فِي لَيْلَةٍ نَابِغِيَّةٍ

Wave Image
خَـاضَ الـدُّجَـى وَظَـلَامُ الـلَّـيْـلِ مُخْتَلِطُ
صَـوْتٌ بِـهِ الْـوَجْدُ مِثْلُ السَّيْفِ مُخْتَرَطُ
يَـبُـثُّ فِـي الـلَّـيْـلِ حُـزْنًـا لَـوْ أَحَـسَّ بِـهِ
لَـبَـانَ فِـي لِـمَّـتَـيْـهِ الـشَّـيْـبُ وَالـشَّـمَـطُ
أُبْــدِيـهِ مُـنْـقَـبِـضًـا مِـنْـهُ عَـلَـى شَـجَـنٍ
فَــيَــمْــلَأُ الــلَّــيْــلَ إِرْنَــانًـا وَيَـنْـبَـسِـطُ
أَرْسَـــلْــتُ مِــنْــهُ أَنِــيــنًــا فَــاتَ أَوَّلُــهُ
سَــمْــعِــي وَآخِــرُهُ بِــالْـقَـلْـبِ مُـرْتَـبِـطُ
وَالــلَّــيْــلُ أَرْسَــلَ وَحْـفًـا مِـنْ غَـدَائِـرِهِ
كَأَنَّـــهُ بِـــثُـــرَيَّـــا الْأُفْــقِ يَــمْــتَــشِــطُ
وَالـنَّـجْـمُ فِـي الْـقُـبَّـةِ الـزَّرْقَـاءِ تَـحْسَبُهُ
فَــرَائِــدًا وَهْــيَ مِــنْ فَـيْـرُوزَجٍ سَـفَـطُ
كَـمْ قُـلْـتُ وَالـلَّـيْـلُ جَـثْلُ الشَّعْرِ فَاحِمُهُ
شِــعْـرًا بِـهِ كَـادَ فَـرْعُ الـلَّـيْـلِ يَـنْـمَـعِـطُ
يَـنْـجَـابُ لَـيْـلُ الْـعَـمَى عَنْ قَلْبِ سَامِعِهِ
كَـالْـفَـجْـرِ إِنْ لَاحَ فَـالـظَّـلْـمَـاءُ تَـنْـكَشِطُ
لَــهْـفِـي عَـلَـى حِـكَـمٍ مَـا زِلْـتُ أَنْـثُـرُهَـا
دُرًّا ثَـمِـيـنًـا وَمَـا فِـي الْـقَـوْمِ مُـلْـتَـقِـطُ
ضَــاعَ الـدَّوَاءُ الَّـذِي قَـدْ كُـنْـتُ أُوجِـرُهُ
مَـنْ لَـيْـسَ يَـشْرَبُ أَوْ مَنْ لَيْسَ يَسْتَعِطُ
تَـقُـولُ لِـي أَنْ غَـبَـطْـتُ الْـقَـوْمَ تَجْرِبَتِي
لَا تَـغْـبِـطَـنَّ فَـمَـا فِـي الْـقَـوْمِ مُـغْـتَـبِـطُ
•••
قُـلْ لِـلْأُلَـى نَـطَـقُـوا بِـالـضَّـادِ مُـدَّغَـمًـا:
لَــمْ يُــدْغِـمِ الـضَّـادَ آبَـاءٌ لَـكُـمْ فَـرَطُـوا
أَيَـحْـسُـنُ الـلَّـحْـنُ إِذْ آبَـاؤُكُـمْ فَـصَـحُوا
أَمْ يَـحْـسُـنُ الْـعَـجْـزُ إِذْ آبَـاؤُكُـمْ نَشِطُوا
فِــيــكُــمْ غُــلُــوٌّ وَتَـقْـصِـيـرٌ وَبَـيْـنَـهُـمَـا
ضَـــاعَ الْـــمُـــرَادُ أَأَنْــتُــمْ أُمَّــةٌ وَسَــطُ
إِنِّــي ابْـتُـلِـيـتُ بِـقَـوْمٍ يَـبْـعَـرُونَ عَـلَـى
أَعْــقَــابِــهِــمْ، وَإِذَا عَــنَّـفْـتُـهُـمْ ثَـلَـطُـوا
شَـطُّـوا بِأَقْـوَالِـهِـمْ حَـتَّـى لَـقَـدْ غَـضِبُوا
إِذْ قُـلْـتُ يَـا قَـوْمُ فِـي أَقْـوَالِـكُـمْ شَطَطُ
فَـبَـدِّلُـوا الْـقَـوْلَ إِنْ صَـحَّـتْ عَـزَائِـمُـكُمْ
فِـــعْـــلًا وَإِلَّا فَإِنِّـــي يَـــائِـــسٌ قَـــنِــطُ
قَـدْ حِرْتُ فِي الْأَمْرِ إِنِّي حِينَ أُسْخِطُهُمْ
يَـرْضَـوْنَ عَـنِّـي وَإِنْ أَرْضَيْتُهُمْ سَخِطُوا
فَــازَ الَّــذِي كَــانَ فِـي أَحْـوَالِـهِ وَسَـطًـا
فَــالْـمُـرُّ يُـعْـقَـى وَإِنَّ الْـحُـلْـوَ يُـسْـتَـرَطُ
قُـلْ لِـلْأَعَـارِيـبِ قَـدْ هَـانَـتْ مَـكَـارِمُـكُمْ
حَــتَّــى ادَّعَــاهَــا أُنَــاسٌ كُــلُّـهُـمْ نَـبَـطُ
بَــرِئْــتُ لِــلْــعَــرَبِ الْــعَـرْبَـاءِ مِـنْ فِـئَـةٍ
يُــنْــمَــوْنَ لِــلْــعُــرْبِ إِلَّا أَنَّــهُـمْ سَـقَـطُ
أَيْـنَ الْـمَـكَـارِمُ إِنْ هُـمْ أَصْـبَـحُـوا عَـرَبًـا
فَإِنَّــهَــا فِــي طِـبَـاعِ الْـعُـرْبِ تُـشْـتَـرَطُ
إِنْ يَـغْـمِـطُـونِـي لِأَنِّـي جِـئْـتُ أُنْـهِـضُهُمْ
فَأَيَّ مُـسْـتَـنْـهِـضٍ ذِي نَـجْـدَةٍ غَـمَـطُـوا
هُـمْ كَـالـضَّـفَـادِعِ فَـاسْـمَـعْهُمْ إِذَا رَطَنُوا
فَــمَــا هُــنَــالِــكَ إِلَّا الــلَّــغْــوُ وَالـلَّـغَـطُ
يَـسْـتَـنْـثِـرُونَ صَـغَـارًا مِـنْ مَـعَـاطِـسِهِمْ
وَلَا يُــبَــالُــونَ أَنْ قَـالُـوا وَأَنْ ضَـرَطُـوا
الْــعَــارُ يَــرْحَـلُ مَـعْـهُـمْ أَيْـنَـمَـا رَحَـلُـوا
وَالْـخِـزْيُ يَـهْـبِـطُ مَـعْـهُـمْ أَيْـنَـمَا هَبَطُوا
مِــنْ كُــلِّ أَشْــوَهَ لَاحَـتْ مِـنْ مَـغَـامِـزِهِ
فِــي وَجْــهِ كُــلِّ حَــيَــاةٍ حَـوْلَـهُ نُـقَـطُ
قَـــدْ رَثَّ عَـــرْضًـــا وَإِنْ جَـــدَّتْ مَآزِرُهُ
مِــنْ كُــلِّ مُـخْـزِيَـةٍ فِـي وَجْـهِـهِ شَـرَطُ
تَــرَاهُ يَـشْـخِـرُ عِـنْـدَ الْأَكْـلِ مِـنْ جَـشَـعٍ
كَأَنَّــمَــا هُــوَ عِــنْــدَ الْأَكْــلِ يَــمْـتَـخِـطُ
الْــخَــلْــقُ كَــالْــخَـطِّ لَا تَـقْـرَأْ لِـئَـامَـهُـمُ
وَاشْـطُـبْ عَـلَـيْـهِـمْ بِـنَـعْـلٍ إِنَّـهُـمْ غَـلَطُ
إِنْ رُمْـتَ تَـشْـبَـعُ مِـنْ مَـجْـدٍ فَـكُلْ هِمَمًا
كَأَكْــلِــكَ الـسَّـمْـنَ مَـلْـبُـوكًـا بِـهِ الْأَقِـطُ
نَـفْـسِـي تَـجِـيـشُ لِأَمْـرٍ لَـوْ صَـدَعْـتُ بِهِ
لَــزُلْــزِلَــتْ دُونَــهُ الْـبُـلْـدَانُ وَالْـخِـطَـطُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤