يَا ضَوْءُ

Wave Image
تُـضِـيءُ مَـا يَـسْـتُـرُ الـظَّـلَامُ مِـنَ الْـ
ـقُــبْــحِ وَتَــكْــسُــوهُ حُــلَّــةَ الْــبِــدَرِ
وَأُمُّـــكَ الـــنَّـــارُ وَهْـــيَ صَـــائِــلَــةٌ
لِــلْــخَــيْــرِ وَالــشَّــرِّ صَـوْلَـةَ الْـغِـيَـرِ
كَــسَـوْتَ وَجْـهِـي وَخَـاطِـرِي حُـلَـلًا
وَكُــنْــتَ لِــلْــعَــيْــنِ عِــلَّــةَ الــنَّـظَـرِ
لَــوْلَاكَ لَــمْ يَــرْحَــمِ الَّـذِي حَـمِـدَ الْـ
ـحُـــسْـــنَ أَخَــاهُ ذَا الْآفَــةِ الْــكَــدِرِ
تَــلُــوحُ لِــلْــهَـالِـكِ الـسَّـقِـيـمِ فَـيَـعْـ
ـتَـــدُّكَ خَـــيْــرَ الــلَّــذَّاتِ وَالــذُّخُــرِ
تَــلُــوحُ لِــلْــجَـارِمِ الْـحَـبِـيـسِ كَـمَـا
يَـلُـوحُ مَـاضِـي الـنَّـعِـيـمِ فِي الصُّوَرِ
تَـــغْـــذُوهُ أُمٌّ فِــي عَــيْــنِــهَــا أَبَــدًا
سِـحْـرُ حَـنَـانٍ يُـضِـيءُ فِـي الْـبَـصَرِ
وَهْـــوَ وَلِـــيـــدٌ قَــدْ أُولِــعَــتْ يَــدُهُ
بِـخَـطْـفَـةِ الـضَّـوْءِ حِـلْـيَـةَ الْـحَـجَـرِ
وَكُــــلُّــــنَــــا ذَلِـــكَ الْـــوَلِـــيـــدُ إِذَا
لَاحَ سَـــرَابُ الـــرَّجَـــاءِ وَالْـــوَطَــرِ!
وَأَنْـتَ فِـي الْـمَـعْـبَـدِ الْـمَـشِيدِ كَضَوْ
ءِ الــلــهِ فِــي صَــالِــحٍ مِـنَ الْـخَـبَـرِ
أَوْ مِـثْـلُ ضَـوْءِ الـضَّـمِـيـرِ مُـحْتَبِسٌ
فِـي الـنَّـفْـسِ أَوْ كَالصَّفَاءِ فِي السِّيَرِ
تُـبْـعِـدُكَ الـطَّـيْـرُ فِـي الـصَّـبَـاحِ بِـمَا
تَـــتْـــلُـــوهُ مِـــنْ آيَــةٍ وَمِــنْ سُــوَرِ
تَــهْــبِــطُ فَــوْقَ الْـغَـدِيـرِ فِـي مَـرَحٍ
مِـثْـلَ هُـبُـوطِ الـطُّـيُـورِ فِـي الشَّجَرِ
أَمْ أَنْــتَ رُوحُ الْــحُــبُـورِ قَـدْ بَـرَزَتْ
تُــنِــيــرُ وَجْــهَ الْــحَـيَـاةِ فِـي خَـفَـرِ
كَأَنَّ فِـــي الْأَرْضِ قَـــلْـــبَ وَالِـــهَــةٍ
تَــسْــبِــي عَــشِـيـقًـا بِـحُـلَّـةِ الـزَّهَـرِ
سَـنَـابِـلُ الـنَّـبْـتِ، أَنْـتَ صُـغْـتَ لَـهَـا
مِــنْ عَــسْــجَــدٍ، حُـلَّـةً مِـنَ الْـحَـبَـرِ
تَــرْقُـصُ رَقْـصَ الْـحَـسْـنَـاءِ إِنَّ لَـهَـا
رَقْـصًـا كَـرَقْـصِ الـضِّـيَـاءِ فِـي النَّهَرِ
يَــا عَــلَــمًــا لِــلْــحَــيَـاةِ يَـنْـشُـرُهُ الْـ
ـكَـوْنُ فَـيُـقْـصِـي الْـقُـلُوبَ عَنْ خَوَرِ
وَرُبَّ فَـــجْـــرٍ بَـــثَـــقْـــتَـــهُ بَــهِــجٍ
كَـفَـجْـرِ حُـبٍّ فِـي الْـقَـلْـبِ مُـنْـفَجِرِ
أَوْ مِـــثْــلِ فَــجْــرِ الْآمَــالِ إِنَّ لَــهَــا
فَــجْــرًا وَلَــيْــلًا يُــضَــاءُ بِــالــذِّكَــرِ
فَـطَـرَّزَ الـسُّـحْـبَ مِـثْـلَـمَا حَسُنَ النَّـ
ـحْــسُ بِـضَـوْءِ الـرَّجَـاءِ فِـي الْـكَـدَرِ
كَأَنَّــــمَــــا أَنْــــتَ سُــــلَّـــمٌ لِـــعَـــلَا
ءِ الــنَّــفْــسِ تَــسْــمُــو لِآيَـةِ الْـعُـمُـرِ
أَوْ أَنْــتَ حُــسْـنُ الْـجِـنَـانِ نُـبْـصِـرُهُ
مُــنْــبَــعِــثًــا خَــارِجًــا مِــنَ الـثُّـغَـرِ
تُــرْمِــدُ طَــرْفَ الْــحَــزِيـنِ، إِنَّ أَخَـا
كَ الــلَّــيْــلَ بَــرٌّ بِــالْــخَـاطِـرِ الْـكَـدِرِ
تُــلِــيــحُ بِــالــسَّــعْـدِ وَالْـمُـنَـى أَبَـدًا
لِــذِي طُــمُــوحٍ بِــالــتُّـرْبِ مُـنْـعَـفِـرِ
وَأَنْــتَ كَــالْــيَــمِّ، دُرُّهُ الْــفَــلَـكُ الـدَّ
وَّارُ أَوْ فَـــــاقِـــــعٌ مِــــنَ الــــزَّهَــــرِ
وَيَــا بَــشِــيــرًا بِــمَــا نَـخَـالُ مِـنَ الْـ
آلَاءِ فِـــي مُـــقْـــبِــلٍ مِــنَ الْــغِــيَــرِ
حَــكَــيْــتَ ذُخْــرَ الْآمَــالِ تَـبْـعَـثُـهَـا
لِـلْـوَهْـمِ يَـزْهُـو كَـالـتِّـبْـرِ فِـي الذُّخُرِ
تُــخَــالُ مِــنْ رِقَّــةِ الْــمَــرَاسِـمِ مَـعْـ
ـنًــى لَا يَــرَاهُ الْــبَــصِــيـرُ بِـالْـبَـصَـرِ
أَشْـهَـى ضِـيَـاءٍ يَـكْسُو الْحَبِيبَ خِمَا
رًا نِــعْـمَ ذَاكَ الْـكِـسَـاءُ فِـي الـخُـمُـرِ
تَــسْـتَـبِـقُ الـطَّـيْـرَ فِـي أَشِـعَّـتِـكَ الْـ
ـغَــرَّاءِ فِـعْـلَ الْـحِـسَـانِ فِـي الْـغُـدُرِ
وَضَّـاءَةُ الْـمَـاسِ مِـنْـكَ قَـدْ قَـبَـسَتْ
وَأَنْــتَ فِـي الـرَّوْضِ خَـمْـرَةَ الـزَّهَـرِ
وَالـضَّـوْءُ فِـي الْـمَـنْزِلِ الْخَرَابِ كَقَلْـ
ـبِ النَّدْبِ يَشْقَى بِالْجِسْمِ فِي الْكِبَرِ
خَــوَاطِــرُ الْــخَــيْــرِ كَـالْـمَـلَائِـكِ أَوْ
كَـالـضَّـوْءِ يَـزْهُـو فِـي قِـمَّـةِ الـشَّجَرِ
كُــلُّ جَــلِــيــلٍ مُــشَـبَّـهٌ بِـكَ فِـي الْـ
ـمَــدْحِ، وَلَــيْــسَ الــتُّــرَابُ كَـالـدُّرَرِ
فَـالْـحَـقُّ وَالْـحُـسْـنُ وَالْـمَـطَامِعُ أَشْـ
ـبَــاهُــكَ فِــي قَــوْلِ نَــاعِـتِ الْـغُـرَرِ
أَضِـئْ إِنِ اسْـطَـعْتَ مَا يُخَالُ مِنَ الْـ
ـغُـــيُــوبِ وَالــطَّــارِقَــاتِ وَالْــقَــدَرِ
كَــمْ ذَا رَأَيْــتُ الْأَنَـامَ فِـي عَـنَـتِ الْـ
ـعَـيْـشِ نَـشَـاوَى مِـنْ غَـيْـرِ مَـا سُكُرِ
فَــلَـمْ تُـقَـطِّـبْ عَـلَـى الـشَّـقَـاءِ وَلَـمْ
تَــبْــدُ كَــوَجْــهٍ لِــلَّــيْــلِ مُــعْــتَــكِـرِ
كَـالـشَّـيْـخِ شَـامَ الْـخُـطُـوبَ قَـاطِبَةً
يَـــذْخَـــرُ غُـــفْــرًا لِــزَلَّــةِ الْــبَــشَــرِ
خَـــبِّــرْ وَمَــا يَــنْــفَــعُ الْــوَرَى أَبَــدًا
طِــلَابُ ذَاكَ الـطَّـلِـيـبِ فِـي الْـخَـبَـرِ
أَثَــغْــرَةٌ ذَا الْــحِــمَــامُ نُــبْــصِـرُ مِـنْـ
ـهَـا الـضَّـوْءَ، أَمْ حُـفْـرَةٌ مِـنَ الْحُفَرِ؟

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المنسرح
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤