَالَــتِــهِ
وَمُـــلْـــبِـــسَ الْـــقَـــوْمِ ثَــوْبَ الْــعِــزِّ وَالْــهُــونِ
وَجَــــاعِـــلَ الْأَمْـــرِ وَالْأَحْـــكَـــامِ بَـــيْـــنَـــهُـــمُ
سِـــرَّ الْـــمَـــلَائِـــكِ أَوْ سِـــرَّ الـــشَّـــيَـــاطِـــيــنِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قال الشاعر هذه القصيدة في ثورة الأتراك وخلع السلطان عبد الحميد، وتولية السلطان محمد الخامس سنة ١٩٠٩م.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

إسماعيل صبري باشا: ولد في مصر بمدينة القاهرة عام ١٨٥٤م، وتلقى الدروس الثانوية في المدارس المصرية، ونال شهادة الليسانس في الحقوق من كلية مدينة إكس في فرنسا سنة ١٨٧٨م، حيث وصلها مع إحدى البعثات الفرنسية، ولما عاد إلى مصر تنقل في مناصب القضاء والإدارة حيث شغل وظائف القضائيين، كما عُين رئيسًا لمحكمة الإسكندرية الأهلية، ثم محافظًا للإسكندرية، فوكيلًا لوزارة العدلية «الحقانية»، ولما بلغ الستين أحيل للتقاعد ففتح داره التي صارت منتدى الشعراء والأدباء.

يعد إسماعيل صبري من شعراء الطبقة الأولى في العصر الحديث، كان يكتب شعره على هوامش الكتب والمجلات، وينشره أصدقاؤه خلسة، حيث كان كثيرًا ما يمزق قصائده صائحًا: «إن أحسن ما عندي ما زال في صدري!» وقد امتاز شعره بقوة الخيال ورقة وعذوبة المعنى، وحب الفن والجمال، وخفة الروح، كان يكتب أحيانًا مقطوعات قصيرة، وأحيانًا أخرى قصائد طويلة، ولشعر صبري مسحة من الترف الحضري واللين والجلاء، وعلى الرغم من سهولة ألفاظه إلا أنه كان شعرًا محملًا بالمعاني الجليلة. كما كان نثره أشد تأثيرًا في النفس وأثبت أثرًا.

وقد نظم صبري الكثير من الشعر الغنائي والأدوار والمواويل، وقال في المديح والتهاني والتقاريض والهجاء، كما قال في الوصف والاجتماعات والسياسات والإلهيات والمراثي والأناشيد. كان شاعرنا وطنيًّا ومثاليًّا، فمثلًا لم يزر أي إنجليزي قط، وكانت له في السياسة مواقف مشرفة مثل وقعة حادثة دنشواي المؤلمة التي نظم فيها قصيدة معبرة، وقيل إن كرومر كان يريد التمهيد لجعله رئيسًا للوزارة؛ فرد عليه بالقول: «لن أكون رئيسًا للوزارة وأخسر ضميري!»

توفي عام ١٩٢٣م، ودفن في مقبرة الإمام الشافعي في القاهرة، وأقيم له حفل تأبين كبير تبارى فيه الشعراء والخطباء لمواقفه النزيهة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤