الشِّعْرُ مُفْتَقِرٌ مِنِّي لِمُبْتَكِرِ

Wave Image
الــشِّــعْــرُ مُــفْــتَــقِــرٌ مِـنِّـي لِـمُـبْـتَـكِـرِ
وَلَـسْـتُ لِـلـشِّـعْـرِ فِـي حَـالٍ بِـمُـفْـتَـقِـرِ
دَعَــوْتُ غُــرَّ الْــقَـوَافِـي وَهْـيَ شَـارِدَةٌ
فَأَقْـبَـلَـتْ وَهْـيَ تَـمْـشِـي مَـشْيَ مُعْتَذِرِ
وَسَــلَّــمَــتْــنِــيَ عَــنْ طَـوْعٍ مَـقَـادَتَـهَـا
فَـرُحْـتُ فِـيـهِـنَّ أَجْـرِي جَـرْيَ مُـقْـتَـدِرِ
إِذَا أَقَـمْـتُ أَقَـامَـتْ وَهْـيَ مِـنْ خَـدَمِـي
وَأَيْـنَـمَـا سِـرْتُ سَـارَتْ تَـقْـتَـفِـي أَثَـرِي
صَـرَّفْـتُ فِـيـهِـنَّ أَقْـلَامِـي وَرُحْـتُ بِـهَـا
أُعَـرِّفُ الـنَّـاسَ سِـحْـرَ الـسَّـمْـعِ وَالْبَصَرِ
مَــلَـكْـنَ مِـنْ رِقَّـةٍ رِقَّ الـنُّـفُـوسِ هَـوًى
مِـنْ حَـيْـثُ أَطْرَبْنَ حَتَّى قَاسِيَ الْحَجَرِ
سَـقَـيْـتُـهُـنَّ الْـمَـعَـانِـي فَـارْتَـوَيْـنَ بِـهَـا
وَكُـنَّ فِـيـهَـا مَـكَـانَ الْـمَـاءِ فِـي الـثَّـمَـرِ
كَـمْ تَـشْـرَئِـبُّ لَـهَـا الْأَسْـمَـاعُ مُـصْـغِـيَـةً
إِذَا تُــنُـوشِـدْنَ بَـيْـنَ الْـبَـدْوِ وَالْـحَـضَـرِ
طَـابَـقْـتُ لَـفْـظِـيَ بِـالْـمَـعْـنَـى فَـطَـابَقَهُ
خِـلْـوًا مِـنَ الْـحَـشْـوِ مَـمْـلُـوءًا مِنَ الْعِبَرِ
إِنِّـي لَأَنْـتَـزِعُ الْـمَـعْـنَـى الـصَّـحِيحَ عَلَى
عُــرْيٍ فَأَكْــسُــوهُ لَــفْــظًـا قُـدَّ مِـنْ دُرَرِ
سَــلِ الْــمَــنَــازِلَ عَــنِّـي إِذْ نَـزَلْـتُ بِـهَـا
مَـا بَـيْـنَ بَـغْـدَادَ وَالـشَّـهْـبَاءِ فِي سَفَرِي
مَــا جِــئْــتُ مَــنْــزِلَــةً إِلَّا بَــنَـيْـتُ بِـهَـا
بَـيْـتًـا مِـنَ الـشِّـعْـرِ لَا بَـيْـتًـا مِـنَ الـشَّعَرِ
وَأَجْــوَدُ الــشِّـعْـرِ مَـا يَـكْـسُـوهُ قَـائِـلُـهُ
بِـوَشْـيِ ذَا الْـعَصْرِ لَا الْخَالِي مِنَ الْعُصُرِ
لَا يَــحْـسُـنُ الـشِّـعْـرُ إِلَّا وَهْـوَ مُـبْـتَـكَـرٌ
وَأَيُّ حُــسْــنٍ لِــشِــعْــرٍ غَــيْـرِ مُـبْـتَـكَـرِ
وَمَـنْ يَـكُـنْ قَـالَ شِـعْـرًا عَـنْ مُـفَـاخَـرَةٍ
فَـلَـسْـتُ وَالـلـهِ فِـي شِـعْـرٍ بِـمُـفْـتَـخِـرِ
وَإِنَّـــمَـــا هِـــيَ أَنْـــفَـــاسٌ مُــصَــعَّــدَةٌ
تَــرْمِـي بِـهَـا حَـسَـرَاتِـي طَـائِـرَ الـشَّـرَرِ
وَهُــنَّ إِنْ شِــئْــتَ مِــنِّــي أَدْمُــعٌ غُــزُرٌ
أَبْــكِــي بِــهِــنَّ عَــلَــى أَيَّــامِـنَـا الْـغُـرَرِ
أَبْــكِــي عَــلَــى أُمَّــةٍ دَارَ الــزَّمَـانُ لَـهَـا
قَــبْــلًا وَدَارَ عَــلَــيْــهَــا بَــعْـدُ بِـالْـغِـيَـرِ
كَــمْ خَـلَّـدَ الـدَّهْـرُ مِـنْ أَيَّـامِـهِـمْ خَـبَـرًا
زَانَ الـطُّـرُوسَ وَلَـيْـسَ الْـخُـبْـرُ كَالْخَبَرِ
وَلَــسْــتُ أَدَّكِــرُ الْـمَـاضِـيـنَ مُـفْـتَـخِـرًا
لَــكِــنْ أُقِــيــمُ بِــهِــمْ ذِكْــرَى لِــمُــدَّكِـرِ
وَكَـيْـفَ يَـفْـتَـخِـرُ الْـبَـاقُـونَ فِـي عَـمَـهٍ
بِـدَارِسٍ مِـنْ هُـدَى الْـمَـاضِـيـنَ مُـنْـدَثِـرِ
لَـهْفِي عَلَى الْعُرْبِ أَمْسَتْ مِنْ جُمُودِهِمُ
حَـتَّى الْجَمَادَاتُ تَشْكُو وَهْيَ فِي ضَجَرِ
أَيْـنَ الْـجَـحَـاجِـحُ مِـمَّـنْ يَـنْـتَـمُـونَ إِلَى
ذُؤَابَــةِ الــشَّـرَفِ الْـوَضَّـاحِ مِـنْ مُـضَـرِ
قَـوْمٌ هُـمُ الـشَّـمْـسُ كَـانُـوا وَالْوَرَى قَمَرٌ
وَلَا كَــرَامَــةَ لَــوْلَا الــشَّــمْــسُ لِـلْـقَـمَـرِ
رَاحُـوا وَقَـدْ أَعْـقَـبُـوا مِـنْ بَـعْدِهِمْ عَقِبًا
نَـامُـوا عَـنِ الْأَمْـرِ تَـفْـوِيـضًـا إِلَـى الْقَدَرِ
أَقُـولُ وَالْـبَـرْقُ يَـسْـرِي فِـي مَـرَاقِـدِهِمْ
«يَـا سَـاهِـرَ الْـبَـرْقِ أَيْـقِـظْ رَاقِدَ السَّمُرِ»
يَــا أَيُّــهَــا الْـعُـرْبُ هُـبُّـوا مِـنْ رُقَـادِكُـمُ
فَـقَدْ بَدَا الصُّبْحُ وَانْجَابَتْ دُجَى الْخَطَرِ
كَـيْـفَ الـنَّـجَـاحُ وَأَنْـتُـمْ لَا اتِّـفَـاقَ لَـكُـمْ
وَالْــعُــودُ لَــيْــسَ لَــهُ صَــوْتٌ بِـلَا وَتَـرِ
مَــا لِــي أَرَاكُــمْ أَقَــلَّ الــنَّـاسِ مَـقْـدِرَةً
يَـا أَكْـثَـرَ الـنَّـاسِ عَـدًّا غَـيْـرَ مُـنْـحَـصِـرِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤