عَجِبْتُ لِلطَّيْفِ يَا لَمْيَاءُ حِينَ سَرَى

Wave Image
عَـجِـبْـتُ لِـلـطَّيْفِ يَا لَمْيَاءُ حِينَ سَرَى
نَـحْوِي وَمَا جَالَ فِي عَيْنِي لَذِيذُ كَرَى
وَكَــيْـفَ تَـرْقُـدُ عَـيْـنٌ طُـولَ لَـيْـلَـتِـهَـا
تُـدَافِـعُ الْـمُـقْـلِـقَـيْـنِ الـدَّمْـعَ وَالـسَّهَرَا
بَـاتَـتْ وَسَاوِسُ فِكْرِي فِيكِ تَخْدَعُنِي
أَطْــمَــاعُــهَــا وَتُــرِيــنِــي آلَــهُ غُــدُرَا
أَحْـبَـابَـنَـا مَـا لِـدَمْـعِي كُلَّمَا اضْطَرَمَتْ
نَـارُ الْـجَـوَى بَيْنَ أَحْنَاءِ الضُّلُوعِ جَرَى
وَمَـا لِـصَـبْـرِي الَّـذِي قَـدْ كُـنْتُ أَذْخَرُهُ
عَـلَـى الـنَّـوَى نَـاصِرًا يَوْمَ النَّوَى غَدَرَا
وَمَـا لِـدَهْـرِي إِذَا اسْـتَسْقَيْتُ أَشْرَقَنِي
عَــلَـى الـظَّـمَـا وَسَـقَـانِـي آجِـنًـا كَـدِرَا
يُــصْــفِـي لِـغَـيْـرِي عَـلَـى رِيٍّ مَـوَارِدَهُ
ظُـلْـمًـا وَيُـورِدُنِـي الْـمُـسْـتَـوْبَلَ الْمَقِرَا
أَشْـكُـو إِلَـيْـهِ سَـقَـامًـا قَدْ بَرَى جَسَدِي
أَعْــيَــا الْأُسَــاةَ وَلَــوْ وَاصَــلْـتُـمُ لَـبَـرَا
وَلَـيْـلَـةٍ مِـثْـلِ مَـوْجِ الْـبَـحْـرِ بِـتُّ بِـهَـا
أُكَـابِـدُ الْـمُـزْعِـجَـيْنِ الْخَوْفَ وَالْخَطَرَا
حَــتَّــى وَرَدْتُ بِآمَــالِــي إِلَــى مَــلِــكٍ
لَــوْ رَامَ رَدًّا لِــمَــاضِــي أَمْــسِـهِ قَـدَرَا
فَأَصْــبَــحَ الــدَّهْـرُ مِـمَّـا كَـانَ أَسْـلَـفَـهُ
إِلَــيَّ فِــي سَــالِــفِ الْأَيَّــامِ مُــعْـتَـذِرَا
وَذَادَ عَــنِّـي الـرَّزَايَـا حِـيـنَ أَبْـصَـرَنِـي
بِـعِـزَّةِ الْأَمْـجَـدِ الـسُّـلْـطَـانِ مُـنْـتَـصِرَا
مَــلْــكٌ أَرَانَــا عَــلِـيًّـا فِـي شَـجَـاعَـتِـهِ
وَعِـــلْـــمِـــهِ وَأَرَانَـــا عَـــدْلُــهُ عُــمَــرَا
أَغَــرُّ مَــا نُــزِعَــتْ عَــنْــهُ تَــمَــائِــمُــهُ
حَــتَّــى تَــرَدَّى رِدَاءَ الْــمُــلْـكِ وَاتَّـزَرَا
مِــنْ آلِ أَيُّــوبَ أَغْــنَــتْــنَــا عَــوَارِفُـهُ
فِـي كَـالِحِ الْجَدْبِ أَنْ نَسْتَنْزِلَ الْمَطَرَا
ثَــبْــتُ الْــجَــنَــانِ لَــهُ حِــلْـمٌ يُـوَقِّـرُهُ
إِنْ خَـامَـرَ الـطَّـيْشُ رُكْنَيْ يَذْبُلٍ وَحِرَا
الْـفَـارِجُ الْـهَـبَـوَاتِ الـسُّـودَ يُـورِدُ فِـي
مَـوَاقِـعِ الـرَّاشِـقَـاتِ الْأَبْـيَـضَ الـذَّكَـرَا
وَمُـقْـدِمُ الْـخَـيْـلِ فِـي لَـبَّـاتِـهَـا قِـصَـدٌ
وَعَـاقِـرُ الْـبُدْنِ فِي يَوْمَيْ وَغًى وَقِرَى
وَخَـائِـضُ الْـهَـوْلِ وَالْأَبْـطَـالُ مُحْجِمَةٌ
لَا تَــسْــتَــطِــيــعُ بِــهِ وِرْدًا وَلَا صَـدَرَا
وَثَــابِــتُ الــرَّأْيِ أَغْــنَــتْ أَلْــمَـعِـيَّـتُـهُ
عَــنْ أَنْ يُــشَــارِكَــهُ فِـي رَأْيِـهِ الْـوُزَرَا
لَا يَـتَّـقِـي فِي الْوَغَى وَقْعَ الْأَسِنَّةِ بِالزَّ
غْــفِ الــدِّلَاصِ كَــفَــاهُ سَــيْــفُـهُ وَزَرَا
عَــارٍ مِـنَ الْـعَـارِ كَـاسٍ مِـنْ مَـفَـاخِـرِهِ
تَــكَــادُ عِــزَّتُــهُ تَــسْــتَــوْقِـفُ الْـقَـدَرَا
تَـمْـضِـي الْـمَـنَـايَـا بِـمَـا شَـاءَتْ أَسِنَّتُهُ
إِذَا الْـقَـنَـا بَيْنَ فُرْسَانِ الْوَغَى اشْتَجَرَا
تَـكَـادُ تُـخْـفِـي الـنُّـجُومُ الزُّهْرُ أَنْفُسَهَا
خَــوْفًــا وَيُــشْــرِقُ بَــهْــرَامٌ إِذَا ذُكِــرَا
يَـدْعُـو الْـعُـفَـاةَ إِلَـى أَمْـوَالِـهِ الْـجَفَلَى
إِذَا دَعَــا غَــيْـرُهُ فِـي الْأَزْمَـةِ الـنَّـقَـرَى
مِـنْ دَوْحَـةٍ شَـرُفَـتْ أَعْـرَاقُـهَـا وَزَكَتْ
مِـنْـهَـا الْـفُـرُوعُ وَطَابَتْ مَغْرِسًا وَثَرَى
لَــمَّــا تَــخَــيَّــرَنِــي أَرْوِي قَــصَــائِـدَهُ
مَـضَـيْـتُ قُـدْمًـا وَخَـلَّـفْـتُ الرُّوَاةَ وَرَا
فَـاعْـجَـبْ لِبَحْرٍ غَدَا فِي رَأْسِ شَاهِقَةٍ
مِــنَ الْـعَـوَاصِـمِ طَـامٍ يَـقْـذِفُ الـدُّرَرَا
شِـعْـرٌ سَـمَتْ بِاسْمِهِ الشِّعْرَى لِشِرْكَتِهَا
فِـيـهِ فَـقَـامَتْ تُبَاهِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَا
لَـوْ قَـامَ بَـعْـضُ رُوَاةِ الـشِّـعْـرِ يُـنْـشِدُهُ
يَــوْمًــا بِأَرْضِ أَزَالٍ أَخْــجَـلَ الْـحِـبَـرَا
سِــحْــرٌ وَلَــكِــنَّ هَــارُوتًــا وَصَـاحِـبَـهُ
مَــارُوتَ مَــا نُــهِــيَــا فِــيــهِ وَلَا أُمِـرَا
كَمْ قُمْتُ فِي مَجْلِسِ السَّادَاتِ أُنْشِدُهُ
فَــلَـمْ يَـكُـنْ لِـحَـسُـودٍ فِـي عُـلَاهُ مِـرَا
عَـجِـبْـتُ مِنْ مَعْشَرٍ كَيْفَ ادَّعَوْا سَفَهًا
مِــنْ بَــعْـدِ مَـا سَـمِـعُـوهُ أَنَّـهُـمْ شُـعَـرَا
لَـوْلَا الـتُّـقَـى قُـلْـتُ لَا شَـيْءٌ يُـعَـادِلُـهُ
أَسْـتَـغْـفِـرُ اللهَ إِلَّا «النَّمْلُ» وَ«الشُّعَرَا»
أَنَــا الَّـذِي سَـارَ فِـي الـدُّنْـيَـا لَـهُ مَـثَـلٌ
أَهْـدَيْـتُ مِـنْ سَـفَـهٍ تَـمْـرًا إِلَـى هَـجَرَا
جَـرَيْـتُ فِـي شَأْوِهِ أَبْـغِـي الـلَّحَاقَ بِهِ
فَــمَــا تَــعَــلَّـقْـتُ إِلَّا أَنْ ظَـفِـرْتُ بَـرَى
وَالـشِّـعْـرُ صَـيْـدٌ فَـهَـذَا جُـلُّ طَـاقَـتِـهِ
حَـرْشُ الـضِّـبَـابِ وَهَـذَا صَـائِـدٌ بَـقَـرَا
وَلَـيْـسَ مُـسْـتَـنْـزِلُ الْأَوْعَـالِ مِـنْ يَفَعٍ
كَـمَـنْ أَتَـى نَـفَـقَ الْـيَـرْبُـوعِ فَـاحْـتَفَرَا
وَإِنَّ مَـنْ شَـارَفَ الـتِّـسْـعِينَ فِي شُغُلٍ
عَـنِ الْـقَـوَافِـي جَـدِيـرٌ أَنْ يَـقُـولَ هُرَا

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الأيوبي

عن الشاعر

ابن عُنَين: هو أحد أبرز الشعراء العرب في العصر الأيوبي.

وُلد «أبو المحاسن حمد بن نصر الله بن الحسين بن عُنَين الأنصاري» بدمشق في عام ٥٤٩ﻫ/١١٤٥م، وكان يُلقَّب ﺑ «شرف الدين الكوفي» نِسبةً إلى أصله الكوفي كما قال.

عُرِف بهجائه اللاذع، حتى لقد ضاق به الناس ذرعًا، ولم يَسلَم أحدٌ منه في دمشق سوى القليل، حتى إن السلطان «صلاح الدين الأيوبي» لم يَسلَم من هجائه، وله قصيدة طويلة هجا فيها عددًا كبيرًا من حكَّام دمشق سمَّاها «مقراض الأعراض»، وهي تحوي حوالي خمسمائة بيت.

نُفِي «ابن عُنَين» من دمشق بأمرٍ من السلطان «صلاح الدين الأيوبي»، وبعدها ظل متنقِّلًا بين الكثير من البلدان، كالعراق وخراسان والهند واليمن ومصر. وبعد وفاة السلطان «صلاح الدين الأيوبي»، عاد إلى دمشق مرةً ثانية بعد تقرُّبه من الملك «العادل» ومدحه في قصائده.

بعد عودته إلى دمشق، تولَّى منصبَ الوزارة في آخِر حكم الملك «المعظم»، ومدةَ ولاية الملك «الناصر»، لكنْ بعد أن تولَّى الملك «الأشرف» مقاليدَ الحكم، ترك «ابن عُنَين» عمله ولزِمَ بيتَه في دمشق.

أما عن أعماله، فله ديوان شعري واحد، وقصيدة «مقراض الأعراض»، فضلًا عن «التاريخ العزيزي» في سيرة الملك «العزيز».

تُوفِّي «ابن عُنَين» بدمشق عامَ ٦٣٠ﻫ/١٢٣٢م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤