كَلِمَةُ مُعْتَبَرٍ

Wave Image
أَقْـوَى مَـصِـيـفُ الْـقَـوْمِ وَالْمَرْبَعُ
فَــالــدَّارُ قَــفْــرٌ بَـعْـدَهُـمْ بَـلْـقَـعُ
سَــارَتْ بِــنَـا الْأَرْضُ إِلَـى غَـايَـةٍ
لَــنَــا وَلَــلْأَرْضُ هِــيَ الْــمَـرْجِـعُ
وَنَــحْــنُ كَــالْـمَـاءِ جَـرَى نَـابِـعًـا
لَــكِــنْ عَــلَـيْـنَـا خَـفِـيَ الْـمَـنْـبَـعُ
وَالْــعِــلْـمُ قَـدْ أَنْـكَـرَ مِـنْـهَـاجَـنَـا
وَلَــمْ يَــبِــنْ أَيْــنَ هُـوَ الْـمَـهْـيَـعُ
خَـــرَقْــتَ يَــا عِــلْــمُ رِدَاءً لَــنَــا
كُــنَّــا ارْتَــدَيْــنَــاهُ فَــهَـلْ تَـرْقَـعُ
فَــجَـعْـتَـنَـا يَـا عِـلْـمُ فِـي أَمْـرِنَـا
أَمُـــعْـــتِـــبٌ أَنْــتَ إِذَا تَــجْــزَعُ
لَـقَـدْ طَـغَـتْ حَـيْـرَةُ أَهْـلِ النُّهَى
هَــلْ فِـيـكَ يَـا عِـلْـمُ لَـهَـا مَـرْدَعُ
كَـمْ نَـشْـرَبُ الـظَّـنَّ فَـلَا نَـرْتَـوِي
وَنَأْكُــلُ الْــحَــدْسَ فَــلَا نَـشْـبَـعُ
وَالـنَّـاسُ وَيْـلُ الـنَّاسِ فِي غَفْلَةٍ
تَــرْتَــعُ وَالْــمَــوْتُ بِــهِــمْ يَـرْتَـعُ
وَالْـــكَـــوْنُ قَـــدْ لَاحَ بِــمِــرْآتِــهِ
لِـلْـعَـيْـشِ وَجْـهٌ شَـاحِـبٌ أَسْـفَعُ
وَإِنَّ فِــي الْــبَــدْرِ لَــخَــطْـبًـا بِـهِ
فِــي الْــبَــدْرِ لَاحَــتْ بُـقَـعٌ أَرْبَـعُ
فَـالْـعَـيْـنُ مَـا يُـورِثُ حُـزْنًـا تَرَى
وَالْأُذْنُ مَــا يُــزْعِــجُـهَـا تَـسْـمَـعُ
وَالْأَرْضُ فِـي مُـنْـقَـلَـبٍ بِـالْـوَرَى
وَالـشَّـمْـسُ مِـنْ مَـشْـرِقِـهَا تَطْلُعُ
حَـتَّـى إِذَا مَـا بَـلَـغَـتْ شَـوْطَـهَـا
لَاحَـتْ نُـجُـومٌ فِـي الدُّجَى تَلْمَعُ
وَهَـكَـذَا الـظُّـلْـمَـةُ تَـتْـلُـو الـضِّيَا
وَالـضَّـوْءُ لِـلـظُّـلْـمَـةِ يَـسْـتَـتْـبِـعُ
وَنَــحْــنُ فِــي ذَاكَ وَفِــي هَــذِهِ
بِـالـنَّـوْمِ وَالْـيَـقْـظَـةِ نَـسْـتَـمْـتِـعُ
مَـا بَـيْـنَ مَـسْعُودٍ يُمِيتُ الدُّجَى
نَــوْمًــا وَمَــنْــكُـودٍ فَـلَا يَـهْـجَـعُ
وَمُــسْــرِعٌ يَــسْــبِــقُــهُ مُـبْـطِـئٌ
وَمُــبْــطِــئٌ يَــسْــبِــقُـهُ مُـسْـرِعُ
وَشَـامِـتٍ يَـضْـحَـكُ مِـنْ حَادِثٍ
حَـــلَّ بِــبَــاكٍ قَــلْــبُــهُ مُــوجَــعُ
لَــوْ كَــانَ لِـلْـقَـسْـوَةِ عَـيْـنٌ وَقَـدْ
رَأَتْــهُ كَــانَــتْ عَــيْــنُــهَـا تَـدْمَـعُ
وَالْــكُـلُّ فِـي شَـغْـبٍ لَـهُـمْ دَائِـمٍ
لَـمْ يُـقْـلِـعُـوا عَـنْـهُ وَلَـنْ يُـقْلِعُوا
وَالْــمَــاءُ يَــمْــشِــي وَشَـلًا تَـارَةً
وَحَــــوْضُــــهُ آوِنَــــةً مُـــتْـــرَعُ
وَالـرِّيـحُ تَـجْـرِي وَهْـيَ رَيْـدَانَـةٌ
حِـيـنًـا وَحِـيـنًـا عَـاصِـفٌ زَعْـزَعُ
وَبَــعْــضُــهُــمْ تُــمْــرِعُ وِدْيَــانُـهُ
وَبَــعْــضُــهُــمْ وَادِيــهِ لَا يُـمْـرِعُ
•••
قَــدْ يَــحْـسُـبُ الْإِنْـسَـانُ آمَـالَـهُ
وَالْـمَـوْتُ مُـصْـغٍ نَـحْـوَهُ يَـسْـمَعُ
حَــتَّــى إِذَا أَكْــمَــلَ حُـسْـبَـانَـهَـا
وَافَــاهُ مَــا لَــيْــسَ لَــهُ مَــدْفَــعُ
فَــخَــرَّ لِــلْــجَـنْـبِ صَـرِيـعًـا بِـهِ
وَأَيُّ جَــنْــبٍ مَــا لَــهُ مَـصْـرَعُ؟!
وَظَــلَّ فَـوْقَ الْأَرْضِ فِـي حَـالَـةٍ
يَــزْوَرُّ عَــنْـهَـا الْـحَـسَـبُ الْأَرْفَـعُ
لَا تَــعْــمَــلِ الْأَقْــلَامُ فِــي كَـفِّـهِ
وَكَــانَ مِــنْ قَــبْـلُ بِـهَـا يَـصْـدَعُ
وَلَــمْ تَــعُــدْ تَــقْــطَــعُ أَسْـيَـافُـهُ
مِــنْ بَـعْـدِ مَـا كَـانَ بِـهَـا يَـقْـطَـعُ
فَاسْتُلَّ مِثْلَ السَّيْفِ مِنْ مُطْرَفٍ
طَــرَائِــقُ الْــوَشْــيِ بِــهِ تَــلْـمَـعُ
وَلُـــفَّ فِـــي ثَـــوْبٍ لَــهُ وَاحِــدٍ
لَـــيْـــسَ لَــهُ رَقْــمٌ وَلَا مِــيــدَعُ
وَاهًـــا لَــهُ ثَــوْبُ الْــبِــلَــى إِنَّــهُ
يَـبْـلَـى مَـعَ الْـجِـسْـمِ وَلَا يُـنْـزَعُ
وَدُسَّ حَـيْـثُ الْأَرْضُ أَمْـسَتْ لَهُ
مَـلْـحُـودَةً ضَـاقَ بِـهَـا الْـمَـضْجَعُ
حَـيْـثُ الْـبِـلَـى يَـرْمِيهِ حَتَّى إِذَا
لَـمْ يَـبْـقَ فِـي قَوْسِ الْبِلَى مَنْزِعُ
خَــالَـطَ تُـرْبَ الْأَرْضِ جُـثْـمَـانُـهُ
مَــطْـحُـونَـةً مِـنْـهُ بِـهَـا الْأَضْـلُـعُ
لِــلــهِ دَرُّ الْــمَــوْتِ مِــنْ خُــطَّــةٍ
فِـيهَا اسْتَوَى ذُو الْعِيِّ وَالْمِصْقَعُ
يَـخُـونُ فِـيـهَـا الْـقَـوْلُ مِـنْطِيقَهُ
كَــمَــا تَــخُــونُ الْــبَـطَـلَ الْأَدْرُعُ
مَــا أَقْــدَرَ الْـمَـوْتَ فَـمِـنْ هَـوْلِـهِ
لَــمْ يَــنْــجُ لَا كِــسْــرَى وَلَا تُـبَّـعُ
يَــا رَافِــعَ الْــبُـنْـيَـانِ مَـا لِـلـرَّدَى
مِــنْ سُــلَّــمٍ يُــدْرِكُ مَــا تَــرْفَــعُ
وَيَـا طَـبِـيـبَ الْـقَـوْمِ لَا تُـؤْذِهِـمْ
إِنَّ دَوَاءَ الْـــمَـــوْتِ لَا يَـــنْــجَــعُ
لَا بُــدَّ لِــلْــمَــغْــرُورِ مِــنْ مَـنْـدَمٍ
بِـالْـعَـضِّ تَـدْمَـى عِـنْـدُهُ الْأُصْبُعُ
وَمَـا عَسَى تُغْنِي وَقَدْ حَشْرَجَتْ
نَــدَامَــةٌ لَــيْــسَــتْ إِذَنْ تَــنْـفَـعُ
يَــا بُــرْقُــعَ الْـخِـلْـقَـةِ وَاهًـا لِـمَـا
فِــيــكَ وَآهًــا مِــنْــكَ يَـا بُـرْقُـعُ
قَـدْ زَاغَـتِ الْأَبْـصَـارُ فِـيـمَـا تَرَى
إِذْ فَــاتَ عَــنْـهَـا سِـرُّكَ الْـمُـودَعُ
وَلَـيْـسَ فِـي الْإِمْكَانِ عِنْدَ النُّهَى
أَبْــدَعُ مِــمَّــا خَــلَــقَ الْــمُــبْـدِعُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: السريع
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤