لَوْ كُنْتَ شَاهِدَ عَبْرَتِي يَوْمَ النَّقَا

Wave Image
لَـوْ كُـنْـتَ شَـاهِـدَ عَـبْـرَتِـي يَوْمَ النَّقَا
لَـمَـنَـعْـتَ قَـلْـبَـكَ بَـعْـدَهَـا أَنْ يَعْشَقَا
وَلَــكُــنْــتَ أَوَّلَ نَـازِعٍ مِـنْ خُـطَّـتِـي
يَـدَهُ وَلَـوْ كُـنْـتَ الْـمُـحِـبَّ الْـمُـشْفِقَا
وَعَــذَرْتَ فِـي أَنْ لَا أُطِـيـقَ تَـجَـلُّـدًا
وَعَـجِـبْـتَ مِـنْ أَنْ لَا أَذُوبَ تَـحَـرُّقَـا
نَـاشَـدْتُ حَـادِيَ نُـوقِـهِـمْ فِي مُدْنَفٍ
أَبْــكَــى الْــحُــدَاةَ بُـكَـاؤُهُ وَالْأَيْـنُـقَـا
وَمَــنَــحْـتُـهُـمْ جَـفْـنًـا إِذَا نَـهْـنَـهْـتُـهُ
رَقَأَتْ جُــفُــونُ الـثَّـاكِـلَاتِ وَمَـا رَقَـا
يَـا عَـمْـرُو أَيُّ عَـظِيمِ خَطْبٍ لَمْ يَكُنْ
خَـطْـبُ الْـفِـرَاقِ أَشَـدَّ مِـنْـهُ وَأَوْبَـقَـا
كِـلْـنِـي إِلَـى عُـنْـفِ الـصُّـدُودِ فَـرُبَّـمَا
كَـانَ الـصُّـدُودُ مِـنَ الـنَّـوَى بِي أَرْفَقَا
قَــدْ سَـالَ حَـتَّـى قَـدْ أَسَـالَ سَـوَادَهُ
طَـرْفِـي فَـخَـالَـطَ دَمْـعَـهُ الْـمُتَرَقْرِقَا
وَاسْــتَـبْـقِ لِـلْأَطْـلَالِ فَـضْـلَـةَ أَدْمُـعٍ
أَفْــنَــيْــتَــهُــنَّ قَــطِــيـعَـةً وَتَـفَـرُّقَـا
أَوْ فَـاسْـتَـمِـحْ لِـي مِـنْ خَـلِـيٍّ سَلْوَةً
إِنْ كَـانَ ذُو الْإِثْـرَاءِ يُـسْـعِـفُ مُـمْـلِقَا
إِنَّ الــظِّــبَــاءَ غَــدَاةَ رَامَـةَ لَـمْ تَـدَعْ
إِلَّا حَــشًــى قَــلِــقًــا وَقَـلْـبًـا شَـيِّـقَـا
سَنَحَتْ فَمَا مَنَحَتْ وَكَمْ مِنْ عَارِضٍ
قَـدْ مَـرَّ مُـجْـتَـازًا عَـلَـيْـكَ وَمَا سَقَى
غِـيـدٌ نَـصَـبْـتُ لِـصَـيْـدِهِـنَّ حَـبَـائِـلًا
يَــعْـلَـقْـنَـهُـنَّ فَـكُـنْـتُ فِـيـهَـا أَعْـلَـقَـا
وَلَـكَـمْ نَـهَـيْـتُ الـلَّـيْـثَ أَغْلَبَ بَاسِلًا
عَـنْ أَنْ يَـرُودَ الـظَّـبْـيَ أَتْـلَـعَ أَرْشَـقَـا
فَإِذَا الْـقَـضَـاءُ عَـلَـى الْـمَضَاءِ مُرَكَّبٌ
وَإِذَا الـشَّـقَـاءُ مُـوَكَّـلٌ بِأَخِـي الـشَّـقَا
وَلَـقَـدْ سَـرَيْـتُ إِذَا الـسَّـمَـاءُ تَـخَـالُهَا
بُــرْدًا بِــرَاكِـدَةِ الـنُّـجُـومِ مُـشَـبْـرَقَـا
وَالــلَّـيْـلُ مِـثْـلُ الـسَّـيْـلِ لَـوْلَا لُـجَّـةٌ
تَـغْـشَـى الـرُّبَـى بِأَعَـمَّ مِـنْـهُ وَأَعْـمَقَا
وَمُـشَـمِّـرِيـنَ تَـدَرَّعُـوا ثَـوْبَ الدُّجَى
فَأَجَــدَّ لُــبْــسَـهُـمُ الـزَّمَـاعُ وَأَخْـلَـقَـا
عَـاطَـيْـتُـهُـمْ كَأْسَ الـسُّـرَى فِي لَيْلَةٍ
أَمِـنَ الـظَّـلَامُ بِـفَـجْـرِهَـا أَنْ يُـشْـرِقَا
حَــتَّــى إِذَا حَــسَــرَ الــصَّـبَـاحُ كَأَنَّـهُ
وَجْــهُ الْــوَجِــيــهِ تَــبَــلُّــجًـا وَتَأَلُّـقَـا
حَـطُّـوا رِحَالَ الْعِيسِ مِنْهُ بِخَيْرِ مَنْ
هَــزُّوا إِلَــيْــهِ رِقَــابَــهَــا وَالْأَسْــؤُقَـا
بِأَغَــرَّ يَــجْــلُــو لِــلْــوُفُـودِ جَـبِـيـنُـهُ
شَـمْـسًـا تَـكُـونُ لَـهَـا الْمَعَالِي مَشْرِقَا
نَــزَلُـوا فَـمَـا وَصَـلُـوهُ مَـهْـجُـورًا وَلَا
فَــتَـحُـوا إِلَـى نُـعْـمَـاهُ بَـابًـا مُـغْـلَـقَـا
إِنْ زُرْتَــهُ فَــتَــوَقَّ فَــيْــضَ بَــنَــانِـهِ
إِنَّ الْــبِــحَــارَ مَــلِــيَّــةٌ أَنْ تُــغْــرِقَــا
وَإِذَا أَبُـــو الـــذَّوَّادِ حَــاطَــكَ ذَائِــدًا
فَـلَـقَـدْ أَخَـذْتَ مِـنَ الـلَّـيَـالِـي مَوْثِقَا
يَــشْــتَــدُّ مَــمْـنُـوعًـا وَيُـكْـرِمُ قَـادِرًا
وَيَـطُـولُ مَـحْـقُـوقًا وَيَصْفَحُ مُحْنَقَا
لَـوْ أَنَّ مَـنْ يَـرْوِي حَـدِيـثَ سَـمَـاحِهِ
يَـرْوِيـهِ عَـنْ صَـوْبِ الْـحَيَا مَا صُدِّقَا
صَـحِـبَ الـزَّمَـانَ وَكَـانَ يَـبْـسًا ذَاوِيًا
فَـسَـقَـاهُ بِـالْـمَـعْـرُوفِ حَـتَّـى أَوْرَقَـا
لَا تَــذْكُــرَنَّ لَــهُ الْــمَــكَــارِمَ وَالْــعُـلَا
فَـتَـهِـيـجَ صَـبًّـا أَوْ تَـشُـوقَ مُـشَـوَّقَـا
عَـشِـقَ الْـمَـحَـامِـدَ وَهْـيَ عَـاشِقَةٌ لَهُ
وَكَـذَاكَ مَـا بَـرِحَ الْـجَـمَـالُ مُـعَـشَّـقَـا
يَـجْـرِي عَـلَـى سَـنَـنِ الْـمَـكَـارِمِ فِعْلُهُ
خُــلُــقًــا إِذَا كَــانَ الْـفَـعَـالُ تَـخَـلُّـقَـا
لَا يَــمْــنَــحُ الْإِحْــسَــانَ إِلَّا شَــامِــلًا
خَـيْـرُ الْـحَـيَـا مَـا عَـمَّ مِـنْـهُ وَطَـبَّـقَـا
كَـتَـمَ الـصَّـنَـائِـعَ فَـاسْـتَـشَاعَ ثَنَاؤُهَا
مَـنْ ذَا يَـصُـدُّ الـصُّبْحَ عَنْ أَنْ يُشْرِقَا
قَـدْ حَـالَـفَ الْعَزْمَ الْحَمِيدَ فَلَمْ يَخَفْ
خَــطْـبًـا يُـحَـاوِلُ فَـتْـقَـهُ أَنْ يَـرْتُـقَـا
وَرَمَـى إِلَـى الْغَرَضِ الْبَعِيدِ فَلَمْ يَبِتْ
أَبَــدًا بِــغَــيْــرِ الْــمَـكْـرُمَـاتِ مُـؤَرَّقَـا
سَـامِـي الْـمَـرَامِ شَـرِيـفُـهُ إِنْ تَـدْعُـهُ
لَا تَــدْعُــهُ لِــلْــخَــطْــبِ إِلَّا مُــقْـلِـقَـا
إِنْ جَــادَ فِــي بِـشْـرٍ تُـوُهِّـمِ عَـارِضًـا
أَوْ حَــلَّ فِــي نَــفَــرٍ تَـرَاءَوْا فَـيْـلَـقَـا
تَــلْــقَــاهُ فِــي هَــيْـجَـاءِ كُـلِّ مُـلِـمَّـةٍ
بَــطَــلًا إِذَا شَـهِـدَ الْـكَـرِيـهَـةَ حَـقَّـقَـا
كَــالْــمَــشْــرَفِــيِّ الْــعَــضْـبِ إِلَّا أَنَّـهُ
أَمْــضَــى شَــبًـا مِـنْـهُ وَأَبْـهَـرُ رَوْنَـقَـا
جَـارَى عِـنَـانَ الْـفَـضْلِ فِي أَمَدِ الْعُلَا
أَدْنَــى وَأَقْــرَبُ شَأْوِهِ أَنْ يَــسْــبِــقَـا
لَا يُــدْرِكُ الْــجَــارُونَ غَـايَـةَ مَـجْـدِهِ
مَـنْ يَـسْـتَـطِـيـعُ إِلَـى الـسَّمَاءِ تَسَلُّقَا
هَــيْــهَــاتَ يَــمْـنَـعُ ذَاكَ حَـقٌّ أَخْـلَـقٌ
لَا يُـحْـسِـنُ الْـعَـيُّـوقُ فِـيـهِ تَـحَـلُّـقَـا
وَمِــنَ الــتَّأَخُّــرِ أَنْ يُــقَــدِّمَ وَاطِــئٌ
قَــدَمًــا عَــلَــى دَحْــضٍ أَزَلَّ وَأَزْلَـقَـا
مَــا كُــلُّ مَــنْــقَـبَـةٍ يُـحَـاوَلُ نَـيْـلُـهَـا
تُــحْــوَى وَلَا كُــلُّ الْــمَـنَـازِلِ تُـرْتَـقَـا
يَــا سَــيِّــدَ الــرُّؤَسَــاءِ أَيُّ مُــطَـاوِلٍ
أَنْ يَـسْـتَـطِـيـعَ بِـكَ الـلَّحَاقَ فَيَلْحَقَا
مَــاذَا يُــحَــاوِلُـهُ الْـمُـغَـامِـرُ بَـعْـدَمَـا
وَجَـدَ الْـمَـجَـالَ إِلَـى قِـرَاعِـكَ ضَـيِّقَا
إِنَّ الــرِّيَــاسَـةَ لَا تَـلِـيـقُ بِـغَـيْـرِ مَـنْ
مُــذْ كَـانَ كَـانَ بِـثَـدْيِـهَـا مُـتَـمَـطِّـقَـا
بِــغَــنَــائِــهَــا مُـتَـكَـفِّـلًا وَبِـفَـضْـلِـهَـا
مُــتَــوَحِّــدًا وَبِــمُـلْـكِـهَـا مُـتَـحَـقِّـقَـا
كَـمْ فِـيـكَ مُجْتَمِعًا مِنَ الْحَسَنَاتِ مَا
يُـعْـيِـي وَيُـعْـجِـزُ فِـي الْوَرَى مُتَفَرِّقَا
وَلِــبَــيْــتِــكَ الْــفَـخْـرُ الَّـذِي لَـوْ أَنَّـهُ
سَـامَـى الـسِّـمَـاكَ لَـكَـانَ مِـنْهُ أَسْمَقَا
مَــنْ كَــانَ يَــفْــخَــرُ أَنَّـهُ مِـنْ أُسْـرَةٍ
كَـرُمَـتْ وَيَـضْـرِبُ فِي الْكِرَامِ مُعَرِّقَا
فَـلْـيَأْتِـنَـا بِأَبٍ كَـمِـثْـلِ أَبِـيـكَ فِي الْـ
ـعَـلْـيَـاءِ أَوْ جَـدٍّ كَـجَـدِّكَ فِـي الـتُّقَى
أَمَّــا دِمَـشْـقُ فَـقَـدْ حَـوَتْ بِـكَ عِـزَّةً
كَـرُمَـتْ بِـهَـا عَـنْ أَنْ تَـكُـونَ الْأَبْـلَـقَا
حَــصَّــنْـتَـهَـا بِـسَـدَادِ رَأْيِـكَ ضَـارِبًـا
سُـورًا عَـلَـيْـهَـا مِـنْ عُـلَاكَ وَخَـنْـدَقَـا
وَحَــمَــيْـتَ حَـوْزَتَـهَـا بِـهِـمَّـةِ أَوْحَـدٍ
مَــا زَالَ مَــيْـمُـونَ الْـفَـعَـالِ مُـوَفَّـقَـا
أَمْـطَـرْتَـهَـا مِـنْ فَـيْـضِ عَـدْلِكَ أَنْعُمًا
لَا تُــعْــدِمُ الــرُّوَّادَ رَوْضًــا مُــونِــقَــا
إِنْ أَظْـلَـمَـتْ كُنْتَ الضَّحَاءَ الْمُجْتَلَى
أَوْ أَجْـدَبَـتْ كُـنْـتَ الـرَّبِـيـعَ الْـمُغْدِقَا
وَأَنَـا الَّـذِي أَضْـحَـى أَسِـيـرَ عَـوَارِفٍ
لَــكَ لَا يَــوَدُّ أَسِــيــرُهَـا أَنْ يُـطْـلَـقَـا
أَوْفَــى وَأَشْــرَفُ مَــا يُــؤَمِّــلُ آمِــلٌ
أَنْ لَا يُــرَى مِـنْ رِقِّ جُـودِكَ مُـعْـتَـقَـا
أَجْـمَـمْتُ جُودَكَ فَاسْتَفَاضَ سَمَاحَةً
وَإِذَا حَــبَـسْـتَ الـسَّـيْـلَ زَادَ تَـدَفُّـقَـا
وَحَــمَــيْـتُ آمَـالِـي سِـوَاكَ وَعَـاطِـلٌ
مَــنْ كَـانَ مِـنْ مَـنِّ الـلِّـئَـامِ مُـطَـوَّقَـا
لَـمْ يُـبْـقِ سَـيْـبُ نَـدَاكَ مَـوْضِعَ نَائِلٍ
فَــهِــقَ الْـغَـدِيـرُ وَحَـقُّـهُ أَنْ يَـفْـهَـقَـا
وَلَـئِـنْ مَـنَنْتَ فَوَاجِبٌ لَكَ فِي النَّدَى
إِمَّــا نَــزَعْــتَ بِــسَـهْـمِـهِ أَنْ يُـغْـرِقَـا
أُثْـنِـي عَـلَـيْـكَ بِـحَـقِّ حَـمْدِكَ صَادِقًا
حَـسْـبُ الْـمَـعَـالِي أَنْ تَقُولَ فَتَصْدُقَا
وَلَــكَــمْ يَــدٍ لَــكَ لَا يُــؤَدَّى حَــقُّــهَـا
مَـا خَـبَّ رَكْـبٌ بِـالْـفِـجَـاجِ وَأَعْـنَـقَـا
أَعْـيَـتْ ثَـنَـايَ وَأَوْجَـبَـتْ شُكْرِي لِسَا
لِــفِــهَـا فَأَفْـحَـمَـنِـي نَـدَاكَ وَأَنْـطَـقَـا
خُــذْهَــا كَـمَـا حَـيَّـاكَ نَـوْرُ خَـمِـيـلَـةٍ
خَـطَـرَ الـنَّـسِـيـمُ بِـهِ ضُـحًى فَتَفَتَّقَا
تَأْبَـى عَـلَـى الْـكِـتْـمَـانِ غَـيْـرَ تَضَوُّعٍ
مَـنْ ذَا يَـصُـدُّ الْـمِـسْـكَ عَنْ أَنْ يَعْبَقَا
عَـذْرَاءُ لَا تَـجْـلُـو الـثَّـنَـاءَ عَـلَيْكَ إِطْـ
ـرَاءً وَلَا تَـــصِــفُ الْــوَلَاءَ تَــمَــلُّــقَــا
تُـحْـيِـي حَـبِـيـبًـا وَالْـوَلِـيدَ وَتَجْتَبِي
لِــخُـلُـودِ فَـخْـرِكِ أَخْـطَـلًا وَفَـرَزْدَقَـا
وَكَأَنَّ تَــغْــرِيــدَ الْـغَـرِيـضِ مُـرَجَّـعًـا
فِــيــهَـا وَعَـانِـيَّ الـرَّحِـيـقِ مُـعَـتَّـقَـا
وَكَأَنَّ أَيَّــــامَ الــــصَّـــبَـــابَـــةِ رِقَّـــةً
فِـيـهَـا وَمُـفْـتَـرَقَ الـنَّـوَى وَالْـمُـلْتَقَى
وَقَـدِ اسْـتَـشَـادَ لَـكَ الـثَّـنَاءَ فَمَا تَرَى
إِلَّا بَــلِــيــغًــا بِــامْـتِـدَاحِـكَ مُـفْـلِـقَـا
فَـمَـتَـى تَـغَـنَّـى الرَّكْبُ يَوْمًا أَوْ حَدَا
لَـمْ يَـعْـدُ مَـدْحَـكَ مُـشْـئِمًا أَوْ مُعْرِقَا
وَالــدُّرُّ يَــشْــرُفُ قِــيــمَــةً وَيَـزِيـدُهُ
شَــرَفًــا إِذَا مَــا كَــانَ دُرًّا مُــنْـتَـقَـى
مَـــنْ بَـــاتَ يَـــسْأَلُ رَبَّــهُ أُمْــنِــيَّــةً
فَـالـلـهَ أَسْأَلُ أَنْ يُـطِـيـلَ لَـكَ الْـبَـقَـا

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤