فَدَتْكَ الصَّوَاهِلُ قُبًّا وَجُرْدَا

Wave Image
فَـــدَتْـــكَ الـــصَّــوَاهِــلُ قُــبًّــا وَجُــرْدَا
وَشُـــمُّ الْـــقَـــبَـــائِــلِ شِــيــبًــا وَمُــرْدَا
وَذَلَّــتْ لِأَسْــيَــافِــكَ الْــبِـيـضِ قُـضْـبًـا
وَدَانَــتْ لِأَرْمَــاحِــكَ الــسُّــمْــرِ مُــلْــدَا
وَقَـــلَّ لِـــمَـــنْ قَـــامَ فِــي ذَا الــزَّمَــانِ
مَــقَــامَــكَ أَنْ بَــاتَ بِــالْـخَـلْـقِ يُـفْـدَى
أَلَـــــسْــــتَ أَبَــــرَّ الْــــبَــــرَايَــــا يَــــدًا
وَأَنْـــدَى مِـــنَ الْــمُــزْنِ كَــفًّــا وَأَجَــدَى
وَأَمْــضَــى حُــسَــامًــا وَأَوْفَــى ذِمَـامًـا
وَأَهْــمَــى غَــمَــامًــا إِذَا الْـغَـيْـثُ أَكْـدَى
وَأَكْــــلَا إِذَا ضُــــيِّـــعَ الْأَمْـــرُ طَـــرْفًـــا
وَأَوْرَى إِذَا أَظْــــلَــــمَ الْــــيَــــوْمُ زَنْـــدَا
إِذَا الْـــتَـــبَـــسَ الــرَّأْيُ كُــنْــتَ الْأَسَــدَّ
وَإِنْ غَــالَــبَ الْــخَــطْـبُ كُـنْـتَ الْأَشَـدَّا
وَإِنْ قَـــصَّـــرَ الـــنَّـــاسُ عَـــنْ غَـــايَــةٍ
سَــبَــقْــتَ إِلَــيْــهَــا مِــنَ الـنَّـاسِ فَـرْدَا
وَمَــنْ ذَا يُــجَــارِيــكَ فَــضْــلًا وَنُــبْــلًا
وَمَـــنْ ذَا يُـــسَــاوِيــكَ حَــلًّا وَعَــقْــدَا
سَـــجِـــيَّـــةُ مَــنْ لَــمْ يَــزَلْ بِــالــثَّــنَــا
ءِ وَالْـــحَــمْــدِ مُــنْــفَــرِدًا مُــسْــتَــبِــدَّا
تَـــجِـــلُّ مَــعَــالِــيــهِ أَنْ تُــسْــتَــطَــاعَ
وَتَــــأْبَــــى مَــــنَـــاقِـــبُـــهُ أَنْ تُـــعَـــدَّا
حَــقِــيــقٌ إِذَا مَــا انْــتَــضَــى سَــيْــفَـهُ
بِــأَنْ يَــجْــعَــلَ الْـهَـامَ لِـلـسَّـيْـفِ غِـمْـدَا
زَعِــيــمَ الْــجُــيُــوشِ لَــقَــدْ أَعْــجَـزَتْ
أَيَــــادِيـــكَ وَاصِـــفَـــهَـــا أَنْ تُـــحَـــدَّا
وَأَمْـــعَـــنَ ذِكْـــرُكَ فِـــي الْــخَــافِــقَــيْـ
ـنِ شَـــرْقًــا وَغَــرْبًــا وَغَــوْرًا وَنَــجْــدَا
فَـــسَـــارَ مَـــسِـــيـــرَ هِــلَالِ الــسَّــمَــا
ءِ يَـــــزْدَادُ نُـــــورًا إِذَا ازْدَادَ بُـــــعْــــدَا
فَــلَــوْ طُــبِــعَ الْــفَــخْــرُ سَــيْــفًـا لَـكُـنْـ
ـتَ دُونَ الْـــوَرَى حَـــدَّهُ وَالْـــفِـــرِنْـــدَا
وَكَــــمْ لَــــكَ مِــــنْ نَــــائِــــلٍ نَــــائِـــلٍ
رِقَـــابَ الْـــمَـــآثِـــرِ شُـــكْــرًا وَحَــمْــدَا
نَـــدًى يَـــعْـــتِـــقُ الْــعَــبْــدَ مِــنْ رِقِّــهِ
وَلَـــكِـــنَّـــهُ يَـــتْـــرُكُ الْـــحُـــرَّ عَـــبْــدَا
وَإِنِّــــي لَــــمُـــهْـــدٍ إِلَـــيْـــكَ الْـــقَـــرِيـ
ـضَ يُـطْوَى عَلَى النُّصْحِ وَالنُّصْحُ يُهْدَى
إِلَـــى كَــمْ وَقَــدْ زَخَــرَ الْــمُــشْــرِكُــونَ
بِـــسَــيْــلٍ يُــهَــالُ لَــهُ الــسَّــيْــلُ مَــدَّا
وَقَـــدْ جَـــاشَ مِـــنْ أَرْضِ إِفْـــرَنْــجَــةٍ
جُـــيُـــوشٌ كَـــمِـــثْــلِ جِــبَــالٍ تَــرَدَّى
تُـــرَاخُـــونَ مَـــنْ يَـــجْـــتَـــرِي شِـــدَّةً
وَتُـنْـسُـونَ مَـنْ يَـجْـعَـلُ الْـحَـرْبَ نَـقْـدَا
أَنَــوْمًــا عَــلَــى مِــثْــلِ هَــدِّ الــصَّــفَـاةِ
وَهَـــزْلًا وَقَـــدْ أَصْـــبَـــحَ الْأَمْـــرُ جِــدَّا
وَكَـــيْـــفَ تَـــنَـــامُـــونَ عَـــنْ أَعْـــيُــنٍ
وَتَــرْتُــمْ فَــأَسْــهَــرْتُــمُــوهُــنَّ حِــقْــدَا
وَشَـــرُّ الـــضَّـــغَـــائِـــنِ مَـــا أَقْــبَــلَــتْ
لَــدَيْــهِ الــضَّــغَــائِــنُ بِـالْـكُـفْـرِ تُـحْـدَى
بَــنُــو الــشِّــرْكِ لَا يُــنْــكِـرُونَ الْـفَـسَـادَ
وَلَا يَــعْــرِفُــونَ مَــعَ الْــجَــوْرِ قَــصْــدَا
وَلَا يَــرْدَعُــونَ عَــنِ الْــقَــتْــلِ نَــفْــسًـا
وَلَا يَــتْــرُكُــونَ مِــنَ الْــفَــتْــكِ جُــهْـدَا
فَــكَــمْ مِــنْ فَــتَــاةٍ بِــهِــمْ أَصْــبَـحَـتْ
تَـــدُقُّ مِـــنَ الْـــخَــوْفِ نَــحْــرًا وَخَــدَّا
وَأُمِّ عَـــــــوَاتِـــــــقَ مَــــــا إِنْ عَــــــرَفْـ
ـنَ حَـــرًّا وَلَا ذُقْــنَ فِــي الـلَّــيْــلِ بَــرْدَا
تَـــكَـــادُ عَـــلَـــيْـــهِـــنَّ مِـــنْ خِــيــفَــةٍ
تَـــذُوبُ وَتَـــتْـــلَـــفُ حُـــزْنًــا وَوَجْــدَا
فَــحَــامُــوا عَــلَـى دِيـنِـكُـمْ وَالْـحَـرِيـمِ
مُــحَــامَــاةَ مَـنْ لَا يَـرَى الْـمَـوْتَ فَـقْـدَا
وَسُــدُّوا الــثُّــغُــورَ بِــطَــعْـنِ الـنُّـحُـورِ
فَـــمِــنْ حَــقِّ ثَــغْــرٍ بِــكُــمْ أَنْ يُــسَــدَّا
فَــلَــنْ تَــعْــدَمُـوا فِـي انْـتِـشَـارِ الْأُمُـورِ
أَخَــــا تُــــدْرَأٍ حَـــازِمَ الـــرَّأْيِ جَـــلْـــدَا
يُــــظَــــاهِــــرُ تَــــدْبِــــيــــرُهُ بَـــأْسَـــهُ
مُـــظَـــاهَــرَةَ الــسَّــيْــفِ كَــفًّــا وَزَنْــدَا
كَــمِــثْــلِ زَعِــيــمِ الْــجُـيُـوشِ الْـمَـلِـيِّ
بِـــعَـــزْمٍ يَـــبِـــيـــتُ لَـــهُ الْــحَــزْمُ رِدَّا
وَعَــــادَاتُ بَـــأْسِـــكُـــمُ فِـــي الــلِّـــقَـــا
ءِ لَــيْـسَـتْ تَـحُـولُ عَـنِ الـنَّـصْـرِ عَـهْـدَا
فَــــدُونَــــكُــــمُ ظَــــفَــــرًا عَــــاجِــــلًا
لَــكُــمْ جَــاعِــلًا سَــائِــرَ الْأَرْضِ مَــهْـدَا
فَــقَــدْ أَيْــنَــعَــتْ أَرْؤُسُ الْـمُـشْـرِكِـيـنَ
فَــلَا تُــغْــفِــلُــوهَــا قِــطَـافًـا وَحَـصْـدَا
فَـــلَا بُـــدَّ مِـــنْ حَـــدِّهِـــمْ أَنْ يُـــفَـــلَّ
وَلَا بُـــدَّ مِـــنْ رُكْـــنِـــهِـــمْ أَنْ يُـــهَـــدَّا
فَـــإِنَّ الْـــبَ رَسْـــلَانَ فِـــي مِــثْــلِــهَــا
مَـضَـى وَهْـوَ أَمْـضَـى مِـنَ الـسَّيْفِ حَدَّا
فَـــأَصْـــبَــحَ أَبْــقَــى مِــنَ الْــفَــرْقَــدَيْـ
ـنِ ذِكْـرًا وَأَسْـنَـى مِـنَ الـشَّـمْـسِ مَـجْدَا
لَـــعَـــلَّـــكُـــمُ أَنْ تُـــعِـــيـــدُوا مِـــنَ الْـ
ـمَـــآثِـــرِ وَالْـــمَـــجْــدِ مَــا كَــانَ أَبْــدَى
وَهَـــذَا ابْـــنُـــهُ قَـــائِـــمًـــا فِـــيـــكُـــمُ
مَـــقَـــامَ الْـــمُـــفَـــاخِـــرِ جَــدًّا وَجِــدَّا
بِـــخَـــيْـــلٍ تُـــخَـــالُ غَـــدَاةَ الْــمَــكَــرِّ
طَـــيْـــرًا تَـــحَـــمَّـــلْــنَ غَــابًــا وَأُسْــدَا
وَطَــعْــنٍ أَمَــرَّ مِــنَ الْــمَــوْتِ طَــعْــمًـا
وَضَــــرْبٍ أَحَـــرَّ مِـــنَ الـــنَّـــارِ وَقْـــدَا
إِذَا مَـــا الـــسُّــيُــوفُ غَــدَاةَ الْــحُــتُــو
فِ نَــوَّعَــتِ الــضَّــرْبَ قَــطْــعًــا وَقَـدَّا
تَــــرَى لُــــمَّــــعًــــا وُقَّــــعًــــا لَا يَــــزَلْـ
ـنَ يَــخْـطَـفْـنَ بَـرْقًـا وَيَـقْـصُـفْـنَ رَعْـدَا
فَــذُو الْــبَــأْسِ مَــنْ جَــابَ مِــنْ تَـرْكَـةٍ
لَــــهُ عِــــمَّــــةً وَمِــــنَ الــــدِّرْعِ بُــــرْدَا
وَلَــمْ يَــضَــعِ الــسَّــرْدَ عَــنْ مَــنْــكِـبَـيْـ
ـهِ حَــتَّــى يَــصِـيـرَ مَـعَ الْـجِـلْـدِ جِـلْـدَا
فَــمَــا يَــنْــزِعُ الْــيَــوْمَ عَــنْــهُ الْـحَـدِيـ
ـدَ مَــنْ رَامَ أَنْ يَــلْــبَــسَ الْــعِــزَّ رَغْــدَا
وَأَيْـــسَـــرُ مَـــا كَــابَــدَتْــهُ الــنُّــفُــوسُ
مِــنَ الْأَمْــرِ مَــا لَــمْ تَــجِــدْ مِــنْــهُ بُـدَّا
بَـــقِـــيـــتُــمْ وَلَا زِلْــتُــمُ فِــي الــلِّــقَــاءِ
بُـــدُورًا تُــوَافِــقُ فِــي الْأُفْــقِ سَــعْــدَا
وَلَا بَــــرِحَ الْــــعِــــزُّ لِـلْـــمُـــسْـــلِـــمِـــيـ
ـنَ مِــنْ بَــحْــرِكُــمْ أَبَــدًا مُــسْــتَــمِــدَّا
فَــلَــسْــنَــا نَــرَى بَــعْــدَ طُــولِ الْــبَــقَـا
ءِ أَكْـــرَمَ مِــنْــكُــمْ عَــلَــى الـلــهِ وَفْــدَا
وَقَـــدْ قِـــيـــلَ فِــي الــتُّــرْكِ إِنَّ الَّــذِي
يُـــتَـــارِكُــهُــمْ أَسْــعَــدُ الــنَّــاسِ جَــدَّا

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المتقارب
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤