قِصَاصٌ

Wave Image
أَنْـتَ ارْتَـضَـيْـتَ فَـلَا تَـجْـزَعْ وَلَا تَـلُـمِ
وَاجْـرَعْ حَـيَـاتَـكَ بَـيْـنَ الـذِّكْرِ وَالنَّدَمِ
لَا الْـعَـهْـدُ دَامَ وَلَا الـسُّـلْـوَانُ مُـقْـتَـدِرٌ
فَـاحْـسُ الـسَّـرَابَ عَلَى بُعْدٍ وَمِنْ أَمَمِ
مَــاضٍ تُـكَـفِّـرُ عَـنْـهُ الْـيَـوْمَ مُـعْـتَـذِرًا
مِــمَّــا كَــفَــرْتَ بِـهِ وَالْـعُـذْرُ كَـالْـجُـرُمِ
أَيْـنَ الْـعَـدَالَـةُ وَالْـمِـيـزَانُ مُـخْـتَـلِفٌ؟
وَكَـيْـفَ يُـجْمَعُ بَيْنَ الْخَصْمِ وَالْحَكَمِ؟
عَـذَّبْـتَ مِـنْـهُ ضَـعِـيـفًـا فِـي طَـبِيعَتِهِ
حَـمْـلُ الْـعَـذَابِ فَـلَـمْ تَرْحَمْ وَلَمْ تَجِمِ
فَـاسْـهَـرْ عَـلَـيْـهِ لَـعَـلَّ الـنَّـوْمَ يُـسْعِفُهُ
وَطُـفْ حَـوَالَـيْـهِ أَنَّـى كَـانَ وَاسْـتَـلِـمِ
وَاحْـمِـلْ عَـذَابَـيْـنِ؛ مَـا حَـمَّـلْـتَـهُ عَنَتًا
هَــذَا الْــبَـرِيءَ وَمَـا تَـلْـقَـى مِـنَ الْأَلَـمِ
يَـا وَيْـلَـتَـا لِـي وَوَيْـلِـي مِـنْ شَـقَـاوَتِهِ
لَـمَّـا رَمَـيْـتُ رَمَـانِي الدَّهْرُ وَهْيَ رَمِي
•••
يَــا صَــاحِـبَـيَّ أَعِـيـنَـا مُـدْنِـفًـا قَـلِـقًـا
يُـشْـقِـيـهِ مَـاضِـيـهِ، مَـاضٍ جِـدُّ مُتَّهَمِ
لَا فِـي الْـكُـئُـوسِ عَـزَائِـي مِنْ جِنَايَتِهِ
وَلَا الــسُّــلُــوُّ بِــمَـيْـسُـورٍ لِـمُـعْـتَـصِـمِ
•••
أَيْــكٌ رَمَــاهُ الْــبِــلَــى لَــمَّــا أُبِـيـحَ لَـهُ
لَـوْ شِـئْـتَ ذُدْتَ عَـنِ الْإِلْـفَـيْـنِ وَالْأَكَمِ
بَــقِــي الْأَلِــيــفُ بِــلَا إِلْــفٍ وَلَا سَـنَـدٍ
وَرُحْـتَ وَحْـدَكَ تَـنْـعَـى غَـيْرَ مُحْتَشِمِ
هَــلَّا جَــزَيْــتَ وَفَــاءً بِـالْـوَفَـاءِ وَهَـلْ
دِيــنُ الْــمُــرُوءَةِ إِلَّا الْــبِــرُّ بِـالـذِّمَـمِ؟
•••
نَـمْ يَـا حَـبِـيـبِـي فَمَا نَوْمِي عَلَى دَغَلٍ
إِلَّا كَــنَــوْمِــكَ بَـيْـنَ الـشَّـوْكِ وَالـرَّقَـمِ
وَاغْـفِـرْ لِـصَـاحِـبِـكَ الْـبَـاغِـي قَسَاوَتَهُ
أَدْنَــاهُ لِــلْــبَــغْــيِ مَــا أَدْنَــاكَ لِـلْـكَـرَمِ
أَيْـنَ الـذِّرَاعُ الَّـتِـي وُسِّـدْتَـهَـا حِـجَجًا
وَسْنَانَ يَقْظَانَ أَوْ فِي صَحْوَةِ الْحُلُمِ؟
هَـلْ آلَـمَـتْـكَ الـلَّـيَـالِـي بَـعْـدَهَـا وَقَسَا
حَـتَّـى الْـوِسَـادُ عَـلَـى أُذْنَـيْـكَ وَاللِّمَمِ
وَا حَـرَّ قَـلْـبَـاهُ مِـنْ جَـفْـنَـيْنِ فِي فَزَعٍ
لَا يَــهْــدَآنِ عَــلَــى حَــالٍ مِــنَ الـسَّأَمِ
وَأَيْــنَ مِـنْـكَ عُـيُـونٌ طَـالَـمَـا سَـهِـرَتْ
عَـلَـيْـكَ فِـي مَضْجَعٍ هَانٍ وَفِي سَلَمِ؟
وَأَيْــنَ دُونَــكَ عَـزْمٌ بَـعْـضُـهُ جَـلَـدِي؟
وَأَيْـنَ مِـنْـكَ سِـيَـاجٌ بَـعْـضُـهُ هِـمَمِي؟
يَـا أَبْـعَـدَ الـنَّـاسِ إِلَّا عَـنْ مُـخَـيِّـلَـتِـي
وَأَقْـرَبَ الـنَّـاسِ إِلَّا مِـنْ يَـدِي وَفَـمِـي
نَـمْ يَـا حَـبِـيـبِـي فَـعَـيْـنُ الـلهِ سَاهِرَةٌ
تَــرُدُّ عَــنْــكَ عَـوَادِي الـدَّهْـرِ وَالـنِّـقَـمِ
نَـمْ فِـي حِـمَـاهُ كَـفَـاكَ الـلـهُ كُلَّ حِمًى
إِلَّاهُ، حَــسْــبُــكَ ظِــلُّ الـلـهِ مِـنْ دَعَـمِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤