الذَّنْبُ ذَنْبُ الْوَالِدِينْ

Wave Image
وَسْـطَ الْقُصُورِ الشَّاهِقَاتْ
اسْــمَـعْ بُـكَـاءَ الْـغَـانِـيَـاتْ
الـنَّـاعِـسَـاتِ الْـمُـوقَـظَاتْ
الــرَّامِــيَــاتِ الْــفَــاتِـنَـاتْ
يَــبْـكِـيـنَ مِـنْ أَلَـمٍ دَفِـيـنْ
الْــمَــالُ عِــنْـدَهُـمُ كَـثِـيـرْ
وَالْـخَـيْـرُ عِـنْـدَهُـمُ وَفِـيـرْ
الـلُّـبْـسُ صُـوفٌ أَوْ حَـرِيرْ
وَالْـعِـقْـدُ مِـنْ مَاسٍ نَضِيرْ
وَالـنَّـاسُ صَارُوا حَاسِدِينْ
قَــدْ زَوَّجُــوهَـا مِـنْ وَزِيـرْ
أَيَّـــــامُــــهُ كَــــذِبٌ وَزُورْ
فِي اللَّيْلِ يَرْتَشِفُ الْخُمُورْ
لَــكِــنَّ مَـنْـصِـبَـهُ خَـطِـيـرْ
وَالـذَّنْـبُ ذَنْـبُ الْـوَالِـدِينْ
مَــــا زَوَّجُـــوهَـــا إِنَّـــمَـــا
فِـي الـسُّـوقِ بِيعَتْ كَالْإِمَا
وَالْـــوَالِـــدَانِ تَــسَــاوَمَــا
الـــشَّـــارِيَـــانِ تَــنَــعَّــمَــا
وَالْـبِـنْـتُ زُفَّـتْ لِـلْـمَـنُـونْ
لَـمَّـا انْـقَـضَى شَهْرُ الْعَسَلْ
بِـــمُــرُورِهِ قُــطِــعَ الْأَمَــلْ
الــزَّوْجُ عَــادَ إِلَــى الْـغَـزَلْ
بِــالْـبِـيـضِ رَبَّـاتِ الْـكِـلَـلْ
شَأْنُ الـرِّجَـالِ الْـفَـاسِـقِينْ
نَـسِـيَ الْـعُـهُودَ الْمَاضِيَاتْ
لِـيَـعِـيـشَ بَيْنَ الْمُومِسَاتْ
وَمَـعَ الْـغَـوَانِـي الْفَاسِقَاتْ
يَـقْـضِـي الْـمَآرِبَ مُنْكَرَاتْ
وَالْـكَأْسُ صَـارَ لَـهُ خَـدِينْ
الـزَّوْجُ صَـارَ إِلَـى الـتَّـلَـفْ
فَـتَـرَاهُ فِـي جُنْحِ السَّدَفْ
يَـمْـشِي الذَّلِيلَ أَوِ الْوَجَفْ
وَالْـمَـالُ ضَـاعَ مَعَ الشَّرَفْ
لَا يَــرْدَعُ الْــمَـغْـرُورَ دِيـنْ
بِـنْـتُ الْـكُـرُومِ تَـحَـكَّـمَـتْ
فِــي عَــقْـلِـهِ وَتَـسـلَّـطَـتْ
وَلِــنَــفْــسِــهِ هِــيَ زَيَّـنَـتْ
لَــعِــبَ الْـقِـمَـارِ فَأَذْعَـنَـتْ
نَـفْـسُ الْـغَـبِـيِّ الْـمُسْتَهِينْ
لَـعِـبَ الْـقِـمَـارَ مَعَ الْجِيَاعْ
وَالـلِّـعْـبُ رِبْـحٌ أَوْ ضَـيَـاعْ
خَـسِرَ الْبُيُوتَ مَعَ الضِّيَاعْ
خَـسِـرَ الْأَوَانِـي وَالْـمَـتَـاعْ
وَالْـمَـالُ مِـلْـكُ الـدَّائِـنِـيـنْ
رَفَـعُـوا الـشَّـكَاوَى لِلْقَضَاءْ
وَالْــحُــكْـمُ عَـدْلٌ لَا مِـرَاءْ
لَـمَّـا اسْـتَـحَـالَ عَـلَيْهِ تَسْـ
ـدِيـدُ الـدُّيُـونِ أَوِ الْـوَفَـاءْ
زَجُّـوهُ فِـي قَـاعِ السُّجُونْ
رَأَتِ الْـفَـتَـاةُ مِـنَ الْـمُحَالْ
الـصَّـبْـرَ فِـي هَـذَا الْمَجَالْ
فَـالـدَّمْـعُ مِـنْهَا فِي انْهِمَالْ
وَالْـجِـسْـمُ عُودٌ مِنْ خِلَالْ
وَالْـعَـقْـلُ خَـالَـطَهُ الْجُنُونْ
فِـي الـلَّـيْـلِ تَـبْـكِي حَظَّهَا
وَالــدَّمْــعُ قَــرَّحَ عَــيْـنَـهَـا
وَالـنَّـوْمُ خَـاصَـمَ جَـفْـنَـهَـا
وَالْــهَــمُّ أَسْــقَــمَ عُـودَهَـا
وَالــلَّــيْـلُ قَـاسٍ لَا يَـلِـيـنْ
أَنَّ الْـوَلِـيـدُ عَـلَـى الـسَّرِيرْ
يَـبْـغِـي طَـعَـامًـا وَالصَّغِيرْ
إِنْ جَـاعَ يَـبْـكِـي أَوْ يَـثُورْ
وَالْأُمُّ حَــيْـرَى كَـالـضَّـرِيـرْ
وَالـطِّـفْـلُ مَوْصُولُ الْأَنِينْ
قَــالَــتْ بُــنَـيَّ انْـظُـرْ إِلَـيَّ
تَــجِـدْنِ عُـودًا مِـنْ خِـلَالْ
ثَـــدْيٌ جَـــدِيــبٌ مَــا بِــهِ
لَــبَــنٌ وَلَــيْـسَ لَـدَيَّ مَـالْ
أُوَّاهُ مَــا لِــي مِـنْ مُـعِـيـنْ
اشْـرَبْ دُمُـوعِـي يَـا وَلِـيدْ
هَــبْــهَـا حَـلِـيـبًـا أَوْ ثَـرِيـدْ
قَـضَـتِ الْـعَـدَالَـةُ أَنْ تَـمُـو
تَ بِـفَـتْـكِ جُـوعٍ لَا حَدِيدْ
وَالــدَّهْــرُ غَــدَّارٌ خَــئُــونْ
أَخَـذَتْ مُـسَـدَّسَ زَوْجِـهَـا
حَـشَـتِ الـرَّصَاصَ بِنَفْسِهَا
وَتَــشَــجَّــعَـتْ وَحَـلَا لَـهَـا
هَـجْـرُ الْـحَـيَـاةِ فَـمَـا بِـهَـا
غَــثٌّ يَــسُــرُّ وَلَا سَـمِـيـنْ
نَـفَـذَ الـرَّصَـاصُ بِـلَا مَـهَلْ
خَـارَتْ قُـوَاهَـا بِـالْـعَـجَـلْ
وَالـطِّـبُّ أَعْـيَـتْـهُ الْـحِـيَلْ
وَالْآنَ قَــدْ قُـضِـيَ الْأَجَـلْ
وَالـذَّنْـبُ ذَنْـبُ الـوَالِـدِينْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: شعر مخمس
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: مجزوء الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤