فِي الْحَنِينِ إِلَى الْأَوْطَانِ

Wave Image
حَــنِــيــنٌ إِلَــى الْأَوْطَــانِ لَــيْــسَ يَــزُولُ
وَقَــلْــبٌ عَــنِ الْأَشْــوَاقِ لَــيْــسَ يَــحُـولُ
أَبِـــيـــتُ وَأَسْـــرَابُ الــنُّــجُــومِ كَــأَنَّــهَــا
قُـــفُـــولٌ تَـــهَـــادَى إِثْـــرَهُـــنَّ قُـــفُـــولُ
أُرَاقِــبُــهَــا فِــي اللَّــيْــلِ مِـنْ كُـلِّ مَـطْـلَـعٍ
كَـــأَنِّـــي بِــرَعْــيِ الــسَّــائِــرَاتِ كَــفِــيــلُ
فَــيَــا لَــكَ مِــنْ لَـيْـلٍ نَـأَى عَـنْـهُ صُـبْـحُـهُ
فَـــلَـــيْـــسَ لَـــهُ فَـــجْـــرٌ إِلَــيْــهِ يَــئُــولُ
أَمَــا لِــعُــقُــودِ الــنَّــجْــمِ فِــيــهِ تَــصَــرُّمٌ
أَمَــا لِــخِــضَــابِ اللَّــيْــلِ فِــيــهِ نُــصُـولُ
كَــــأَنَّ الــــثُّــــرَيَّـــا غُـــرَّةٌ وَهْـــوَ أَدْهَـــمٌ
لَــهُ مِــنْ وَمِــيـضِ الـشِّـعْـرَيَـيْـنِ حُـجُـولُ
أَلَا لَــيْــتَ شِــعْــرِي هَــلْ أَبِــيــتَــنَّ لَـيْـلَـةً
وَظِـــلُّـــكِ يَــا مَــقْــرَى عَــلَــيَّ ظَــلِــيــلُ
وَهَــلْ أَرَيَــنِّــي بَــعْــدَمَــا شَـطَّـتِ الـنَّـوَى
وَلِــي فِــي رُبَــى رَوْضٍ هُــنَــاكَ مَــقِــيـلُ
دِمَــشْــقُ فَــبِــي شَــوْقٌ إِلَــيْــهَــا مُــبَـرَّحٌ
وَإِنْ لَــــــــجَّ وَاشٍ أَوْ أَلَـــــــحَّ عَـــــــذُولُ
دِيَـــارٌ بِـــهَــا الْــحَــصْــبَــاءُ دُرٌّ وَتُــرْبُــهَــا
عَــبِــيــرٌ وَأَنْــفَــاسُ الــشَّــمَــالِ شَــمُــولُ
تَــسَــلْــسَـلَ فِـيـهَـا مَـاؤُهَـا وَهْـوَ مُـطْـلَـقٌ
وَصَــحَّ نَــسِــيــمُ الــرَّوْضِ وَهْــوَ عَــلِـيـلُ
فَــيَــا حَــبَّــذَا الــرَّوْضُ الَّـذِي دُونَ عَـزَّتَـا
سُـــحَــيْــرًا إِذَا هَــبَّــتْ عَــلَــيْــهِ قَــبُــولُ
وَيَـــا حَــبَّــذَا الْــوَادِي إِذَا مَــا تَــدَفَّــقَــتْ
جَــــدَاوِلُ بَـــانَـــاسٍ إِلَـــيْـــهِ تَـــسِـــيـــلُ
وَفِــي كَــبِــدِي مِــنْ قَــاسِــيُــونَ حَــزَازَةٌ
تَــــزُولُ رَوَاسِــــيــــهِ وَلَــــيْـــسَ تَـــزُولُ
إِذَا لَاحَ بَـــرْقٌ مِــنْ سَــنِــيــرٍ تَــدَافَــقَــتْ
لِـسُـحْـبِ جُـفُـونِـي فِـي الْـخُـدُودِ سُـيُولُ
فَــلِلَّــهِ أَيَّــامِــي وَغُــصْــنُ الــصِّــبَــا بِـهَـا
وَرِيـــقٌ وَإِذْ وَجْـــهُ الـــزَّمَـــانِ صَــقِــيــلُ
هِـيَ الْـغَـرَضُ الْأَقْـصَـى وَإِنْ لَـمْ يَـكُـنْ بِهَا
صَــدِيــقٌ وَلَــمْ يُــصْــفِ الْــوِدَادَ خَــلِـيـلُ
وَكَــمْ قَــائِــلٍ فِـي الْأَرْضِ لِلْـحُـرِّ مَـذْهَـبٌ
إِذَا جَـــارَ دَهْـــرٌ وَاسْـــتَـــحَـــالَ مَـــلُــولُ
وَمَـــا نَـــافِـــعِــي أَنَّ الْــمِــيَــاهَ سَــوَائِــحٌ
عِـــذَابٌ وَلَـــمْ يُـــنْـــقَــعْ بِــهِــنَّ غَــلِــيــلُ
فَــقَـدْتُ الـصِّـبَـا وَالْأَهْـلَ وَالـدَّارَ وَالْـهَـوَى
فَــــلِلَّــــهِ صَـــبْـــرِي إِنَّـــهُ لَـــجَـــمِـــيـــلُ
وَوَاللـــهِ مَـــا فَـــارَقْــتُــهَــا عَــنْ مَــلَالَــةٍ
سِــوَايَ عَــنِ الْــعَــهْــدِ الْــقَــدِيـمِ يَـحُـولُ
وَلَـكِـنْ أَبَـتْ أَنْ تَـحْـمِـلَ الـضَّـيْـمَ هِـمَّـتِـي
وَنَــفْــسٌ لَــهَــا فَــوْقَ الــسِّــمَــاكِ حُـلُـولُ
فَــإِنَّ الْــفَــتَــى يَـلْـقَـى الْـمَـنَـايَـا مُـكَـرَّمًـا
وَيَـــكْـــرَهُ طُــولَ الْــعُــمْــرِ وَهْــوَ ذَلِــيــلُ
تَــعَــافُ الْــوُرُودَ الْـحَـائِـمَـاتُ مَـعَ الْـقَـذَى
وَلِلْـــقَـــيْــظِ فِــي أَكْــبَــادِهِــنَّ صَــلِــيــلُ
كَــذَلِــكَ أَلْــقَــى ابْــنُ الْأَشَــجِّ بِــنَــفْــسِـهِ
وَلَــمْ يَــرْضَ عُــمْــرًا فِـي الْإِسَـارِ يَـطُـولُ
سَــأَلْــثِــمُ إِنْ وَافَــيْــتُــهَــا ذَلِــكَ الــثَّـرَى
وَهَـــيْـــهَــاتَ حَــالَــتْ دُونَ ذَاكَ حُــئُــولُ
وَمُـــلْـــتَـــطِـــمُ الْأَمْـــوَاجِ جَــوْنٌ كَــأَنَّــهُ
دُجَـى اللَّـيْـلِ نَـائِـي الـشَّـاطِـئَـيْـنِ مَـهُـولُ
يُـــعَــانِــدُنِــي صَــرْفُ الــزَّمَــانِ كَــأَنَّــمَــا
عَــــلَــــيَّ لِأَحْــــدَاثِ الـــزَّمَـــانِ ذُحُـــولُ
عَـــلَـــى أَنَّــنِــي وَالْــحَــمْــدُ لِلَّــهِ لَــمْ أَزَلْ
أَصُــــولُ عَــــلَــــى أَحْـــدَاثِـــهِ وَأَطُـــولُ
أَيَــعْــثُـرُ بِـي دَهْـرِي عَـلَـى مَـا يَـسُـوءُنِـي
وَلِــي فِــي ذَرَا الْــمُــلْـكِ الْـعَـزِيـزِ مَـقِـيـلُ
وَكَــيْـفَ أَخَـافُ الْـفَـقْـرَ أَوْ أُحْـرَمُ الْـغِـنَـى
وَرَأْيُ ظَـــهِـــيــرِ الــدِّيــنِ فِــيَّ جَــمِــيــلُ
مِـــنَ الْــقَــوْمِ أَمَّــا أَحْــنَــفٌ فَــمُــسَــفَّــهٌ
لَـــدَيْـــهِـــمْ وَأَمَّـــا حَـــاتِـــمٌ فَــبَــخِــيــلُ
فَــتَــى الْــمَــجْــدِ أَمَّــا جَــارُهُ فَــمُــمَــنَّـعٌ
عَـــــزِيــــزٌ وَأَمَّــــا ضِــــدُّهُ فَــــذَلِــــيــــلُ
وَأَمَّـــا عَـــطَـــايَـــا كَـــفِّـــهِ فَـــسَـــوَابِـــغٌ
عِــــذَابٌ وَأَمَّــــا ظِــــلُّــــهُ فَـــظَـــلِـــيـــلُ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: يحنُّ فيها إلى دمشق وهو في اليمن، ويحيي فيها الملك العزيز صاحب اليمن.
  • غرض القصيدة: الحنين إلى الأوطان
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الأيوبي

عن الشاعر

ابن عُنَين: هو أحد أبرز الشعراء العرب في العصر الأيوبي.

وُلد «أبو المحاسن حمد بن نصر الله بن الحسين بن عُنَين الأنصاري» بدمشق في عام ٥٤٩ﻫ/١١٤٥م، وكان يُلقَّب ﺑ «شرف الدين الكوفي» نِسبةً إلى أصله الكوفي كما قال.

عُرِف بهجائه اللاذع، حتى لقد ضاق به الناس ذرعًا، ولم يَسلَم أحدٌ منه في دمشق سوى القليل، حتى إن السلطان «صلاح الدين الأيوبي» لم يَسلَم من هجائه، وله قصيدة طويلة هجا فيها عددًا كبيرًا من حكَّام دمشق سمَّاها «مقراض الأعراض»، وهي تحوي حوالي خمسمائة بيت.

نُفِي «ابن عُنَين» من دمشق بأمرٍ من السلطان «صلاح الدين الأيوبي»، وبعدها ظل متنقِّلًا بين الكثير من البلدان، كالعراق وخراسان والهند واليمن ومصر. وبعد وفاة السلطان «صلاح الدين الأيوبي»، عاد إلى دمشق مرةً ثانية بعد تقرُّبه من الملك «العادل» ومدحه في قصائده.

بعد عودته إلى دمشق، تولَّى منصبَ الوزارة في آخِر حكم الملك «المعظم»، ومدةَ ولاية الملك «الناصر»، لكنْ بعد أن تولَّى الملك «الأشرف» مقاليدَ الحكم، ترك «ابن عُنَين» عمله ولزِمَ بيتَه في دمشق.

أما عن أعماله، فله ديوان شعري واحد، وقصيدة «مقراض الأعراض»، فضلًا عن «التاريخ العزيزي» في سيرة الملك «العزيز».

تُوفِّي «ابن عُنَين» بدمشق عامَ ٦٣٠ﻫ/١٢٣٢م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤