دَمْعِي عَلَيْكَ مُجَانِسٌ قَلْبِي

Wave Image
دَمْـعِـي عَـلَـيْـكَ مُـجَـانِسٌ قَلْبِي
فَـانْـظُـرْ عَـلَـى الْـحَـالَـيْنِ لِلصَّبِّ
يَـا فَـاضِـحَ الْـغِـزْلَانِ حَـيْـثُ رَنَـا
وَإِذَا انْـثَـنَـى يَـا مُخْجِلَ الْقَضْبِ
لَـكَ مَـنْـزِلٌ يُـغْـضِـي جَـوَانِـحَـنَا
لَا بِـالْـغَـضَـا مِـنْ جَـانِـبِ الشِّعْبِ
تَـعْـفُـو الـرُّسُـومُ مِـنَ الدِّيَارِ وَمَا
تَـعْـفُـو رُسُـومُ هَـوَاكَ مِـنْ قَـلْبِي
بِأَبِــي هِــلَالًا شَــرْقُ طَــلْــعَــتِـهِ
يُــجْـرِي مَـدَامِـعَـنَـا مِـنَ الْـغَـرْبِ
كَـسْـرُ الـلَّـوَاحِـظِ نَـاصِـبٌ فِكْرِي
فَـضَـنِـيـتُ بَـيْنَ الْكَسْرِ وَالنَّصْبِ
وَسَـلَـبْـتَ لُـبِّـي وَالْـحَشَا وَجَبَتْ
فَـعَـيِـيـتُ بِـالْإِيـجَـابِ وَالـسَّـلْبِ
وَهَـوِيـتُـهُ بِـالْـحُـسْـنِ مُـنْـتَـقِـبًـا
فَـلِـيَ الْـهَـنَـا بِـمَـوَاضِـعِ الـنَّـقْـبِ
وَسْـنَـانُ يَـنْـشُـدُ سِـحْـرُ مُـقْـلَـتِهِ
أَجْـــفَــانَ عَــاشِــقِــهِ أَلَا هُــبِّــي
شَـقِـيَ الْـعَـذُولُ عَـلَـى مَحَاسِنِهِ
وَنَـعِـمْـتُ فِـي تَـعْـذِيـبِـهِ الْـعَذْبِ
فَـعَـلَ الْـعَـوَاذِلُ فِيهِ مَا اكْتَسَبَتْ
أَيْـدِيـهِـمُـو وَلِـمُـهْـجَـتِـي كَـسْبِي
لَا تُــوجِـعُـوا بِـمَـلَامِـكُـمْ كَـبِـدِي
فَـمَـلَامُـكُـمْ ضَـرْبٌ مِـنَ الـضَّرْبِ
يَــا عَــاذِلِــيـنَ تَـفَـرَّغُـوا وَدَعُـوا
لِــلْـعَـاشِـقِـيـنَ شَـوَاغِـلَ الْـحُـبِّ
وَذَرُوا لِـقَـاءَ الْـمُـوجَـعِـيـنَ فَـقَـدْ
تُـعْـدِي الـصِّـحَاحَ مَبَارِكُ الْجُرْبِ
كَـيْـفَ اسْـتِـمَـاعِي مِنْ حَدِيثِكُمُ
قِــشْــرًا وَعِــنْــدَ مُـعَـذِّبِـي لُـبِّـي
لَــمْ أَنْــسَ إِذْ وَافَـى يُـعَـاتِـبُـنِـي
أَشْــهَــى مُــعَــاتَــبَـةً لِـذِي ذَنْـبِ
لَـيْـتَ الـذُّنُـوبَ أَطَـلْـتُ شُـقَّـتَـهَا
كَــيْــمَــا يُـطَـوِّلُ شُـقَّـةَ الْـعَـتْـبِ
فِــي لَــيْـلِ وَصْـلٍ لَا رَقِـيـبَ بِـهِ
إِلَّا الْــحَــبَــابَ بِأَكْـؤُسِ الـشَّـرْبِ
وَمُـــدِيـــرُهَــا قَــمَــرٌ مَــنَــازِلُــهُ
فِـي الـطَّـرْفِ دَائِـرَةٌ وَفِي الْقَلْبِ
وَبِـصَـحْـنِ ذَاكَ الْـخَـدِّ مِـنْ قُـبَلٍ
نَــقْـلِـي وَمِـنْ رَشَـفَـاتِـهِ شُـرْبِـي
دَهْــرٌ تَــوَلَّــى بِــالــصِّـبَـا فَـرَطًـا
وَمَـضَـى بِمَنْ يَصْبُو وَمَنْ يُصْبِي
لَــمْ أَقْــضِ مِـنْ إِمْـهَـالِـهِ وَطَـرِي
وَقَـضَـيْـتُ مِـنْ إِسْـرَاعِـهِ نَـحْبِي
مَـا أَنْـصَـفَ الْـبَـاكِـي شَـبِـيـبَـتَـهُ
بِــمَــدَامِــعٍ كَـهَـوَامِـعِ الـسُّـحْـبِ
ذَابَ الـسَّـوَادُ مِـنَ الْـعُـيُـونِ بِـهَـا
فَـالـدَّهْـرُ إِثْـرَ الْـحُـمْـرِ وَالـشُّهْبِ
وَلَـقَـدْ كَـوَى قَـلْـبِي الْمَشِيبُ فَمَا
تَـهْـفُـو الْـعَـوَائِـدُ بِـي إِلَـى الْحُبِّ
لَا طِــبَّ بَــعْــدَ وُقُــوعِـهِ لِـهَـوًى
وَالْـــكَــيُّ آخِــرُ رُتْــبَــةِ الــطِّــبِّ
فِـي مَـدْحِ أَحْـمَـدَ لِـلْـفَـتَى شُغُلٌ
فَـاخْـلُـصْ لِـمَـدْحِ عُـلَاهُ بِـالْوَثْبِ
وَلَـقَـدْ أَغَـبَّ الْـمَـدْحُ مِـنْ قِـصَـرٍ
عَــنْـهُ وَمِـنْ خَـجَـلٍ وَمِـنْ رُعْـبِ
حَــتَّــى دَعَــاهُ حُــكْــمُ سَــيِّــدِهِ
وَهَــوَى الــلِّـقَـاءَ فَـزَارَ عَـنْ غِـبِّ
وَأَقَــامَ فِــي أَوْقَــاتِ خِــدْمَـتِـهِ
فَــرْضَ الــثَّـنَـا وَدَعَـا إِلَـى نَـدْبِ
لَا تَأْسَ إِنْ فَـــنِــيَ الْــكِــرَامُ وَإِذْ
وُجِـدَ ابْـنُ يَـحْـيَاهَا فَقُلْ حَسْبِي
سَـادَ ابْـنُ يَـحْيَى فِي الصِّبَا بِثَنًا
أَسْــرَى بِــهِ شَــرْقًــا إِلَــى غَـرْبِ
وَسَـمَـا عَـلَـى الـسَّادَاتِ كُلَّ سَمَا
بِــمَآثِــرٍ تَــرْبُــو عَــلَــى الــتِّـرْبِ
فَـهْـمًـا وَرَأْيًـا قَـدْ سَـمَـا وَحَـمَـى
وَكَــذَا تَــكُــونُ مَآثِــرُ الــشُّـهْـبِ
مُــتَــحَــجِّــبًـا بِـضِـيَـاءِ سُـؤْدَدِهِ
وَلُــهَــاهُ سَــافِــرَةٌ بِــلَا حَــجْـبِ
يَـخْـتَـالُ بَـيْـنَ سِـيَـادَةٍ خَفَضَتْ
حَــقًّـا رُءُوسَ الْـعُـجْـمِ وَالْـعُـرْبِ
وَمَــنَــاسِــبٍ عُــمَـرِيَّـةٍ نَـصَـبَـتْ
دَرَجَ الْـمَـفَـاخِـرِ أَحْـسَـنَ النَّصْبِ
وَمَــهَــابَــةٍ سَــكَـنَ الـزَّمَـانُ بِـهَـا
عَـنْ خَـائِـفِـيـهِ وَكَـانَ ذَا شَـغْـبِ
وَمَــكَــارِمٍ مِــنْ دُونِ غَــايَــتِـهَـا
خَـفِـيَـتْ وَمَـا بَـلَـغَتْ قُوَى كَعْبِ
وَفَــضَــائِــلٍ وَأَبِـيـكَ مَـا تَـرَكَـتْ
لِــلــرَّوْضِ غَــيْــرَ مَــوَارِثِ الْأَبِّ
سَــكَـبَ الـزَّمَـانُ بِـهَـا غَـمَـائِـمَـهُ
شَــهْـدًا فَـيَـا لَـحَـلَاوَةِ الـسَّـكْـبِ
بَــيْـنَ الـلَّـطَـافَـةِ وَالْـجَـزَالَـةِ قَـدْ
فَـاضَ الـزُّلَالُ بِـهَـا مِـنَ الْـهَـضْبِ
بَــيْــنَـا تَـرَى كَـالْـقَـضْـبِ رَائِـعَـةً
حَـتَّـى تَـرَى كَـوَشَـائِـعِ الْـقَـضْبِ
تَـهْـوِي الْـقُـلُـوبُ لِـدُرِّ مَـنْـطِـقِـهَا
فِـي الطِّرْسِ نَحْوَ مَلَاقِطِ الْحَبِّ
وَتُــرِيـكَ تَأْثِـيـرَ الْـكَـوَاكِـبِ فِـي
يَـوْمِ الْـخُـطُـوبِ وَلَـيْلَةِ الْخَطْبِ
وَأَقَـــامَ سَـــهْـــرَانَ الْــيَــرَاعِ إِذَا
مَـا نَـامَ جَـفْـنُ الـصَّـارِمِ الْعَضْبِ
وَمُجِيبُ دَاعِي الْمَلْكِ يَوْمَ وَغًى
بِــكَــتَــائِـبٍ يُـنْـعَـتْـنَ بِـالْـكُـتْـبِ
وَلَـقَـدْ حَـكَـى كَـعْـبَ الْـقَـنَـاةِ لَـهُ
قَــلَــمٌ فَــكَــانَ مُـبَـارَكَ الْـكَـعْـبِ
جَــمُّ الْـمَـغَـازِي وَالـصِّـلَاتِ فَـيَـا
لَــحَــدَائِــقٍ وَضَــرَاغِــمٍ غُــلْــبِ
يَـرْوِي حَـدِيـثَ ثَـنَـاهُ عَـنْ صِـلَةٍ
وَلَــرُبَّــمَــا يَــرْوِيــهِ عَــنْ حَـرْبِ
فَــعَــلَــتْ عَــلَـى بُـعْـدٍ يَـرَاعَـتُـهُ
فِـعْـلَ الـظُّبَى نَشِطَتْ مِنَ الْقَرْبِ
فِـي مِصْرَ يُذْكَرُ بِالْخَصِيبِ وَفِي
أُفْــقِ الــشَّآمِ بِـبَـارِقِ الْـخِـصْـبِ
مِــنْ كَــفِّ وَضَّـاحِ الْـجَـبِـيـنِ إِذَا
لَـحَـظَ الـتُّـرَابَ اهْـتَـزَّ بِـالْـعُشْبِ
وَافَــى وَيَـوْمُ الـشَّـامِ مُـلْـتَـبِـسٌ
وَعَـقَـارِبُ الـظَّـلْـمَـاءِ فِـي كَـثْـبِ
فَـمَـحَـا بِـصُـبْـحِ الْعَدْلِ مِنْ ظُلَمٍ
وَشَـفَـى بِأَيْـدِي اللُّطْفِ مِنْ كَرْبِ
وَدَعَـا الـسَّـحَـابَ بِـيُـمْـنِ طَلْعَتِهِ
وَلَـوِ اسْـتَـغَـاثَ دَعَـاهُ بِـالـسُّحْبِ
يَــا آلَ فَــضْــلِ الــلـهِ مَـدْحُـكُـمُ
إِلْـفِـي الْـقَـدِيـمُ وَشِعْبُكُمْ شِعْبِي
أَنْـتُـمْ وَقَـدْ شَـهَـرَتْ مَـوَاهِـبُـكُمْ
مَأْوَى الْــمَــدَائِــحِ لَا بَـنُـو وَهْـبِ
أَقْــلَامُــكُــمْ لِــلْـمُـلْـكِ حَـافِـظَـةٌ
وَنَـوَالُـكُـمْ فِـي الْـمَـجْـدِ لِـلـنَّهْبِ
كَـمْ سُـقْـتُـمُ نُـجْـحًـا إِلَـى طَـلَبٍ
وَبَــعَــثْــتُــمُ نَـصْـرًا إِلَـى طِـلْـبِ
وَصَـحِـبْـتُـمُ مَـلْـكًـا فَـمَا خَدَعَتْ
يُــمْـنَـاهُ خَـدْعَ الْآلِ بِـالـصَّـحْـبِ
إِنْ يَــنْأَ عَــنِّــي بَــابُ أَحْـمَـدِكُـمْ
فَـــالْآنَ وَا فَــرَحَــاهُ بِــالْــقُــرْبِ
مَــوْلَايَ خُـذْهَـا نَـظْـمَ ذِيْ لَـسَـنٍ
يَــوْمَ الــثَّــنَــاءِ كَــلُــؤْلُـؤٍ رَطْـبِ
حَـسْـنَـاءَ تَـعْـرِفُ مَـنْ تَـسِـيـرُ لَهُ
فَـتَـجِـدُّ فِـي سَـهْـلٍ وَفِي صَعْبِ
أَلْــوَى بِــثَـعْـلَـبَ نَـقْـدُ مُـعْـرَبِـهَـا
وَعَـلَـتْ ذُؤَابَـتُـهَـا عَـلَـى الـضَّبِّي

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: المملوكي

عن الشاعر

ابن نباتة المصري: شاعر من شعراء العصر المملوكي في مصر، ذاع صِيته في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي).

وُلد «محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامي الفارقي المصري» جمال الدين المُكَنَّى بأبي بكر والشهير ﺑ «ابن نباتة المصري» سنة ٦٨٦ﻫ/١٢٨٧م في «زقاق القناديل» في الفسطاط بالقاهرة، وكان أبوه وجده من شيوخ الحديث، وأصلهم يرجع إلى «ميافارقين» من ذرية الخطيب عبد الرحيم بن محمد بن نباتة.

نشأ ابن نباتة في بيت ثري وبين أسرة ظاهرة‌ الجاه والنفوذ، في ظل أبٍ عطوف ذاع صيتُه في العلم والفضل والأدب وكثيرًا ما نرى أصداءً لفخر الشاعر بأبيه وآله في شعره. وقد تبدَّت أُولى براعم موهبته الشعرية في الثالثة عشرة‌ من عمره، مترافقة مع إقباله الشديد على توسيع مداركه وتغذية ثقافته الدينية والأدبية. وفي سنة ٧١٥ﻫ‍ انتقل ابن نباتة لسُكنى الشام ووَلِيَ نظارة القمامة بالقدس أيام زيارة المسيحيين لها، واتصل في تلك الفترة بالملك المؤيد وقال فيه شعرًا كثيرًا، وحين رجع إلى القاهرة سنة ٧٦١ﻫ كان صاحب سر السلطان «الناصر حسن».

له ديوان شعر جُمع بعد وفاته وطُبع لأول مرة سنة ١٩٠١م بالقاهرة، وقد ضمَّ مجموع دواوينه وأوراقه الشعرية، ومنها: «القطر النباتي»، و«جلاسة القطر»، و«سوق الرقيق»، و«ظرائف الزيادة». كتب فيها في مختلف الأغراض الشعرية التي ميَّزت عصره، شاملة المدح والغزل والخمريات والرثاء والهجاء والوصف والشكوی والحنين إلی الوطن. وله كذلك مؤلَّفات أخرى نثرية، من بينها: «سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون»، و«سجع المطوق»، و«مطلع الفوائد»، و«المفاخرة بين السيف والقلم»، و«سلوك دول الملوك» وغيرها، وأورد الصلاح الصفدي في «ألحان السواجع» مراسلاته معه.

تُوُفِّيَ ابن نباتة المصري في منزله بزقاق القناديل في القاهرة سنة ٧٦٨ﻫ/١٣٦٦م إثر معاناة مع المرض.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤