أَخْلَاقُ النَّاسِ

Wave Image
غَـاضَ مَـاءُ الْـحَـيَـاءِ مِـنْ كُـلِّ وَجْهٍ
فَــغَــدَا كَــالِــحَ الْــجَــوَانِـبِ قَـفْـرَا
وَتَـفَـشَّـى الْـعُقُوقُ فِي النَّاسِ حَتَّى
كَــادَ رَدُّ الــسَّــلَامِ يُــحْــسَــبُ بِــرَّا
أَوْجُــهٌ مِـثْـلَـمَـا نَـثَـرْتَ عَـلَـى الْأَجْـ
ـدَاثِ وَرْدًا إِنْ هُــنَّ أَبْــدَيْــنَ بِـشْـرَا
وَشِــفَــاهٌ يَــقُــلْــنَ: «أَهْـلًا» وَلَـوْ أَدَّ
يْـنَ مَـا فِـي الْـحَـشَـا لَـمَـا قُلْنَ خَيْرَا
عَـــمْـــرَكَ اللـــهَ، هَـــلْ سَــلَامُ وِدَادٍ
ذَاكَ أَمْ حَـــاوَلَ الْـــمُــسَــلِّــمُ أَمْــرَا
عَـمِـيَـتْ عَـنْ طَـرِيـقِـهَـا أَمْ تَـعَـامَتْ
أُمَــمٌ فِـي مَـفَـاوِزِ الْـجَـهْـلِ حَـيْـرَى
غَـرَّهَـا سَـعْـدُهَـا، وَمِـنْ عَـادَةِ السَّعْـ
ـدِ يُــوَاتِــي يَــوْمًـا وَيَـخْـذُلُ دَهْـرَا
فَـتَـجَـنَّـتْ عَـلَـى الـشُّـعُـوبِ وَشَنَّتْ
غَـارَةً فِـي الْـبِـلَادِ مِـنْ بَـعْـدِ أُخْـرَى
نَـسِـيَـتْ فِـي الـصُّـعُودِ يَوْمَ التَّدَلِّي
وَالــتَّـدَلِّـي بِـصَـاعِـدِ الْـجَـدِّ مُـغْـرَى
تَـعِـبَ الْـفَيْلَسُوفُ فِي النَّاسِ عَصْرًا
وَتَــوَلَّــى الـسَّـرَائِـرَ الـدِّيـنُ عَـصْـرَا
وَالْــــوَرَى طَــــارِدٌ إِزَاءَ طَــــرِيــــدٍ
وَعُــقَــابٌ يُـمْـسِـي يُـطَـارِدُ صَـقْـرَا
وَجُـيُـوشٌ يُـفَـلُّ مِـنْ بَـعْـضِـهَا الْبَعْـ
ـضُ وَهَـضْـبٌ كُـبْرَى تُنَاطِحُ صُغْرَى
حَــاذِرِي يَــا ذِئَــابُ صَــوْلَــةَ أُسْــدٍ
مِــنْــكِ أَقْــوَى نَــابًـا وَأَنْـفَـذُ ظُـفْـرَا
لَا تَـــنَـــامِـــي يَــا أُسْــدُ إِنَّ ذِئَــابًــا
لَـمْ تَـنَـمْ مِـنْ رَوَابِـضِ الْـغِيلِ أَضْرَى
عِــبَــرٌ كُــلُّــهَــا الـلَّــيَــالِــي وَلَــكِــنْ
أَيْــنَ مَـنْ يَـفْـتَـحُ الْـكِـتَـابَ وَيَـقْـرَا
أَنْـتَ نِـعْـمَ الـنَّـذِيـرُ يَـا نَـجْـمَ هَـالِي
زَلْــزِلِ الــسَّــهْـلَ وَالـرَّوَاسِـيَ ذُعْـرَا
ظَـنَّ قَـوْمٌ فِـيـكَ الـظُّـنُـونَ وَقَـالُوا:
آيَــةٌ أُرْسِــلَــتْ إِلَــى الْأَرْضِ كُـبْـرَى
إِنْ يَـكُـنْ فِـي يَمِينِكَ الْمَوْتُ فَاقْذِفْـ
ـهُ شُــوَاظًـا، عَـلَـى الْـخَـلَائِـقِ طُـرَّا
هَـلْ تَـلَـقَّـيْـتَ مِـنْ لَـدُنْ خَـاذِلِ الْـبَا
غِـي وَحَـامِي الضَّعِيفِ يَا نَجْمُ سِرَّا
أَمُـــحِـــيــطٌ بِــكُــلِّ شَــيْءٍ وَمُــرْدٍ
كُــلَّ حَــيٍّ وَتَــارِكُ الـسَّـهْـلِ وَعْـرَا؟
أَغَــدًا تَــسْــتَــوِي الْأُنُـوفُ فَـلَا يَـنْـ
ـظُـرُ قَـوْمٌ قَوْمًا عَلَى الْأَرْضِ شَزْرَا؟
أَغَــــدًا كُــــلُّـــنَـــا تُـــرَابٌ وَلَا مُـــلْـ
ـكَ خِــلَافَ الــتُّــرَابِ بَـرًّا وَبَـحْـرَا؟
أَغَــدًا يُــصْــبِــحُ الــصِّـرَاعُ عِـنَـاقًـا
فِـي الْـهَـيُـولَـى وَيُصْبِحُ الْعَبْدُ حُرَّا؟
إِنْ يَـكُنْ مَا يَقُولُونَ يَا نَجْمُ فَاصْدَعْ
بِـالَّـذِي قَـدْ أُمِـرْتَ حُـيِّـيـتَ عَـشْـرَا

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: نُشرت هذه القصيدة عندما ظهر المذنَّب «هالي» في سنة ١٩١٠م.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

إسماعيل صبري باشا: ولد في مصر بمدينة القاهرة عام ١٨٥٤م، وتلقى الدروس الثانوية في المدارس المصرية، ونال شهادة الليسانس في الحقوق من كلية مدينة إكس في فرنسا سنة ١٨٧٨م، حيث وصلها مع إحدى البعثات الفرنسية، ولما عاد إلى مصر تنقل في مناصب القضاء والإدارة حيث شغل وظائف القضائيين، كما عُين رئيسًا لمحكمة الإسكندرية الأهلية، ثم محافظًا للإسكندرية، فوكيلًا لوزارة العدلية «الحقانية»، ولما بلغ الستين أحيل للتقاعد ففتح داره التي صارت منتدى الشعراء والأدباء.

يعد إسماعيل صبري من شعراء الطبقة الأولى في العصر الحديث، كان يكتب شعره على هوامش الكتب والمجلات، وينشره أصدقاؤه خلسة، حيث كان كثيرًا ما يمزق قصائده صائحًا: «إن أحسن ما عندي ما زال في صدري!» وقد امتاز شعره بقوة الخيال ورقة وعذوبة المعنى، وحب الفن والجمال، وخفة الروح، كان يكتب أحيانًا مقطوعات قصيرة، وأحيانًا أخرى قصائد طويلة، ولشعر صبري مسحة من الترف الحضري واللين والجلاء، وعلى الرغم من سهولة ألفاظه إلا أنه كان شعرًا محملًا بالمعاني الجليلة. كما كان نثره أشد تأثيرًا في النفس وأثبت أثرًا.

وقد نظم صبري الكثير من الشعر الغنائي والأدوار والمواويل، وقال في المديح والتهاني والتقاريض والهجاء، كما قال في الوصف والاجتماعات والسياسات والإلهيات والمراثي والأناشيد. كان شاعرنا وطنيًّا ومثاليًّا، فمثلًا لم يزر أي إنجليزي قط، وكانت له في السياسة مواقف مشرفة مثل وقعة حادثة دنشواي المؤلمة التي نظم فيها قصيدة معبرة، وقيل إن كرومر كان يريد التمهيد لجعله رئيسًا للوزارة؛ فرد عليه بالقول: «لن أكون رئيسًا للوزارة وأخسر ضميري!»

توفي عام ١٩٢٣م، ودفن في مقبرة الإمام الشافعي في القاهرة، وأقيم له حفل تأبين كبير تبارى فيه الشعراء والخطباء لمواقفه النزيهة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤