هَلْ عَهِدْنَا الشَّمْسَ تَعْتَادُ الْكِلَلْ

Wave Image
هَـلْ عَـهِـدْنَـا الشَّمْسَ تَعْتَادُ الْكِلَلْ
أَمْ عَـهِـدْنَـا الْـبَـدْرَ يَـجْـتَابُ الْحُلَلْ
أَمْ قَـضِـيـبُ الْـبَـانِ يَـعْـنِيهِ الْهَوَى
أَمْ غَـزَالُ الْـقَـفْـرِ يُـصْـبِـيـهِ الْغَزَلْ
خَــرَقَ الْــعَــادَاتِ مُـبْـدِي صُـورَةٍ
حَـشَـدَ الْـحُـسْـنُ عَـلَـيْـهَا فَاحْتَفَلْ
مُـشْـرَبُ الـصَّـفْحَةِ مِنْ مَاءِ الصِّبَا
مُـشْـبَـعُ الْـوَجْنَةِ مِنْ صَبْغِ الْخَجَلْ
مَــنْ عَـذِيـرِي مِـنْـهُ إِنْ أَغْـبَـبْـتُـهُ
نَــسِـيَ الْـعَـهْـدَ وَإِنْ عَـاوَدْتُ مَـلْ
قَــاتِــلٌ لِــي بِــالـتَّـجَـنِّـي، مَـا لَـهُ
لَـيْـتَ شِـعْرِي أَحَلَالٌ مَا اسْتَحَلْ؟
•••
أَيُّــهَــا الْــمُــخْــتَـالُ فِـي زِيـنَـتِـهِ
أَنْـتَ أَوْلَـى الـنَّـاسِ بِـالْخَالِ فَخَلْ
لَـــكَ إِنْ أَدْلَلْـــتَ عُـــذْرٌ وَاضِـــحٌ
كُــلُّ مَـنْ سَـاعَـفَـهُ الْـحُـسْـنُ أَدَلْ
سَــبَــبُ الـسُّـقْـمِ الَّـذِي بَـرَّحَ بِـي
صِـحَّـةٌ كَـالـسُّـقْـمِ فِي تِلْكَ الْمُقَلْ
إِنَّ مَــنْ أَضْــحَـى أَبَـاهُ «جَـهْـوَرٌ»
قَــالَــتِ الْآمَــالُ عَــنْــهُ فَــفَــعَـلْ
مَــلِــكٌ لَــذَّ جَــنَــى الْــعَـيْـشِ بِـهِ
حَـيْـثُ وِرْدُ الْأَمْـنِ لِلـصَّـادِي عَـلَلْ
أَحْـسَـنَ الْـمُـحْـسِـنُ مِـنَّـا فَـجَـزَى
مِــثْـلَـمَـا لَـجَّ مُـسِـيءٌ فَـاحْـتَـمَـلْ
سَـــعْــيُــهُ فِــي كُــلِّ بِــرٍّ مَــثَــلٌ
إِذَ مَـسَـاعِـي مَـنْ يُـنَـاوِيـهِ مُـثُـلْ
لَا يَــزَلْ مِــنْ حَــاسِـدِيـهِ مُـكْـثِـرٌ
أَوْ مُـقِـلٌّ، سَـبَـقَ الـسَّـيْـفُ الْـعَذَلْ
•••
«يَـا بَـنِـي جَـهْـوَرٍ» الـدُّنْـيَـا بِـكُـمْ
حَــلِــيَـتْ أَيَّـامُـهَـا بَـعْـدَ الْـعَـطَـلْ
إِنَّـــمَـــا دَوْلَـــتُـــكُـــمْ وَاسِــطَــةٌ
أَهْـدَتِ الْـحُـسْـنَ إِلَـى عِقْدِ الدُّوَلْ
نَـحْـنُ مِـنْ نَـعْـمَـائِـكُـمْ فِـي زَهْرَةٍ
جَـدَّدَتْ عَـهْـدَ الـرَّبِـيـعِ الْـمُـقْـتَـبَلْ
طَــابَ كَــانُــونٌ لَــنَــا أَثْــنَــاءَهَـا
فَـكَـأَنَّ الـشَّـمْـسَ حَـلَّـتْ بِـالْحَمَلْ
زَهَــرَتْ أَخْـلَاقُـكُـمْ فَـابْـتَـسَـمَـتْ
كَـابْـتِـسَـامِ الْـوَرْدِ عَـنْ لُـؤْلُـؤِ طَـلْ
•••
أَيُّـهَـا الْـبَـحْـرُ الَّـذِي مَـهْـمَـا تَـفِضْ
بِـالـنَّـدَى يُـمْـنَـاهُ فَـالْـبَـحْـرُ وَشَـلْ
مَــنْ لَــنَــا فِــيـكَ بِـعَـيْـبٍ وَاحِـدٍ
تُـحْـذَرُ الْـعَـيْـنُ إِذَا الْـفَـضْـلُ كَـمَلْ
شَــرَفٌ تَــغْــنَـى عَـنِ الْـمَـدْحِ بِـهِ
مِـثْـلَـمَـا يَـغْنَى عَنِ الْكُحْلِ الْكَحَلْ
•••
أَنَـا غَـرْسٌ فِـي ثَـرَى الْـعَـلْـيَـاءِ لَوْ
أَبْــطَــأَتْ سُــقْــيَـاكَ عَـنْـهُ لَـذَبَـلْ
لِـــيَ ذِكْـــرٌ بِـــالَّــذِي أَسْــدَيْــتَــهُ
نَـــابِــهٌ وَدَّ حَــسُــودٌ لَــوْ خَــمَــلْ
فَـلْـيَـمُـتْ بِـالـدَّاءِ مِـنْ حَـالِ فَـتًى
أَدَّبَـــتْـــهُ سِــيَــرُ الــنَّــاسِ الْأُوَلْ
فَـوَعَـى الْـحِـكْـمَـةَ عِـنْ قَـائِـلِـهِمْ:
«الْـزَمِ الـصِّـحَّـةَ يَـلْـزَمْـكَ الْـعَمَلْ»
•••
أَقْـبَـلَـتْ نُـعْـمَـاكَ تُـهْـدِي نَـفْـسَـهَـا
لَـمْ أُرِغْ حَـظِّـيَ مِـنْـهَـا بِـالْـحِـيَـلْ
فَــقَــبِــلْــتُ الْـيَـدَ مِـنْ بَـطْـنِ يَـدٍ
ظَـهْرُهَا — الدَّهْرَ — مَحَلٌّ لِلْقُبَلْ
كُــــلُّــــنَــــا بُـــلِّـــغَ مَـــا أَمَّـــلَـــهُ
فَــابْــلُــغِ الْــغَـايَـةَ مِـنْ كُـلِّ أَمَـلْ
وَإِذَا مَــا رَامَــكَ الــدَّهْــرُ فَــفُــتْ
وَإِذَا رُمْـــتَ الْأَمَـــانِـــيَّ فَـــنَـــلْ

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الرمل
  • عصر القصيدة: الأندلسي

عن الشاعر

«ابن زيدون»: شاعر أندلسي هو من أبزر شعراء قرطبة وإشبيلية في عصره، له قصة شهيرة جمعت بينه وبين شاعرة الأندلس «ولَّادة بنت المستكفي».

وُلد أبو الوليد «أحمد بن زيدون المخزومي» في «قرطبة» بالأندلس عام ١٠٠٣م لأسرة تنتمي إلى بني مخروم، وقد تعلم الأدب والشعر واللغة منذ حداثته على يد أبيه وعلماء «قرطبة» التي كانت في ذلك الوقت منارةً للعلم والفن والأدب والطرب، فحفظ السير والحكم والأمثال والشعر العربي.

اشتهر «ابن زيدون» في مجالس قرطبة الأدبية والاجتماعية بخفة الظل والميل للدعابة ونال شعره شهرة واسعة في المنتديات الأدبية التي كانت النساء ذوات المكانة العالية تديرها، وكان الشعراء يطمعون في مكانة وحظوة لديهن، مثل محبوبة «ابن زيدون» «ولادة بنت المستكفي» التي أفرد لها أروع قصائده وتنافس على الفوز بقلبها مع غريمه «ابن عبدوس».

اشترك «ابن زيدون» في الثورة التي قام بها «ابن جمهور» على آخر خلفاء بني آمية والتي ما نجحت حتى اتخذه وزيرًا له وكاتبًا ولُقب ﺑ«ذي الوزارتين»، ولكن ما لبث أن أوقع المنافسون بينه وبين «ابن جمهور» فعزله وألقى به في السجن وهناك كتب له مجموعة من القصائد والرسائل النثرية يحاول استمالته مجددًا وأن يبرئ نفسه، كما كتب من الأسر أروع أشعاره لاستعطاف «ولادة» ولكن دون جدوى. واستطاع «ابن زيدون» الهرب من السجن حتى احتل «المعتمد بن عباد» مدينة «قرطبة» وضمَّها إلى ملكه فأعاده وزيرًا مرة أخرى. وبعدها أُرسل «ابن زيدون» إلى «إشبيلية» لتهدئة الفتنة التي ثارت فيها واستمر في الإقامة بها.

وﻟ«ابن زيدون» ديوان شعر يتميز بتنوع موضوعاته وسهولة لغته، كما ترك مجموعة من الرسائل التي توضح سمات عصره السياسية والاجتماعية، وقد وصف النقاد شعره بأنه بليغ رغم إيثاره التراكيب الشعرية البسيطة. كما تميز «ابن زيدون» بالبناء التصويري الشعري الذي تبدو فيه الطبيعة والمكان الذي كان يقطن فيه مصورةً بشكلٍ متميز، والبناء الموسيقي الذي اتسم بحسن التقسيم والإيقاعات المتتالية في الأوزان والقوافي.

وقد توفي «ابن زيدون» بعد أن داهمه المرض أثناء إقامته في «إشبيلية» ودُفن بها وذلك في عام ١٠٧١م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤