هُوَ النَّصْرُ مَعْقُودٌ بِرَايَتِنَا الْحَمْرَا

Wave Image
هُـوَ الـنَّـصْـرُ مَـعْـقُـودٌ بِـرَايَـتِـنَـا الْـحَمْرَا
عَـلَـى أَنَّـهُ فِـي الْـحَـرْبِ آيَـتُـنَـا الْـكُبْرَى
حَــلِــيــفَــانِ مِـنْ نَـصْـرٍ مُـبِـيـنٍ وَرَايَـةٍ
بِــهِ وَبِــهَــا نَـعْـلُـو عَـلَـى غَـيْـرِنَـا قَـدْرَا
لَـئِـنْ أَدْبَـرَ «الـطَّـلْـيَـانُ» عِـنْـدَ كِـفَـاحِـنَا
فَإِنَّ لَـهُـمْ فِـي بَـطْـشِ شُـجْـعَـانِـنَا عُذْرَا
فَإِنَّــا لَــقَــوْمٌ إِنْ نَــهَــضْــنَــا لِــحَــادِثٍ
مِـنَ الـدَّهْـرِ أَفْـزَعْـنَـا بِـنَـهْـضَـتِـنَا الدَّهْرَا
نَــدُكُّ هِـضَـابَ الْأَرْضِ حَـتَّـى نُـثِـيـرَهَـا
غُـبَـارًا عَـلَـى أَعْـدَائِـنَـا يَـكْـثَـحُ الـذُّعْـرَا
وَنَأْكُـــلُ مُــرَّ الْــمَــوْتِ حَــتَّــى كَأَنَّــنَــا
نَــلُــوكُ بِــهِ مَــا بَـيْـنَ أَضْـرَاسِـنَـا تَـمْـرَا
فَـسَـلْ جَـيْشَ «كَانِيفَا» بِنَا كَيْفَ قَوَّمَتْ
شِـفَـارُ مَـوَاضِـيـنَـا خُـدُودَهُـمُ الـصُّـعْـرَا
وَكَــيْــفَ هَــزَمْــنَــاهُــمْ فَــوَلَّـوْا كَأَنَّـنَـا
وَإِيَّـاهُـمُ أُسْـدُ الـشَّـرَى تَـطْـرُدُ الْـحُـمْـرَا
وَكَـمْ قَـدْ نَـثَـرْنَـا بِـالـسُّـيُـوفِ جَـمَـاجِمًا
نَـظَـمْـنَـا بِـهَـا فَـوْقَ الـثَّـرَى لِلْعِدَى شِعْرَا
وَمَـا جَـزَعِـي لِـلْـحَـرْبِ يَحْمَى وَطِيسُهَا
وَلَــكِــنْ لِأَرْوَاحٍ بِــهَــا أُزْهِــقَـتْ صَـبْـرَا
•••
لَــكِ الـلـهُ يَـا قَـتْـلَـى طَـرَابُـلُـسَ الَّـتِـي
بِـهَـا حَـكَّـمَ الـطَّـلْـيَـانُ أَسْـيَـافَـهُمْ غَدْرَا
أَدَامُــوا بِــهَــا قَـتْـلَ الـنُّـفُـوسِ نِـكَـايَـةً
إِلَــى أَنْ أَصَــارُوا كُـلَّ بَـيْـتٍ بِـهَـا قَـبْـرَا
وَلَـمَّـا أَحَـاطَ الْـمُـسْـلِـمُـونَ بِـجَـيْـشِـهِـمْ
فَـعَـادَ الْـفَـضَـاءُ الـرَّحْبُ فِي عَيْنِهِ شِبْرَا
تَـقَـهْـقَـرَ يَـبْـغِـي فِـي الـدِّيَـارِ تَـحَـصُّـنًـا
فَـفَـرَّ بِـهَـا مِـنْ خَشْيَةِ الْمَوْتِ وَاسْتَذْرَى
وَأَصْــبَــحَ يُـنْـكِـي أَهْـلَـهَـا مِـنْ تَـغَـيُّـظٍ
فَـيَـقْـتُـلُـهُـمْ صَـبْـرًا وَيُـرْهِـقُـهُـمْ عُـسْـرَا
فَأَوْسَـعَـهُـمْ بِـالـسَّـيْـفِ ضَـرْبًـا رِقَـابَـهُـمْ
وَآنَــافَــهُــمْ جَـدْعًـا وَأَجْـوَافَـهُـمْ بَـقْـرَا
وَمَــا ضَـرَّ «كَـانِـيـفَـا» الـلَّـعِـيـنَ لَـوَ انَّـهُ
تَـقَـحَّـمَ فِـي الْـهَـيْـجَـاءِ عَسْكَرَنَا الْمَجْرَا
أَيُــحْــجِــمُ عَــنَّــا هَــارِبًــا بِــعُــلُـوجِـهِ
وَيَــبْــغِــي بِـقَـتْـلِ الْأَبْـرِيَـاءِ لَـهُ فَـخْـرَا
وَهَـلْ حَـسِـبُـوا قَـتْـلَ الـنِّـسَـاءِ شَجَاعَةً
وَقَــدْ تَــرَكُــوا عِـنْـدَ الـرِّجَـالِ لَـهُـمْ ثَأْرَا
لَـقَـدْ شَـجُـعُـوا وَالْـمَـوْتُ لَـيْـسَ لَـهُ يَـدٌ
وَلَـمْ يَـشْـجُـعُـوا وَالْمَوْتُ يَطْعَنُهُمْ شَزْرَا
يَــعِــزُّ عَــلَــى أَسْــيَــافِـنَـا الْـيَـوْمَ أَنَّـهَـا
تُـقَـارِعُ قَـوْمًـا قَـرْعُـهُـمْ بِـالْـعَـصَا أَحْرَى
وَلَـمْ تَـكُ لَـوْلَا الْـحَـرْبُ تَـعْـلُـو سُـيُـوُفُنَا
رُءُوسًـا نَـرَى مِـلْءَ الْـقُـحُـوفِ بِـهَا عَهْرَا
وَمِـنْ مُـبْـكِـيَـاتِ الـدَّهْـرِ أَوْ مُـضْـحِكَاتِهِ
لَـدَى الـنَّـاسِ حُـرٌّ لَـمْ يَـكُـنْ خَصْمُهُ حُرَّا
•••
لَـئِـنْ «أَيُّـهَـا الْـقَـتْـلَـى» أُرِيـقَتْ دِمَاؤُكُمْ
فَـمَـا ذَهَـبَـتْ عِـنْـدَ الْـعِـدَى بَعْدَكُمْ هَدْرَا
سَــنَــثْأَرُ حَــتَّــى تَــسْأَمَ الْـحَـرْبُ ثَأْرَنَـا
وَنَـقْـتُـلُ عَـنْ كُـلِّ امْـرِئٍ أَنْـفُـسًـا عَـشْرَا
وَإِنِّــي لَــتَــغْــشَــانِـي إِذَا مَـا ذَكَـرْتُـكُـمْ
لَـوَاعِـجُ حُـزْنٍ تَـرْتَـمِي فِي الْحَشَا جَمْرَا
عَـلَـى أَنَّ قُـرْصَ الـشَّـمْـسِ عِـنْدَ غُرُوبِهَا
يُــذَكِّــرُنِــي تِــلْــكَ الـدِّمَـاءَ إِذَا احْـمَـرَّا
فَأَبْــكِــي تُــجَـاهَ الْـغَـرْبِ وَالْـبَـدْرُ لَائِـحٌ
مِـنَ الشَّرْقِ حَتَّى أَبْكِيَ الشَّمْسَ وَالْبَدْرَا
وَيَــا أَهْــلَ هَــاتِــيــكَ الــدِّيَــارِ تَـحِـيَّـةً
تُـوَفِّـيـكُـمُ الـشُّـكْـرَ الَّـذِي يَرْأَسُ الشُّكْرَا
فَــقَــدْ قُــمْـتُـمُ لِـلْـحَـرْبِ دُونَ بِـلَادِكُـمْ
تَـذُودُونَ عَـنْ أَحْـوَاضِـهَا الْبَغْيَ وَالنُّكْرَا
وَثُــرْتُـمْ أُسُـودًا فِـي الْـوَغَـى يَـعْـرُبِـيَّـةً
غَــدَا كُـلُّ سَـيْـفٍ فِـي بَـرَاثِـنِـهَـا ظُـفْـرَا
تَـرَاهَـا لَـدَى الْـحَـرْبِ الْـعَـوَانِ مُـشِـيحَةً
تُـهَـمْـهِـمُ حَـتَّـى تَـنْـطِـقُ الْـفَـتْكَةَ الْبِكْرَا
وَلَــوْ أَنَّ كَــفِّــي تَــسْــتَـطِـيـعُ تَـنَـاوُشًـا
فَـتَـبْـلُـغُ فِـي أَبْـعَـادِهَـا الْأُنْـجُـمَ الـزُّهْرَا
لَـرَتَّـبْـتُ مِـنْـهَـا فِـي الـسَّـمَـاءِ قَـصِـيـدَةً
لَـكُـمْ وَاتَّـخَـذْتُ الْبَدْرَ فِي رَأْسِهَا طُغْرَى
وَخَـــلَّــدْتُــهَــا آيًــا لَــكُــمْ سَــرْمَــدِيَّــةً
مَـدَائِـحُـهَـا تَـسْـتَـوْعِـبُ الْكَوْنَ وَالدَّهْرَا
يَــقُــولُــونَ إِنَّ الْــعَـصْـرَ عَـصْـرُ تَـمَـدُّنٍ
فَــمَـا بَـالُـهُ أَمْـسَـى عَـنِ الْـحَـقِّ مُـزْوَرَّا
إِلَـى الـلـهِ أَشْـكُـو فِـي الْـوَرَى جَـاهِـلِـيَّةً
يَــعُـدُّونَ فِـيـهَـا مِـنْ تَـمَـدُّنِـهِـمْ عَـصْـرَا
أَتَـتْـنَـا بِـثَـوْبِ الْـعِـلْـمِ تَـمْـشِـي تَـبَـخْتُرًا
إِلَـى الْـخَـيْـرِ لَـكِـنْ قَـدْ تَأَبَّـطَـتِ الـشَّـرَّا
فَـلَا تَـلْـتَـمِـظْ فِـي مَـدْحِـهَـا مُـتَـمَـطِّـقًـا
فَإِنْ أَظْـهَـرَتْ حُـلْـوًا فَـقَـدْ أَبْـطَـنَتْ مُرَّا
لَــقَــدْ مَــلَــكَ الْإِفْـرِنْـجُ أَرْضَ مَـرَاكُـشٍ
وَقَـدْ مَـلَـكُـوا مِـنْ قَـبْلِهَا تُونِسَ الْخَضْرَا
فَـفَـاجَأَنَـا الـطَّـلْـيَـانُ مِـنْ بَـعْـدِ مُـلْـكِهِمْ
لِـكَـيْ يَـسْـلُـبُـونَـا فِـي طَـرَابُـلُسَ الْأَمْرَا
وَقَــالُــوا أَلَــمْ تَأْتِ الْـفِـرِنْـجَـةُ تُـونِـسًـا
وَهَـذِي جُـيُـوشُ الْإِنْـكِـلِـيـزِ أَتَـتْ مِصْرَا
فَــخَــلُّــوا لَــنَــا مَــا بَـيْـنَ هَـذِي وَهَـذِهِ
وَإِلَّا قَــسَــرْنَـاكُـمْ عَـلَـى تَـرْكِـهَـا قَـسْـرَا
فَــقُــلْــنَــا لَــهُــمْ إِنَّــا أَحَــقُّ بِــمِـلْـكِـهَـا
فَــقَــالُــوا وَلَــكِــنْ زَنْــدُ قُــوَّتِــنَـا أَوْرَى
أَهَــذَا هُــوَ الْــعَــصْــرُ الَّــذِي يَـدَّعُـونَـهُ
فَـسُـحْـقًـا لَـهُ سُـحْـقًـا وَدَفْـرًا لَـهُ دَفْـرَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤