يَا دَهْرُ وَيْحَكَ مَا عَدَا مِمَّا بَدَا

Wave Image
يَـا دَهْـرُ وَيْـحَـكَ مَـا عَـدَا مِـمَّا بَدَا
أَرْسَـلْـتَ سَـهْمَ الْحَادِثَاتِ فَأَقْصَدَا
أَغْـمَـدْتَ سَـيْـفًـا مُـرْهَـفًـا شَفَرَاتُهُ
قَــدْ كَـانَ فِـي ذَاتِ الْإِلَـهِ مُـجَـرَّدَا
فَـافْـعَـلْ بِـجَـهْـدِكَ مَا تَشَاءُ فَإِنَّنِي
بَـعْـدَ الْـمُـعَـظَّـمِ لَا أُبَـالِـي بِـالـرَّدَى
مَـا خِـلْـتُـهُ يَـفْـنَـى وَأَبْـقَـى بَـعْـدَهُ
يَـا بُـؤْسَ عَـيْـشِـي مَـا أَمَرَّ وَأَنْكَدَا
لَـهْـفِـي عَـلَـى بَـدْرٍ تَغَيَّبَ فِي ثَرَى
رَمْـسٍ وَبَـحْـرٍ فِـي ضَـرِيـحٍ أُلْحِدَا
أَبْـقَـيْـتَ لِـي يَـا دَهْـرُ بَـعْـدَ فِـرَاقِهِ
كَــبِــدًا مُــقَــرَّحَـةً وَجَـفْـنًـا أَرْمَـدَا
وَجَـوًى يُـؤَجِّـجُ بَـيْنَ أَثْنَاءِ الْحَشَا
نَــارًا تَــزَايَــدُ بِــالــدُّمُـوعِ تَـوَقُّـدَا
لَـوْ كَـانَ خَـلْـقٌ بِـالْـمَـكَارِمِ وَالتُّقَى
يَـبْـقَـى لَـكَـانَ مَدَى الزَّمَانِ مُخَلَّدَا
أَوْ كَانَ شَقُّ الْجَيْبِ يُنْقِذُ مِنْ رَدًى
شَـقَّـتْ عَـلَـيْـكَ بَـنُـو أَبِيكَ الْأَكْبُدَا
أَوْ كَـانَ يُـغْـنِي عَنْكَ دَفْعٌ بِالْقَنَا الْـ
ـخَـطِّـيِّ غَـادَرْتَ الْـوَشِيجَ مُقَصَّدَا
وَلَـقَـدْ تَـمَـنَّـتْ أَنْ تَـكُـونَ فَوَارِسٌ
مِـنْ آلِ أَيُّـوبَ الْـكِـرَامِ لَـكَ الْـفِـدَا
أَبْــكَــيْــتَ حَـتَّـى نَـثْـرَةً وَطِـمِـرَّةً
وَحَــزَنْــتَ حَـتَّـى ذَابِـلًا وَمُـهَـنَّـدَا
كَـمْ لَـيْـلَـةٍ قَـدْ بِـتَّ فِـيـهَـا لَا تَـرَى
إِلَّا ظُــهُــورَ الْأَعْــوَجِــيَّــةِ مَـرْقَـدَا
تَـحْـمِي حِمَى الْإِسْلَامِ مُنْتَصِرًا لَهُ
بِـعَـزَائِـمٍ تَـسْـتَـقْـرِبُ الْـمُـسْـتَبْعَدَا
وَلَــرُبَّ مَــلْــهُـوفٍ دَعَـاهُ لِـحَـادِثٍ
جَـلَلٍ فَـكَـانَ جَـوَابُـهُ قَبْلَ الصَّدَى
وَلَــطَـالَـمَـا شِـيـمَـتْ بَـوَارِقُ كَـفِّـهِ
فَـهَـمَـتْ سَـحَـائِـبُهَا عَلَيْنَا عَسْجَدَا
مَـا ضَـلَّ غَـمْـرٌ عَـنْ مَحَجَّةِ قَصْدِهِ
إِلَّا وَكَـــانَ لَــهُ إِلَــيْــهَــا مُــرْشِــدَا
يَـا مَـالِـكًـا مِـنْ بَـعْـدِ فَقْدِي وَجْهَهُ
جَـارَ الـزَّمَـانُ عَـلَيَّ بَعْدَكَ وَاعْتَدَى
أَعْــزِزْ عَــلَــيَّ بِــأَنْ يَـزُورَكَ رَاثِـيًـا
مَـنْ كَـانَ زَارَكَ بِـالْـمَـدَائِـحِ مُنْشِدَا
كَـمْ مَـوْرِدٍ ضَـنْـكٍ وَرَدْتَ وَطَـعْمُهُ
مُــرٌّ وَقَـدْ عَـافَ الْـكُـمَـاةُ الْـمَـوْرِدَا
وَعَــزِيــزِ قَـوْمٍ مُـتْـرَفٍ سَـرْبَـلْـتَـهُ
ذُلًّا وَكَــانَ الــطَّــاغِـيَ الْـمُـتَـمَـرِّدَا
أَرْكَـبْـتَـهُ حَـلَـقَـاتِ أَدْهَـمَ قَـصَّرَتْ
مِـنْـهُ الْخُطَى مِنْ بَعْدِ أَشْقَرَ أَجْرَدَا
لَـوْلَا دِفَـاعُـكَ بِـالـصَّـوَارِمِ وَالْـقَـنَا
عَـنْ حَـوْزَةِ الْإِسْـلَامِ عَـادَ كَـمَا بَدَا
وَدِيَــارُ مِـصْـرٍ لَـوْ وَنَـتْ عَـزَمَـاتُـهُ
عَـنْ نَـصْـرِهَـا لَتَمَكَّنَتْ فِيهَا الْعِدَى
وَلَأَمْـسَـتِ الْـبِـيضُ الْحَرَائِرُ أَسْهُمًا
فِـيـهَـا سَـبَـايَـا وَالْـمَـوَالِـي أَعْـبُـدَا
وَلَأَصْـبَـحَـتْ خَـيْلُ الْفِرِنْجِ مُغِيرَةً
تَـجْـتَـابُ مَـا بَيْنَ الْبَقِيعِ إِلَى كُدَى
وَبِـثَـغْـرِ دِمْـيَـاطٍ فَـكَـمْ مِـنْ بِـيعَةٍ
عُـبِـدَ الصَّلِيبُ بِهَا وَكَانَتْ مَسْجِدَا
أَنْـقَـذْتَـهَـا مِنْ خُطَّةِ الْخَسْفِ الَّتِي
كَـانَـتْ أَحَـلَّتْهَا الْحَضِيضَ الْأَوْهَدَا
أَجْـلَـيْـتَ لَـيْلَ الْكُفْرِ عَنْهَا فَانْطَوَى
وَأَنَـرْتَ فِـي عَرَصَاتِهَا فَجْرَ الْهُدَى
وَلَـقَـدْ شَـهِـدْتُـكَ يَـوْمَ قَـيْـسَـارِيَّـةٍ
وَالـشَّـمْسُ قَدْ نَسَجَ الْقَتَامُ لَهَا رِدَا
وَالْـكُـفْرُ مُعْتَصِمٌ بِسُورٍ مُشْرِفِ الْـ
أَبْـرَاجِ أُحْـكِـمَ بِـالـصَّـفِـيحِ وَشُيِّدَا
فَـجَـعَـلْـتَ عَـالِـيَـهَا مَكَانَ أَسَاسِهَا
وَأَلَـنْـتَ لِلْأَخْـشَـابِ فِـيهَا الْجَلْمَدَا
قُــلْ لِلْأَعَــادِي إِنْ فَــقَـدْنَـا سَـيِّـدًا
يَـحْـمِـي الـذِّمَـارَ فَـقَدْ رُزِقْنَا سَيِّدَا
الـنَّـاصِـرُ الْـمَلِكُ الَّذِي أَضْحَى بِرُو
حِ الْـقُـدْسِ فِـي كُلِّ الْأُمُورِ مُؤَيَّدَا
أَعْـلَـى الْـمُـلُـوكِ مَـحَـلَّـةً وَأَسَدُّهُمْ
رَأْيًـا وَأَشْـجَـعُـهُـمْ وَأَطْـوَلُـهُـمْ يَدَا
مَـاضِـي الْـعَـزِيمَةِ لَا يُرَى فِي رَأْيِهِ
يَــوْمَ الْــكَـرِيـهَـةِ حَـائِـرًا مُـتَـرَدِّدَا
يَـقِـظٌ يَـكَـادُ يُـرِيـهِ ثَـاقِـبُ فِـكْـرِهِ
فِـي يَـوْمِـهِ مَـا سَـوْفَ يَـأْتِـيهِ غَدَا

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: في رثاء الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل، والذي توفِّي في دمشق سنة ٦٢٤ﻫ.
  • غرض القصيدة: الرثاء
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الأيوبي

عن الشاعر

ابن عُنَين: هو أحد أبرز الشعراء العرب في العصر الأيوبي.

وُلد «أبو المحاسن حمد بن نصر الله بن الحسين بن عُنَين الأنصاري» بدمشق في عام ٥٤٩ﻫ/١١٤٥م، وكان يُلقَّب ﺑ «شرف الدين الكوفي» نِسبةً إلى أصله الكوفي كما قال.

عُرِف بهجائه اللاذع، حتى لقد ضاق به الناس ذرعًا، ولم يَسلَم أحدٌ منه في دمشق سوى القليل، حتى إن السلطان «صلاح الدين الأيوبي» لم يَسلَم من هجائه، وله قصيدة طويلة هجا فيها عددًا كبيرًا من حكَّام دمشق سمَّاها «مقراض الأعراض»، وهي تحوي حوالي خمسمائة بيت.

نُفِي «ابن عُنَين» من دمشق بأمرٍ من السلطان «صلاح الدين الأيوبي»، وبعدها ظل متنقِّلًا بين الكثير من البلدان، كالعراق وخراسان والهند واليمن ومصر. وبعد وفاة السلطان «صلاح الدين الأيوبي»، عاد إلى دمشق مرةً ثانية بعد تقرُّبه من الملك «العادل» ومدحه في قصائده.

بعد عودته إلى دمشق، تولَّى منصبَ الوزارة في آخِر حكم الملك «المعظم»، ومدةَ ولاية الملك «الناصر»، لكنْ بعد أن تولَّى الملك «الأشرف» مقاليدَ الحكم، ترك «ابن عُنَين» عمله ولزِمَ بيتَه في دمشق.

أما عن أعماله، فله ديوان شعري واحد، وقصيدة «مقراض الأعراض»، فضلًا عن «التاريخ العزيزي» في سيرة الملك «العزيز».

تُوفِّي «ابن عُنَين» بدمشق عامَ ٦٣٠ﻫ/١٢٣٢م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤