نَحْنُ وَالْحَالَةُ الْعَالَمِيَّةُ

Wave Image
صَـاحِ إِنَّ الْـخُـطُـوبَ فِـي غَـلَـيَـانِ
فَـــبِـــمَـــاذَا يُــطَــرِّقُ الْــمَــلَــوَانِ
جَـــلَّ رَبُّ الْأَنَــامِ فِــي كُــلِّ يَــوْمٍ
هُــوَ مِــنْ كِــبْــرِيَــائِــهِ فِـي شَـانِ
خَـالِـقُ الْـكَـوْنِ ذُو الْـجَـلَالِ قَـدِيمٌ
وَاحِــدٌ عِــنْــدَهُ الْــقُــرُونُ ثَـوَانِـي
كُــلُّ مَــا ضَــمَّ مُــلْــكُــهُ كَــلِـمَـاتٌ
وَإِلَـيْـهِ انْـتَـهَـتْ جَـمِـيـعُ الْـمَـعَـانِي
نَـسْـمَـعُ الْـيَـوْمَ لِـلْـخُـطُـوبِ أَزِيـزًا
كَأَزِيـــزِ الْــقُــدُورِ فِــي الْــفَــوَرَانِ
إِنَّــنِــي مُــبْـصِـرٌ تَـبَـاشِـيـرَ صُـبْـحٍ
مُـسْـتَـفِـيـضٍ عَـلَـى ظَلَامِ الْأَمَانِي
لَـيْـسَ تِـلْـكَ الدِّمَاءُ فِي الْحَرْبِ إِلَّا
شَـفَـقًـا مِـنْ ضِـيَـائِـهِ الْأُرْجُـوَانِـي
إِنَّـنِـي أَسْـتَـشِـفُّ مِـنْ غِـيَـرِ الـدَّهْـ
ـرِ انْــقِــلَابًــا يَــعُــمُّ كُــلَّ مَــكَــانِ
سَـيَـلُـوحُ الـدَّانِـي بِـهِ وَهْـوَ قَـاصٍ
وَيَــلُــوحُ الْـقَـاصِـي بِـهِ وَهْـوَ دَانِ
وَيَــكُــونُ الْــمُــعَــزُّ غَــيْــرَ مُــعَــزٍّ
وَيَــكُــونُ الْــمُــهَــانُ غَـيْـرَ مُـهَـانِ
وَسَـيَـغْـدُو الـضَّـعِيفُ مُحْتَرَمَ الْحَـ
ـقِّ وَيُـمْـسِـي الـظَّلُومُ فِي خُسْرَانِ
وَالــثُّــرَيَّـا سَـتَـعْـتَـلِـي فِـي أَمَـانِ
مِــنْ عَــدَاءِ الْــعَــيُّـوقِ وَالـدَّبَـرَانِ
وَسَــتَــبْــدُو أُمُّ الــنُّــجُـومِ رَءُومًـا
يَـتَـدَانَـى مِـنْ ثَـوْرِهَـا الْـفَـرْقَـدَانِ
يَــتَــجَــلَّـى رَبُّ الـسَّـمَـوَاتِ وَالْأَرْ
ضِ عَــلَــيْــنَــا بِـعَـدْلِـهِ وَالْـحَـنَـانِ
فَـيَـبُـوءُ «الْـمُـسْـتَـعْـمِرُونَ» بِخُسْرٍ
وَتُــضِــيءُ الْــبِــلَادُ بِــالْــعُــمْــرَانِ
•••
مَـعْـشَـرَ الْـعُـرْبِ أَيْنَ أَنْتُمْ مِنَ الْقَوْ
مِ إِذَا مَــا تَــمَّ انْــقِــلَابُ الـزَّمَـانِ؟
أَنِــيَــامٌ وَالــدَّهْـرُ يَـفْـتَـحُ فِـيـكُـمْ
مِـنْ جَـدِيـدَيْـهِ مُـقْـلَـتَـيْ يَـقْظَانِ؟
نَـقَـضَ الْـقَـوْمُ عَـهْـدَكُـمْ قَـبْـلَ هَذَا
وَاسْـتَـخَـفُّـوا بِـحِفْظِهِ فِي حَوَانِي
وَاسْـتَـهَـانُـوا بِـالْـوَعْـدِ إِذْ أَخْـلَـفُوهُ
وَاسْــتَــغَــلُّــوا دَفَــائِــنَ الْأَوْطَـانِ
وَأَقَـــامُـــوا بِـــهَــا قَــوَاعِــدَ جَــوٍّ
لِاحْــتِــشَـادِ الْـجُـنُـودِ وَالـطَّـيَـرَانِ
ثُــمَّ بَـثُّـوا بِـهَـا الْـعُـيُـونَ يَـعِـيـثُـو
نَ فَـسَـادًا فِـي سُـوحِـهَـا وَالْمَبَانِي
ثُـمَّ سَـارُوا فِـي حُـكْـمِهَا سَيْرَ فُلْكٍ
هُــمْ بِــهَــا آخِــذُونَ بِــالــسُّــكَّـانِ
كُــلُّ هَــذَا وَأَنْــتُــمُ مُــسْــتَــقِــلُّـو
نَ بِـزَعْـمٍ مِـنْ عِـنْـدِهِـمْ وَامْـتِـنَـانِ
قَــيَّــدُوكُــمْ لِــنَــفْــعِـهِـمْ بِـعُـهُـودٍ
نَــاطِــقَــاتٍ مِـنْ أَمْـرِكُـمْ بِـلِـسَـانِ
أَوْثَــقُــوكُــمْ بِــهَــا إِسَـارًا وَقَـالُـوا
لَــيْـسَ هَـذَا لَـكُـمْ سِـوَى إِحْـسَـانِ
لَــيْـسَ تِـلْـكَ الْـعُـهُـودُ يَـا قُـوْمُ إِلَّا
كَــعُــهُــودِ الــذِّئَــابِ لِــلْــحُـمْـلَانِ
أَفَــلَا تَــذْكُــرُونَ فِــي أَوَّلِــيــكُــمْ
أَنَــفًــا مِــنْ مَــسِــيـسِـهِـمْ بِـهَـوَانِ
يَـوْمَ سَـارُوا وَالْـعِـزُّ فِـيهِمْ يُمَاشِي
حِـزْبَـهُـمْ بِـالْـمُـشَـطَّـبِ الْـهُنْدُوَانِي
وَتَــعَــالَــتْ رَايَــاتُــهُـمْ خَـافِـقَـاتٍ
فِـي جُـيُـوشٍ عَـنَـا لَـهَـا الْـخَافِقَانِ
فَـانْـهَضُوا الْيَوْمَ مُسْتَجِدِّينَ مَجْدًا
كَــالَّــذِي كَــانَ دُونَــهُ الْــقَــمَــرَانِ
إِنَّ لِـلْـمَـجْـدِ فِـي الْـمَـسَاعِي مَحَلًّا
عَــالِــيًــا لَا يَــحُــلُّــهُ الْــمُـتَـوَانِـي
•••
قَــلْ لِـمَـنْ رَامَ صَـدْعَـنَـا بِـشِـقَـاقٍ
أَنْـتَ كَـالْـوَعْـلِ نَـاطِـحِ الـصَّـفْـوَانِ
وَيْــكَ إِنَّ الْإِسْــلَامَ أَوْجَــدَ فِــيـنَـا
وَحْــدَةً مِــثْــلَ وَحْــدَةِ الـرَّحْـمَـنِ
فَـاعْـتَـصَـمْـنَـا مِـنْـهَـا بِـحَبْلٍ وَثِيقٍ
هُـــوَ حَـــبْــلُ الْإِخَــاءِ وَالْإِيــمَــانِ
لَـيْسَ مَعْنَى تَوْحِيدِنَا اللهَ فِي الْمِلَّـ
ـةِ إِلَّا اتِّــحَــادَنَــا فِــي الْــكِــيَــانِ
فَـــلِـــهَــذَا نَــعَــمْ! لِــهَــذَا، لِــهَــذَا
نَـــحْـــنُ دِنَّــا بِــوَحْــدَةِ الــدَّيَّــانِ
وَحْــدَةٌ لَا يَــفُــلُّــهَــا الْــمُــتَـوَالِـي
مِــنْ صُــرُوفِ الـدُّهُـورِ وَالْأَزْمَـانِ
وَحْــدَةٌ جَــاءَنَــا مِـنَ الـلـهِ فِـيـهَـا
مُــرْسَــلٌ بِــالْــكِـتَـابِ وَالْـفُـرْقَـانِ
فَـــهَـــدَانَـــا بِـــهَـــا إِلَـــهٌ قَــدِيــمٌ
وَاحِــدٌ، عِــنْــدَهُ الْــقُـرُونُ ثَـوَانِـي
مَـا نَـرَى سُـلْـطَـةً عَـلَـيْـنَـا لِـخَـلْـقٍ
غَــيْــرَ سُــلْــطَـانِ خَـالِـقِ الْأَكْـوَانِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤