لَا يَخْدَعَنَّكَ صِحَّةٌ وَيَسَارُ

Wave Image
لَا يَـــخْـــدَعَـــنَّـــكَ صِــحَّــةٌ وَيَــسَــارُ
مَــا لَا يَــدُومُ عَــلَــيْــكَ فَــهْــوَ مُــعَــارُ
يَـغْـشَـى الْـفَتَى حُبُّ الْحَيَاةِ وَزِينَةُ الدُّ
نْـــيَــا وَيَــنْــسَــى مَــا إِلَــيْــهِ يُــصَــارُ
وَإِذَا الْــبَـصَـائِـرُ عَـنْ طَـرَائِـقِ رُشْـدِهَـا
عَــمِــيَــتْ فَــمَــاذَا تَــنْــفَــعُ الْأَبْــصَـارُ
لَا تَــغْــتَــرِرْ بِــالــدَّهْــرِ إِنْ وَافَـاكَ فِـي
حَــــــالٍ يَــــــسُــــــرُّكَ إِنَّـــــهُ غَـــــرَّارُ
انْـظُـرْ إِلَـى مَـنْ كَـانَ قَـبْـلَـكَ وَاعْـتَـبِـرْ
سَـتَـصِـيـرُ عَـنْ كَـثَـبٍ إِلَـى مَـا صَـارُوا
فَـيَـزُولُ عَـنْكَ جَمِيعُ مَا أُوتِيتَ فِي اﻟدُّ
نْـــيَـــا وَلَـــوْ زُوِيَـــتْ لَـــكَ الْأَمْــصَــارُ
تُـــرْزَا الْـــكِــرَامُ وَلَا كَــرُزْءِ عَــشِــيــرَةٍ
فُــجِــعَــتْ بِــمَـنْ مِـنْـهُـمْ إِلَـيْـهِ يُـشَـارُ
اللــهُ جَــارُكَ يَــا ابْــنَ يُــوسُـفَ ثَـاوِيًـا
وَسَـــقَــى ضَــرِيــحَــكَ وَابِــلٌ مِــدْرَارُ
حَــتَّــى تُــرَى جَـنَـبَـاتُ قَـبْـرِكَ رَوْضَـةً
مُـــخْـــضَـــرَّةً وَيَـــحُـــفَّـــهُ الـــنَّـــوَّارُ
أَبْـكِـي عَـلَـيْـكَ وَلَـوْ وَفَـتْ لَـكَ أَدْمُعِي
لَــتَــعَــجَّــبَــتْ مِــنْ مَــدِّهَــا الْأَنْــهَــارُ
يَـا بَـدْرُ كُـنْـتَ لَـنَـا الْـيَـمِـينَ وَمَا عَسَى
تُــغْــنِــي إِذَا مَــضَـتِ الْـيَـمِـيـنُ يَـسَـارُ
كُـنْـتَ الْـمُـعِـيـنَ عَـلَـى الـزَّمَـانِ لَـنَا إِذَا
غَــاضَ الْــمَــعِــيــنُ وَعَــزَّتِ الْأَمْــطَـارُ
يَـا بَـدْرُ ضَـاقَ بِـكَ الـضَّـرِيـحُ وَطَـالَـمَا
ضَــاقَــتْ عَــلَــى عَــزَمَـاتِـكَ الْأَقْـطَـارُ
أَعْــزِزْ عَـلَـيَّ بِـأَنْ يَـضِـيـقَ بِـكَ الـثَّـرَى
وَيَـــمِــيــلَ عَــنْ عَــرَصَــاتِــكَ الــزُّوَّارُ
قَــدْ كُــنْــتَ ذُخْــرًا لِلْــمُـلُـوكِ وَعُـمْـدَةً
فَـــــبِــــرَأْيِــــكَ الْإِيــــرَادُ وَالْإِصِــــدَارُ
وَلَــكَـمْ بِـرَأْيِـكَ مِـنْ وَرَائِـكَ قَـدْ سَـرَى
نَـــحْـــوَ الْأَعَـــادِي جَـــحْــفَــلٌ جَــرَّارُ
وَمِــنَ الْــعَــجَــائِــبِ أَنَّ بَــدْرًا كَــامِـلًا
يَـــعْـــتَـــادُهُ عِـــنْــدَ الــتَّــمَــامِ سِــرَارُ
كَـانَ الْـجَـوَادَ بِـمَـا حَـوَى وَقَـدِ اسْتَوَى
فِــــي مَــــالِـــهِ الْإِقْـــلَالُ وَالْإِكْـــثَـــارُ
صَـافِـي أَدِيـمِ الْـعِـرْضِ لَا يَـنْـأَى النَّدَى
عَـــنْـــهُ وَلَا يَـــدْنُـــو إِلَـــيْـــهِ الْـــعَـــارُ
مِـــنْ أُسْـــرَةٍ عَـــرَبِـــيَّـــةٍ جَــاءَتْ بِــهِ
عَـــــرَبِـــــيَّـــــةٌ آبَـــــاؤُهَـــــا أَحْــــرَارُ
لَــمْ يُـغْـذَ مِـنْ لَـبَـنِ الْإِمَـاءِ وَلَـمْ تُـحِـلْ
أَخْـــلَاقَـــهُ عَـــنْ طَـــبْــعِــهَــا الْأَظْــآرُ
قَـدْ كَـانَ إِنْ خَـفَّـتْ حُـلُومُ ذَوِي النُّهَى
لِلْــــهَــــوْلِ فِــــيــــهِ رَزَانَــــةٌ وَوَقَـــارُ
يَــا بَــدْرُ لَــوْ أَبْــصَــرْتَ بَـعْـدَكَ حَـالَـنَـا
لَـــشَـــجَــاكَ مَــا جَــاءَتْ بِــهِ الْأَقْــدَارُ
سُـــرَّتْ أَعَـــادِيـــنَـــا وَأَدْرَكَ حَـــاسِــدٌ
فِـــيـــنَـــا مُـــنَــاهُ وَقَــلَّــتِ الْأَنْــصَــارُ
كُــنَّــا نُــخَــافُ وَيَــرْتَـجِـي إِحْـسَـانَـنَـا
أَعْـــدَاؤُنَـــا وَيَـــعِـــزُّ فِــيــنَــا الْــجَــارُ
مَـا الْـعَـيْـشُ بَـعْدَكَ بَالْهَنِيءِ وَلَوْ صَفَتْ
فِـــيـــهِ الْــحَــيَــاةُ وَلَا الــدِّيَــارُ دِيَــارُ
هَــيْـهَـاتَ أَنْ يَـلْـتَـذَّ جَـفْـنِـيَ بِـالْـكَـرَى
مِـــنْ بَـــعْـــدِ فَــقْــدِكَ أَوْ يَــقَــرَّ قَــرَارُ
أَوْ أَرْتَــجِــي خِــلًّا سِــوَاكَ أَبَــثُّـهُ الـشَّـ
ـكْـــوَى وَتُـــحْــفَــظُ عِــنْــدَهُ الْأَسْــرَارُ
غَــدَرَ الــزَّمَــانُ بِــنَــا فَــفَــرَّقَ بَــيْـنَـنَـا
إِنَّ الـــــزَّمَـــــانَ بِــــأَهْــــلِــــهِ غَــــدَّارُ
لَــوْ أَنَّ قَــلْــبَ الْــمَــوْتِ رَقَّ لِــهَــالِــكٍ
لَـــشَـــجَـــاهُ أَطْـــفَـــالٌ وَرَاكَ صِــغَــارَ
لَمْ يَكْفِ صَرْفُ الدَّهْرِ دَفْنَكَ فِي الثَّرَى
حَــتَّــى نَــأَتْ بِــكَ عَـنْ دِمَـشْـقَ الـدَّارُ
مَــا أَنْــصَــفَ الـدَّهْـرُ الْـمُـفَـرِّقُ بَـيْـنَـنَـا
أَفَـــبَـــعْـــدَ مَـــوْتٍ نُــقْــلَــةٌ وَسِــفَــارُ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قال ابن عنين هذه القصيدة يرثي بها الأمير بدر الدين الجعبري الوالي بقلعة دمشق، ونُقل ميتًا إلى بالس ودُفن فيها.
  • غرض القصيدة: الرثاء
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الأيوبي

عن الشاعر

ابن عُنَين: هو أحد أبرز الشعراء العرب في العصر الأيوبي.

وُلد «أبو المحاسن حمد بن نصر الله بن الحسين بن عُنَين الأنصاري» بدمشق في عام ٥٤٩ﻫ/١١٤٥م، وكان يُلقَّب ﺑ «شرف الدين الكوفي» نِسبةً إلى أصله الكوفي كما قال.

عُرِف بهجائه اللاذع، حتى لقد ضاق به الناس ذرعًا، ولم يَسلَم أحدٌ منه في دمشق سوى القليل، حتى إن السلطان «صلاح الدين الأيوبي» لم يَسلَم من هجائه، وله قصيدة طويلة هجا فيها عددًا كبيرًا من حكَّام دمشق سمَّاها «مقراض الأعراض»، وهي تحوي حوالي خمسمائة بيت.

نُفِي «ابن عُنَين» من دمشق بأمرٍ من السلطان «صلاح الدين الأيوبي»، وبعدها ظل متنقِّلًا بين الكثير من البلدان، كالعراق وخراسان والهند واليمن ومصر. وبعد وفاة السلطان «صلاح الدين الأيوبي»، عاد إلى دمشق مرةً ثانية بعد تقرُّبه من الملك «العادل» ومدحه في قصائده.

بعد عودته إلى دمشق، تولَّى منصبَ الوزارة في آخِر حكم الملك «المعظم»، ومدةَ ولاية الملك «الناصر»، لكنْ بعد أن تولَّى الملك «الأشرف» مقاليدَ الحكم، ترك «ابن عُنَين» عمله ولزِمَ بيتَه في دمشق.

أما عن أعماله، فله ديوان شعري واحد، وقصيدة «مقراض الأعراض»، فضلًا عن «التاريخ العزيزي» في سيرة الملك «العزيز».

تُوفِّي «ابن عُنَين» بدمشق عامَ ٦٣٠ﻫ/١٢٣٢م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤