حَبِيبٌ نَأَى وَهْوَ الْقَرِيبُ الْمُصَاقِبُ

Wave Image
حَـبِـيـبٌ نَـأَى وَهْـوَ الْـقَـرِيبُ الْمُصَاقِبُ
وَشَـحْـطُ نَـوًى لَـمْ تُـنْـضَ فِيهِ الرَّكَائِبُ
وَإِنَّ قَـــرِيـــبًـــا لَا يُـــرَجَّـــى لِـــقَــاؤُهُ
بَــعِــيــدٌ تَــنَــاءَى وَالْــمَـدَى مُـتَـقَـارِبُ
أَلِــيـنُ لِـصَـعْـبِ الْـخُـلْـقِ قَـاسٍ فُـؤَادُهُ
وَأَعْــتِــبُــهُ لَــوْ يَــرْعَـوِي مَـنْ يُـعَـاتَـبُ
مِـنَ الـتُّـرْكِ مَـيَّـاسُ الْـقَـوَامِ مُـهَـفْـهَـفٌ
لَـــهُ الـــدُّرُّ ثَـــغْـــرٌ وَالــزُّمُــرُّدُ شَــارِبُ
يُــفَـوِّقُ سَـهْـمًـا مِـنْ كَـحِـيـلٍ مُـضَـيَّـقٍ
لَـهُ الْـهُـدْبُ رِيـشٌ وَالْـقِـسِيُّ الْحَوَاجِبُ
أَسَـــالَ عِـــذَارًا فِـــي أَسِــيــلٍ كَــأَنَّــهُ
عَــبِــيــرٌ عَــلَـى كَـافُـورِ خَـدَّيْـهِ ذَائِـبُ
وَأَنْــبَـتَ فِـي حِـقْـفِ الـنَّـقَـا خَـيْـزُرَانَـةً
تُــقِــلُّ هِــلَالًا أَطْــلَــعَــتْــهُ الــذَّوَائِــبُ
سَـعَـتْ عَقْرَبَا صُدْغَيْهِ فِي صَحْنِ خَدِّهِ
فَــهُــنَّ لِــقَــلْــبِــي سَــالِـبَـاتٌ لَـوَاسِـبُ
عَـجِـبْـتُ لِـجَـفْـنَـيْـهِ وَقَـدْ لَـجَّ سُـقْـمُـهَا
فَـصَـحَّـتْ وَجِـسْـمِـي مِنْ أَذَاهُنَّ ذَائِبُ
وَمِـنْ خَـصْـرِهِ كَيْفَ اسْتَقَلَّ وَقَدْ غَدَتْ
تُـــجَـــاذِبُـــهُ أَرْدَافُـــهُ وَالْـــمَــنَــاكِــبُ
ضَـنِـيـتُ بِـهِ حَـتَّـى رَثَـتْ لِـي عَوَاذِلِي
وَرَقَّ لِــمَــا أَلْــقَــى الْـعَـدُوُّ الْـمُـنَـاصِـبُ
وَمَـا كُـنْـتُ مِـمَّـنْ يَـسْـتَـكِـيـنُ لِـحَادِثٍ
وَلَــكِــنَّ سُــلْــطَـانَ الْـهَـوَى لَا يُـغَـالَـبُ
سَــحَــائِــبُ أَجْــفَــانٍ سَــوَارٍ سَـوَارِبُ
وَأَعْــــبَـــاءُ أَشْـــوَاقٍ رَوَاسٍ رَوَاسِـــبُ
فَـهَـلْ لِـيَ مِـنْ دَاءِ الـصَّـبَـابَـةِ مَـخْلَصٌ
لَـعَـمْـرِي لَـقَـدْ ضَـاقَـتْ عَـلَـيَّ الْمَذَاهِبُ
حَـلَـبْـتُ شُـطُـورَ الـدَّهْـرِ يُـسْرًا وَعُسْرَةً
وَجَـرَّبْـتُ حَـتَّـى حَـنَّـكَـتْـنِـي التَّجَارِبُ
فَـكَـمْ لَـيْـلَـةٍ قَـدْ بِـتُّ لَا الْـبَـدْرُ مُـشْـرِقٌ
يُــضِــيءُ لِــرَائِـيـهِ وَلَا الـنَّـجْـمُ غَـارِبُ
شَـقَـقْـتُ دُجَـاهَـا لَا أَرَى غَـيْـرَ هِـمَّـتِـي
أَنِـيـسًـا وَلَا لِـي غَـيْـرُ عَـزْمِـيَ صَـاحِبُ
بِــمَــمْــغُــوطَــةِ الْأَنْـسَـاعِ قَـوْدٍ كَـأَنَّـهَـا
عَـلَـى الـرَّمْلِ مِنْ إِثْرِ الْأَفَاعِي مَسَاحِبُ
وَبَــحْــرٍ تَـبَـطَّـنْـتُ الْـجَـوَارِي بِـظَـهْـرِهِ
فَـجُـبْـنَ وَهُـنَّ الْـمُـقْـرِبَـاتُ الْـمَـنَـاجِـبُ
إِلَـى بَـحْـرِ جُـودٍ يُـخْـجِـلُ الْـبَـحْـرَ كَفُّهُ
فَــقُــلْ عَـنْ أَيَـادِيـهِ فَـهُـنَّ الْـعَـجَـائِـبُ
إِلَــى مَــلِــكٍ مَــا جَــادَ إِلَّا وَأَقْــلَــعَــتْ
حَـيَـاءً وَخَـوْفًـا مِـنْ يَـدَيْـهِ الـسَّـحَائِبُ
إِلَــى أَبْــلَــجٍ كَــالْـبَـدْرِ يُـشْـرِقُ وَجْـهُـهُ
سَــنَــاءً إِذَا الْـتَـفَّـتْ عَـلَـيْـهِ الْـمَـوَاكِـبُ
تَــسَــنَّــمَ مِــنْ أَعْـلَـى الْـمَـرَاتِـبِ رُتْـبَـةً
تَـقَـاصَـرُ عَـنْ أَدْنَـى مَـدَاهَـا الْـكَـوَاكِـبُ
لَـــنَــا مِــنْ نَــدَاهُ كُــلَّ يَــوْمٍ رَغَــائِــبُ
وَمِــنْ فِــعْــلِـهِ فِـي كُـلِّ مَـدْحٍ غَـرَائِـبُ
فَـتًـى حِـصْـنُـهُ ظَـهْـرُ الْـحِـصَانِ وَنَثْرَةٌ
تَـكِـلُّ لَـدَيْـهَـا الْـمُـرْهَـفَـاتُ الْـقَـوَاضِـبُ
مُــضَــاعَــفَــةٌ حَــتَّــى كَــأَنَّ قَـتِـيـرَهَـا
حُــبَـابٌ حَـبَـتْـهُ بِـالْـعُـيُـونِ الْـجَـنَـادِبُ
يُـرِيـهِ دَقِـيـقُ الْـفِـكْـرِ فِـي كُـلِّ مُـشْكِلٍ
مِـنَ الْأَمْـرِ مَـا تُـفْـضِـي إِلَـيْـهِ الْـعَوَاقِبُ
أَتَـــيْـــتُ إِلَـــيْـــهِ وَالـــزَّمَــانُ عِــنَــادُهُ
عِـنَـادِي وَقَـدْ سُـدَّتْ عَـلَـيَّ الْـمَـذَاهِـبُ
لِـيَـرْفَـعَ مِـنْ قَـدْرِي وَيُـجْـزِمَ حَـاسِـدِي
وَأُصْـبِـحَ فِـي خَـفْـضٍ فَـكَـمْ أَنَا نَاصِبُ
فَــلَــمْ أَرَ كَــفًّــا عَــارِضًــا غَــيْــرَ كَـفِّـهِ
بِــوَجْـهٍ وَلَـمْ يَـزْوَرَّ لِلـسُّـخْـطِ حَـاجِـبُ
قَـطَـعْـنَـا نِـيَـاطَ الْـعِيسِ نَحْوَ ابْنِ حُرَّةٍ
صَـفَـتْ عِـنْـدَهُ لِلْـمُـعْـتَـفِـيـنَ الْـمَشَارِبُ
إِلَــى طَـاهِـرِ الْأَنْـسَـابِ مَـا قَـعَـدَتْ بِـهِ
عَنِ الْمَجْدِ مِنْ بَعْضِ الْجُدُودِ الْمَنَاسِبُ
دَعَــا كَــوْكَــبَــانًــا وَالــنُّــجُـومُ كَـأَنَّـهَـا
نِــطَــاقٌ عَــلَــيْــهِ نَـظَّـمَـتْـهُ الـثَّـوَاقِـبُ
فَــرَامَ امْــتِــنَــاعًــا عَــنْـهُ وَهْـوَ مُـرَادُهُ
كَـمَـا امْـتَـنَـعَتْ عَنْ خَلْوَةِ الْبَعْلِ كَاعِبُ
وَلَــيْــسَ بِــرَاشٌ مِـنْـهُ أَقْـوَى قَـوَاعِـدًا
وَإِنْ غَـرَّ مَـنْ فِـيـهِ الـظُّـنُـونُ الْـكَوَاذِبُ
تَــقِــلُّ عَــلَــى كُــثْــرِ الْـعَـدِيـدِ عُـدَاتُـهُ
وَتَـكْـثُـرُ مِـنْـهُـمْ فِـي الـنَّوَادِي النَّوَادِبُ
وَنُـصْـحِـي لَـهُـمْ أَنْ يَـهْـرُبُوا مِنْ عِقَابِهِ
إِلَـيْـهِ فَـإِنَّ الـنُّـصْـحَ فِـي الدِّينِ وَاجِبُ
بَـقِـيـتَ فَـكَـمْ شَـرَّفْـتَ بِـاسْـمِـكَ مِنْبَرًا
وَكَـمْ نَـالَ مِـنْ فَـخْـرٍ بِـذِكْـرِكَ خَـاطِـبُ

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الأيوبي

عن الشاعر

ابن عُنَين: هو أحد أبرز الشعراء العرب في العصر الأيوبي.

وُلد «أبو المحاسن حمد بن نصر الله بن الحسين بن عُنَين الأنصاري» بدمشق في عام ٥٤٩ﻫ/١١٤٥م، وكان يُلقَّب ﺑ «شرف الدين الكوفي» نِسبةً إلى أصله الكوفي كما قال.

عُرِف بهجائه اللاذع، حتى لقد ضاق به الناس ذرعًا، ولم يَسلَم أحدٌ منه في دمشق سوى القليل، حتى إن السلطان «صلاح الدين الأيوبي» لم يَسلَم من هجائه، وله قصيدة طويلة هجا فيها عددًا كبيرًا من حكَّام دمشق سمَّاها «مقراض الأعراض»، وهي تحوي حوالي خمسمائة بيت.

نُفِي «ابن عُنَين» من دمشق بأمرٍ من السلطان «صلاح الدين الأيوبي»، وبعدها ظل متنقِّلًا بين الكثير من البلدان، كالعراق وخراسان والهند واليمن ومصر. وبعد وفاة السلطان «صلاح الدين الأيوبي»، عاد إلى دمشق مرةً ثانية بعد تقرُّبه من الملك «العادل» ومدحه في قصائده.

بعد عودته إلى دمشق، تولَّى منصبَ الوزارة في آخِر حكم الملك «المعظم»، ومدةَ ولاية الملك «الناصر»، لكنْ بعد أن تولَّى الملك «الأشرف» مقاليدَ الحكم، ترك «ابن عُنَين» عمله ولزِمَ بيتَه في دمشق.

أما عن أعماله، فله ديوان شعري واحد، وقصيدة «مقراض الأعراض»، فضلًا عن «التاريخ العزيزي» في سيرة الملك «العزيز».

تُوفِّي «ابن عُنَين» بدمشق عامَ ٦٣٠ﻫ/١٢٣٢م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤