الفصل الثاني عشر

التكنولوجيات السلكية واللاسلكية

ما يُنقل لاسلكيًّا سيُنقل سلكيًّا، وما يُنقل سلكيًّا سيُنقل لاسلكيًّا.

نيكولاس نجروبونتي، المدير السابق لمختبر الوسائط بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ١٩٩٥1
تُعرَف هذه الظاهرة اليومَ ﺑ «تحوُّل نجروبونتي»: فما كان سلكيًّا في الماضي أصبح اليوم لاسلكيًّا، والعكس صحيح.2 بدأت النقلة مع ظهور البث التليفزيوني المدفوع (الذي يستخدم الكابلات المتحدة المحور) في سبعينيات القرن العشرين، وتسارعت خطاها مع انتشار الإنترنت بين عامَيْ ١٩٧٠ و٢٠٠٠، ثم بلغت كلَّ مكانٍ مع النمو السريع لشبكات الهواتف المحمولة حول العالم بعد عام ١٩٩٠. نشأ التليفزيون كنظامِ بثٍّ لاسلكيٍّ بين عامَيْ ١٩٣٠ و١٩٧٠، لكنه يتحوَّل سريعًا إلى خدمة سلكية تُقدَّم باستخدام أنظمة الكابل (والآن عبر الإنترنت كما نرى في تليفزيون بروتوكول الإنترنت). كان الإرسال الهاتفي خدمة قائمة على المكونات المادية منذ ابتكاره في أواخر مطلع القرن التاسع عشر حتى ابتكار هواتف موجات الراديو المحمولة عقب الحرب العالمية الثانية. لكن التحوُّل ليس عامًّا؛ حيث لا تزال هناك حالات شاذة عن النموذج مثل خدمات التليفزيون عن طريق القمر الصناعي للبث المباشِر، والمكالمات الهاتفية باستخدام تكنولوجيات الصوت عبر الإنترنت السلكية مثل سكايب وفوناج. والفكرة هي أنه بمجرد أن يتم تحويل المحتوى الصوتي أو الوسائطي إلى صيغة رقمية، يمكن بثُّه إما عبر الأسلاك وإما عبر الهواء. وأغلبُ نطاقات البث اللاسلكية الرقمية التي لا تعتمد على الأقمار الصناعية يبلغ مداها ٦٠ ميلًا أو أقل (وأقل من ١٠ أميال للهواتف المحمولة)، وتقريبًا كل انتقالات البيانات على الإنترنت العابرة للقارات تستخدم كابلاتٍ بحريةً بتقنية الألياف البصرية. وتنتقل مكالماتُ الهواتف المحمولة «اللاسلكية» الأرضية عبر كابلات لأغلب المسافة التي يقطعها الاتصال.

لم تنتهِ التكنولوجيات السلكية بعدُ

كما طالعنا في الفصل السابع، بدأت الاتصالاتُ عن بُعْد الكهربيةُ في منتصف مطلع القرن العشرين مع ظهور التلغراف كأول وسيلة اتصال آنية (بسرعة الضوء)، وقد نشأت جنبًا إلى جنب مع الإرسال الهاتفي بعد عام ١٨٧٦. وفي حين كان التلغراف وسيلةً يستخدمها الخبراء المدرَّبون على استخدام شفرة مورس بسرعات كبيرة، كانت الهواتف وسيلةً بوسع أيِّ شخصٍ استخدامها.3 أتاحت الهواتف الاتصالات الكهربية لفئة تخطَّتِ الأقلية العارفة بشفرة مورس، وكان أوائل المستخدمين للهواتف من المهنيين وتنفيذيي الأعمال الذين كان بوسعهم تسويغ الكلفة الضخمة لتركيب خط هاتف. رُكِّبت خطوط الهاتف الأولى كأزواج، عادةً من مكتب لمكتب، وكان المتحدِّث يعبِّر عن رغبته في الحديث بالصفير في السماعة، حيث كان الخط نَشِطًا طوال الوقت.4 كانت كل أنظمة الهواتف الأولى معتمدة في الأساس على المكونات المادية، وتمتَّعَ كلُّ هاتف داخل شبكة محلية بخط مُخصص للمكتب المركزي. وحتى طرح أنظمة التبديل التلقائي، كان مشغِّلو الهواتف يجلسون أمام لوحات مفاتيح ضخمة، وكانوا ينجزون كل اتصالٍ بتثبيتِ سلكٍ قابل للمد في مقبس. وكانت بالمدن الحافلة بأعداد كبيرة من الهواتف غاباتٌ من أعمدة الهاتف تتدلَّى منها مئاتُ الأسلاك الواصلة بين المنازل والمكاتب إلى المكتب المركزي المحلي؛ حيث كان المشغِّلون يؤدون عملهم (شكل ١٢-١).
fig52
شكل ١٢-١: في السنوات الخمسين الأولى لاستخدام الهاتف في الولايات المتحدة، استلزم كل هاتف جديد إضافة خط منفصل من المشترك إلى المكتب المركزي. وشهدت المناطق الحضرية مثل مدينة نيويورك تكتُّلاتٍ من خطوط الهاتف ممتدة فوق شوارع المدينة. الصورة: نادي ميتروبولتيان بوستكارد كلوب بمدينة نيويورك.
fig53
شكل ١٢-٢: تليفزيون محمول يعود طرازه إلى ستينيات القرن العشرين، مُصمَّم لاستقبال الإشارات اللاسلكية، ومزوَّد بهوائي مدمج من أجل الاستقبال اللاسلكي. الصورة: مؤسسة المشاع الإبداعي.
والأسلاك حاليًّا عادةً ما تكون مخفيةً عندما تُمَدُّ أسفل الشوارع أو على امتداد قضبان السكك الحديدية (على عكس الصورة من نيويورك ١٢-١)، ولا يزال هناك استثمار عالمي ضخم في كابلات الاتصالات عن بُعْد المدفونة في الأرض أو الممدودة تحت سطح البحر. إن النطاق المتاح أمام التقنيات اللاسلكية محدودٌ، لكن القدرة على إضافة سعة سلكية عالمية غير محدودة، لا يقيِّدها سوى رأس المال المتاح. إن النقلة التي تجري في الوقت الراهن تعكس ما حدث في محيطات العالم في ثمانينيات القرن العشرين: التحوُّل من الأسلاك النحاسية إلى كابلات الألياف البصرية. وكما أبرز توماس فريدمان، انطوى الإخفاقُ المالي الذي ألَمَّ بقطاع شركات الإنترنت العالمية في عامَيْ ٢٠٠٠ و٢٠٠١ على بارقةِ أملٍ؛ فحينَها كانت السعةُ الهائلة لكابلات الألياف البصرية متاحةً بالفعل ارتقابًا للنمو في خدمات النطاق العريض بعد عام ٢٠٠٠.5 وعندما ثبت أن سوق سلع مثل توصيل طعام الكلاب عبر الإنترنت لا يمكن له الاستمرار لفترة زمنية طويلة، انهار كثير من شركات الإنترنت، لكن حينذاك كانت شبكة الألياف البصرية المثبتة قد توسَّعَتْ بمعدلات مهولة. وعلى الرغم من أن قاسمًا كبيرًا من الألياف البصرية المثبتة لم يكن مستخدمًا، امتلأَتْ في النهاية هذه السعةُ بحلول عام ٢٠١٠ بفعل الطلب العالمي على خدمات النطاق العريض على الإنترنت مثل خدمة البث الحي للفيديو. إضافةً إلى وجود المزيد من أميال الألياف البصرية الممدودة بين القارات وتحت المحيطات، زادت التكنولوجيا الجديدة من كفاءة استخدام خطوط الألياف البصرية المثبتة بالفعل. في العقود الأخيرة، طوَّرَ العلماء والمهندسون تكنولوجيا الألياف البصرية لمزْجِ الإرسال بتقسيم طول الموجة إلى حد الكمال، تستخدم هذه التكنولوجيا ضوءَ ليزر متعدِّد الألوان لمدِّ سعةِ الألياف البصرية حتى ١٦٠ مرة من سعة أنظمة الليزر الأحادية اللون؛ ومن ثَمَّ فإن مكالمة سكايب الهاتفية من أستراليا إلى السويد التي تستخدم تقنيةَ الصوت عبر الإنترنت، تقطع المسافة تحت سطح محيطات العالم عبر مجموعة متنوعة من ألوان الضوء؛ إنه الصوت المنتقل عبر الضوء.
fig54
شكل ١٢-٣: النقلة من السلكي إلى اللاسلكي: سيدة تستخدم كمبيوترها المحمول أثناء التحدث عبر هاتفها المحمول. تذلِّل الاتصالاتُ عن بُعد اللاسلكيةُ وتكنولوجيا البطاريات استخدامَ أجهزة الاتصالات في كل مكان. المصدر: المؤلف.
fig55
شكل ١٢-٤: النقلة من اللاسلكي إلى السلكي: جهاز روكو يوجِّه فيسبوك وغيره من المحتوى الإلكتروني إلى جهاز تليفزيون رقمي يمكنه عرض كلٍّ من محتوى الكابل ومحتوى الإنترنت؛ إنه «التليكمبيوتر» الذي تنبَّأ به أصحابُ الرؤى المستقبلية في العقود الثلاثة الماضية. الصورة: حقوق التأليف والنشر محفوظة لشركة روكو.
دورُ الليزر في هذه العملية مثالٌ نموذجي على أطروحة جاك إيلول حول الآثار غير المنظورة للتكنولوجيا. ابتُكِر أول ليزر ناجح عام ١٩٦٠ على يد ثيودور مايمان بمختبرات هيوز البحثية في كاليفورنيا، بناءً على أبحاث سابقة قام بها جوردون جولد وتشارلز تاونز وآرثر شاولو.6 واستُخدِم الليزر في البداية كوسيلة لدراسة الخصائص الفيزيائية للضوء المترابط، ثم اكتُشِف فيما بعدُ أن له تطبيقات مفيدة كثيرة، منها جراحة تصحيح الإبصار وأجهزة الوسائط الضوئية وفي تقنيات الاتصالات عن بُعْد. ويُستخدَم ضوء الليزر الأحمر في قراءة بيانات الوسائط المُشفَّرة في مسارات مجهرية على أسطوانات السي دي والدي في دي، أما الليزر الأزرقُ فيُستخدَم في مشغِّلات أقراص البلوراي الأحدث. عندما اختُرِع الليزر لم يخطر على بال مبتكريه مدى الانتشار الذي ستكون عليه هذه التكنولوجيا في الحياة اليومية.
ما كان لشبكة الإنترنت كما نعرفها اليومَ أن تعمل بسعةٍ تُقارِبُ بأي حال من الأحوال سعتَها اليومَ دون الاتصال العالي السرعة، الذي توفِّره كابلات الألياف البصرية التي تستخدم ضوءَ الليزر المتعدد الألوان. لقد استُهلِكت السعةُ العالمية الإضافية من الألياف البصرية المثبتة قبل انهيار شركات الإنترنت، والطلب العالمي على النطاق العريض في ازديادٍ مستمرٍّ مع الزيادة المهولة في محتوى الفيديو على الإنترنت وأجهزة الاتصالات عن بُعْد الأخرى. أعلنت شركة ألايد فايبر في ٢٠١٠ عن خطتها لإنشاء شبكة من الألياف البصرية تمتد لمسافات بعيدة عبر البلد، ويبلغ طولها ١١٥٠٠ ميل، لربط أجهزة الاتصالات عن بُعد في الولايات المتحدة بالكابلات البحرية الممتدة بطول السواحل.7 وتتوقَّع الشركةُ أن الطلب على النطاق العريض العابر للأطلسي سيستمر في التضاعُف كلَّ عامَيْن من ٢٠١٠ حتى ٢٠١٥.8 واعتزمَت الشركةُ تكوينَ شراكات مع شركات السكك الحديدية الأمريكية لاستخدام حقوقها في المرور لدفن خطوط الألياف البصرية تحت الأرض؛ وبذلك أعاد تاريخ الولايات المتحدة نفسه منذ المد الأول لخطوط التلغراف بطول خطوط السكك الحديدية، التي كانت آنذاك في ستينيات القرن التاسع عشر صيحة حديثة، حتى تفاوض أحفاد أبناء الولايات المتحدة على الانتفاع بخطوط سككهم الحديدية من أجل مد خطوط الألياف البصرية الجديدة لشبكة الإنترنت، لربط شبكات الاتصالات عن بُعد بالولايات المتحدة بالكابلات العابرة للمحيطات.

انتشار النفاذ إلى الإنترنت عبر النطاق العريض

تتفوق كثيرًا شركاتُ توفير خدمات التليفزيون المدفوع والهواتف على الخدمات اللاسلكية في توفير النفاذ إلى الإنترنت. ومع تقدُّم الاتصالات عن بُعْد السلكية من أسلاك التلغراف إلى خطوط الهاتف، إلى الأسلاك المتحدة المحور، إلى كابلات الألياف البصرية؛ زادَتْ سعة نقل الإشارات بمعدلات مهولة مع كل تحسُّن يطرأ على التكنولوجيا. والقناة المتحدة المحور التي تستخدمها شركاتُ التليفزيون المدفوع عبارة عن «أنبوب سميك» مقارَنةً بالأسلاك «المزدوجة الملتفة» الرفيعة المستخدمة لتوصيلات الهواتف. من ناحية أخرى، حقَّقَ مهندسو شركات الهاتف إنجازاتٍ عظيمةً بتطبيقهم حيلًا تكنولوجية للحصول على سعة نقل إضافية من خطوط الهاتف لتوفير النفاذ إلى الإنترنت للمشتركين. والعنصرُ المضاف هو كابلات الألياف البصرية، وتتسابق كلٌّ من شركات الهواتف والتليفزيون المدفوع على تركيب خطوط الألياف البصرية لتكون أقرب لمنازل المشتركين من أي وقت مضى.

ولتصميم الشبكة أهميتُه؛ حيث إن الدوائر المحلية المكونة من ٢٠٠–٥٠٠ منزل التي تستخدمها أنظمة التليفزيون المدفوع تشبه كثيرًا شبكة «الخط الجماعي»، التي تستخدمها شبكاتُ الهاتف بالمناطق الريفية؛ إذ يشترك أربعة أو خمسة منازل في خط واحد. ومع التصميم الهجين المؤلَّف من الألياف البصرية والقنوات المتحدة المحور في سلسلةٍ من الدوائر بالمنطقة المحيطة، سيتباطأ النفاذُ إلى الإنترنت بشكلٍ ملحوظٍ مع زيادة عددِ مستخدِمِي الشبكة في الوقت نفسه. تكمن المفارَقةُ في أن شبكات الهاتف الحديثة التي تزوِّد المشتركين بنفاذٍ مباشِرٍ إلى المكتب المركزي؛ أقلُّ عُرضةً لمشكلة «الخط الجماعي» التي يواجهها مشتركو التليفزيون المدفوع عبر النطاق العريض. ومع تحوُّل أنظمة التليفزيون المدفوع إلى تكنولوجيا توصيل الألياف البصرية إلى المنازل، ستُحَلُّ مشكلة هذه الاختناقات بسبب الزيادة الكلية في عرض النطاق الترددي للشبكة.

الحل المتاح أمام شركات التليفزيون المدفوع هو ما يُطلَق عليه هجين الألياف البصرية مع القنوات المتحدة المحور، وهذا يكتنف تحويلَ أكبر عددٍ ممكن من الكابلات المتحدة المحور بكلِّ شبكةٍ محلية إلى خطوط ألياف بصرية متى كان ذلك ملائمًا اقتصاديًّا. وكما يوضِّح الشكل ١٢-٥، أغلب أنظمة التليفزيون المدفوع المحلية بالولايات المتحدة قد حوَّلَتْ خطوطَها الرئيسية إلى الألياف البصرية، كما تتحوَّل عن نقاط الاتصال وتتجه إلى تركيب الألياف البصرية بقرب منزل كل مشترك. وهذه العملية بصدد التنفيذ على مراحل متى توافَرَ لشركات التليفزيون المدفوع رأسُ المال اللازم لسداد مقابل ترقيات النظام (الشكل ١٢-٦). و«شبكات الألياف إلى نقطة الاتصال» هي السائدة حاليًّا، مع إجراء ترقيات للتحوُّل إلى شبكات «الألياف إلى الرصيف»، ومد خطوط الألياف البصرية إلى «نهاية الشبكة» التي تمتد إلى كل منزل (عادةً ما يكون آخِر ٣٠ مترًا من الأسلاك من الكابلات المتحدة المحور). وشبكة «الألياف إلى المنزل» هي مبلغ تقنية الاتصالات عن بُعْد، التي ستتيح اتصالًا عريضَ النطاق فائقَ السرعة للمشتركين.
fig56
شكل ١٢-٥: ثلاثة أنظمة اتصالات عن بُعْد: بالصورة العليا شبكةُ الهاتف المحلية، وبالصورة الوسطى منظومةُ تليفزيون مدفوع محلية حيث تحيط نقاطُ الاتصال بالخط الرئيسي المركزي، وبالصورة السفلى شبكةُ الإنترنت. المكالمة الهاتفية من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) يتم توجيهها عبر المحوِّل بالصورة العليا، وعبر منظومة التليفزيون المدفوع التي تتلقى الإشارات وتوزِّعها بالصورة الوسطى. والمكالمة التي تستخدم تقنيةَ الصوت عبر الإنترنت تُرسَل عبر أجهزة الراوتر من عنوان بروتوكول الإنترنت (أ) إلى عنوان بروتوكول الإنترنت (ب). المصدر: مخطط من إعداد جاري أتكينز.
fig57
شكل ١٢-٦: مراحل تحوُّل الاتصالات عن بُعد من الكابلات النحاسية المتحدة المحور إلى خطوط الألياف البصرية الزجاجية. بالصورة يمتد الكابل المتحد المحور من القبو إلى جميع الطوابق، في حين أن شبكة «الألياف إلى المنزل» تربط مباشَرةً الأجهزةَ بالمنزل أو المكتب بالشبكة. المصدر: مخطط من إعداد ريك. مؤسسة المشاع الإبداعي.
توجد شبكات «الألياف إلى المنزل» بأكثر من ٦ ملايين منزل بالولايات المتحدة، والخدمة متاحة حاليًّا ﻟ ١٨ بالمائة من المنازل التي يمر بها كابل شبكة «ألياف إلى المنزل».9 توفر عادةً منظوماتُ شبكة «الألياف إلى المنزل» قدرةَ اتصالٍ تبلغ ١ جيجابت/الثانية، مقارَنةً بقدرة اتصال المنظومات الهجينة من الألياف البصرية والكابلات المتحدة المحور التي تبلغ ١٠–٢٠ ميجابت/الثانية. وُصِف هذا المستوى من النفاذية إلى النطاق العريض بتجرُّع الماء من خرطوم الإطفاء مقارَنةً بارتشافه من قصبةٍ، في إشارةٍ إلى قدرةِ الاتصال التي توفِّرها شبكاتُ «الألياف إلى نقطة الاتصال» أو «الألياف إلى الرصيف». وسيرتفع الطلب على المزيد من النطاق العريض مع زيادة عدد مستخدمي الإنترنت الذين ينفذون إلى محتوى الفيديو وغيره من محتوى الوسائط المتعددة على الإنترنت. هل بوسع شبكة الإنترنت تلبية هذا المستوى من الطلب؟ تستهلك شركة نتفليكس وحدها ٢٠ بالمائة من عرض النطاق الترددي المتاح للإنترنت في وقت الذروة؛ حيث يشغِّل المشاهدون الأفلام على الإنترنت.10 وتستهلك فئةُ الترفيه في الزمن الحقيقي (التي تشمل نتفليكس) ٤٦ بالمائة من عرض النطاق الترددي في وقت الذروة بحسب مؤسسة ساندفاين البحثية، والولايات المتحدة ليست البلد الوحيد الذي يعاني من هذه المشكلة؛ ففي كندا، اكتشفت مؤسسة ساندفاين أن تشغيل خدمة نتفليكس استهلك ٩٥ بالمائة من عرض النطاق الترددي المتاح للإنترنت في وقت الذروة.11 وهذا لا يترك الكثير من عرض النطاق الترددي لكل مستخدمي الإنترنت الآخرين في ذاك الوقت. وهذا الضغط على الشبكة لا يؤثِّر فحسب على الميل الأخير من دائرة الكابل، بل يؤثر بشدة على سعة نقل البيانات بالعمود الفقري للإنترنت المكون من ألياف بصرية.

هذا النمو في الطلب على محتوى الأفلام والتليفزيون بتقنية البث الحي يزيد من سخونة الجدل الدائر حول حيادية الشبكة في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان التي تحوي شبكاتِ نطاقٍ عريضٍ ممتدةً. تأييدُ حيادية الشبكة يعني أن المرء سينادي برفع أي تقييد يفرضه مقدِّمو خدمة الإنترنت (مثل كومكاست وغيرها من شركات الاتصالات عن بُعْد) على مقدار عرض النطاق الترددي الذي بوسع مستخدم الشبكة استهلاكه. كما يفترض أن مقدِّمي خدمة الإنترنت سيُمنَعون قانونيًّا من تقييد النفاذ إلى محتوًى بعينه على الإنترنت بناءً على عرض النطاق الترددي. ويطالب مقدِّمو خدمة الإنترنت بأنه ينبغي لمستهلكي عرض النطاق الترددي بمعدلات مرتفعة أن يدفعوا المزيدَ مقابلَ محتوى البث الحي والمحتوى المُنزَّل. ويتناقش حاليًّا كلٌّ من الكونجرس الأمريكي ولجنةِ الاتصالات الفيدرالية حول هذه المسألة الخلافية.

ثورة الهاتف اللاسلكي

وفي الوقت الذي استمر التوسع السريع في مد الأسلاك حول العالم بعد عام ١٩٩٠، اندلعت ثورة في الإرسال الهاتفي مع تحوُّل المشتركين من الخطوط الأرضية إلى الهواتف المحمولة. في عام ٢٠٠٢، زاد عدد مستخدمي الهواتف المحمولة على عدد المشتركين في خطوط الهاتف الأرضية حول العالم. وباستعراض ما وقع، كان ينبغي أن يكون الهاتف محمولًا منذ طرحه في البداية، لكن تكنولوجيا الكمبيوتر لم تُتَح لألكسندر جراهام بيل (أو إليشا جراي الذي قدَّمَ استمارةَ تسجيلِ براءةِ اختراعِ الهاتف بعد جراهام بل بساعات).12 وتعمل تكنولوجيا الهاتف الخلوي عن طريق استخدام إشارات الراديو من الهواتف المحمولة وهي تنتقل من خلية (منطقة جغرافية صغيرة) إلى خلية أخرى في منطقة معينة. تلتقط الإشارةَ أبراجٌ يفصل بين كلٍّ منها ٥ أميال، وعادةً ما تُثبت على التلال أو البنى المرتفعة (الشكل ١٢-٧). يُعاد إرسال المكالمات عبر خطوط أرضية سلكية إلى مكتب تحويل مكالمات الهاتف المحمول الذي تملكه شركة الهواتف المحمولة. ومكتبُ تحويل مكالمات الهاتف المحمول هو المكان الذي تحدث فيه المعجزة الإلكترونية! وعلى الرغم من إجراء مئات المشتركين لمكالمات في الوقت نفسه، تستشعر أجهزةُ الكمبيوتر بالمكتب متى تتضاءل إشارة مكالمة من المكالمات، ثم تلتقط المكالمة نفسها عندما تشتدُّ قوةُ الإشارة في الخلية التي ينتقل إليها المتحدث. تجري عمليةُ المناولة بسلاسة، لدرجة أن المتحدث لا يدرك حدوثها؛ إلا إذا خرج المتحدث من شبكة الخلايا وفُقِدت إشارةُ المكالمة. إن عملية تتبُّع وتحويل مئات (أو آلاف) مكالمات المحمول في الوقت نفسه تتجاوز قدرة البشر؛ وثَمَّ تتولاها أنظمةُ تحويلٍ قائمةٌ على الكمبيوتر. أجرى الدكتور مارتن كوبر من شركة موتورولا أولَ مكالمة هاتفية خلوية في عام ١٩٧٣، وكانت التكنولوجيا تعتمد على التحويل بالاستعانة بالكمبيوتر. كما اعتمد توسُّعُ الأنظمة الخلوية للمحمول على إنشاء كلِّ شركةٍ شبكةً وطنية من الأبراج الخلوية ومكاتب تحويل مكالمات الهواتف المحمولة. ولم تقدِّم هذه الشركاتُ خدمةً تغطِّي الولايات المتحدة بأسرها إلا في عام ١٩٩٠، ولا تزال هناك مناطق شاسعة بالبلد لا تغطِّيها خدمةُ الهواتف المحمولة.
fig58
شكل ١٢-٧: مع انتقال مستخدم الهاتف المحمول من خلية (منطقة جغرافية صغيرة) إلى خلية أخرى، يحوِّل تلقائيًّا جهازُ كمبيوتر بمكتب تحويل مكالمات الهاتف المحمول مكالمتَه من البرج الذي يغطِّي الخلية التي يغادرها إلى البرج الذي يغطِّي الخلية التي ينتقل إليها. تتصل الأبراج بالمكتب باستخدام خطوط أرضية، ومن المكتب تتوجَّه المكالمةُ إلى الشبكة العامة لتحويل المكالمات، ومنها إلى أي هاتف في العالم. وتعتمد خدمةُ الهواتف المحمولة على الخطوط الأرضية التي تربط الخلايا في شبكة من الشبكات بمكتب تحويلِ مكالماتِ الهاتف المحمول، وكذا على أجهزة الكمبيوتر من أجل التحويل التلقائي لمئات المكالمات في الوقت نفسه بكل موقع. المصدر: مخطط من إعداد جاري أتكينز.
جدول ١٢-١: تطوُّر الهواتف المحمولة كلَّ عشر سنوات، ١٩٨٠–٢٠٢٠.
إصدار الشبكة الإطار الزمني المواصفات والميزات أمثلة
الجيل ٠ ١٩٤٦ إلى ثمانينيات القرن العشرين في الولايات المتحدة «هواتف الراديو التناظرية» يستخدمها عددٌ صغير من المشتركين يشغلون نطاقًا محدودًا. تكنولوجيات متنقلة مثل نظام الهاتف المحمول المحسَّن، وناقل الراديو المشترك.
الجيل ١ ثمانينيات القرن العشرين «الهواتف الخلوية التناظرية الصوتية فقط.» النظام المتقدم للهاتف المحمول الذي طُرِح في الولايات المتحدة في ١٩٨٣. النظام المتقدِّم للهاتف المحمول في الولايات المتحدة، وشبكة الهاتف الراديوي في ألمانيا، ومنظومة الاتصالات النفاذية الشاملة في اليابان، ومنظومة الهواتف المحمولة النوردية في إسكندنافيا، وراديو كوم ٢٠٠٠ في فرنسا، ومنظومة الاتصال النفاذية الشاملة في المملكة المتحدة.
الجيل ٢ تسعينيات القرن العشرين طرح «البث الرقمي» بين الهواتف والأبراج. نقل البيانات باستخدام خدمة الرسائل القصيرة، وتعزيز الخصوصية، وتحسين كفاءة النطاق. تكنولوجيا قائمة على النفاذ المتعدد بتقسيم زمني (النظام العالمي للاتصالات المتنقلة) في أوروبا. بث قائم على النفاذ المتعدد بتقسيم شفري في أمريكا الشمالية وآسيا.
الجيل ٣ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين «الإعداد القياسي* آي إم تي-٢٠٠٠»، وتشمل ميزاتُه النفاذَ إلى الإنترنت وكاميرا ثابتة. ميزات اختيارية تتضمن كاميرا تسجيل فيديو، والمؤتمرات المرئية، ومحدد المواقع باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي، وتليفزيون الموبايل.
الجيل ٤ ٢٠٠٩ حتى الوقت الراهن هواتف ذكية على الإعداد القياسي «آي إم تي-أدفانسيد» بسرعةِ نفاذٍ تبلغ ١٠٠ ميجابت/الثانية تنقُّلًا، وسرعة نفاذ تبلغ ١ جيجابت/الثانية سيرًا. السرعات الأعلى تذلِّل خدمات الوسائط المتعددة عبر النطاق العريض. تشمل ميزات مثل النطاق العريض القائم على بروتوكول الإنترنت، وألعاب تفاعلية، وأجهزة مودم الهوت سبوت المرتبطة، وخدمة مؤتمرات مرئية محسَّنة والنفاذ إلى التليفزيون العالي الدقة عبر هواتف آي فون من أبل وهواتف الجيل الرابع التي تعمل بنظام أندرويد.
الجيل ٥ ٢٠٢٠ أو قبل ذلك (سيحاكي القفزات السابقة بين الأجيال التي استغرقت ١٠ سنوات.) «إعداد عالمي للهواتف المحمولة» باستخدام تكنولوجيا النطاق العريض المتنقل للراديو الذكي. خدمات واسعة الانتشار تتميز بكفاءة النطاق في ست قارات. ربما تكون هواتف الجيل الخامس قابلة للارتداء، وتُجري المكالمات بخاصية التنشيط الصوتي، وتتمتع بإمكانية عقد مؤتمرات مرئية باستخدام سماعات رأس بخاصية الواقع المعزز التي تعرض صورًا بدقة عالية الوضوح، إلى جانب إمكانية تتبُّع مواقع اختيارية.
آي إم تي-٢٠٠٠ اختصار للاتصالات عن بُعد المتنقلة الدولية-٢٠٠٠، المعيار القياسي الدولي للهواتف المحمولة بشبكة الجيل الثالث.
†  سرعات التنزيل البالغة ١ جيجابت/الثانية على المعيار القياسي الدولي للهواتف المحمولة آي إم تي-أدفانسيد بشبكة الجيل الرابع كما حدَّدها الاتحاد الدولي للاتصالات عن بُعد-قطاع الاتصالات الراديوية.
fig59
شكل ١٢-٨: تطوُّر الهواتف المحمولة؛ إذ تقلَّصَ حجمها من أول موديل طرحته موتورولا الذي كان بحجم قالب القرميد الموجود أعلى يسار الصورة، حتى حجمٍ أقلَّ من قالب الحلوى الموجود أسفل يمين الصورة. ستُنشَّط الهواتف المحمولة المستقبلية بالصوت وستُدمَج في إطارات النظارات وفي ساعات اليد. الصورة: آندرز. مؤسسة المشاع الإبداعي.
ومع تطوُّر الهواتف المحمولة عبر إصدارات جديدة متتابعة من شبكة 0G إلى شبكة 4G المستخدمة حاليًّا (الجدول ١٢-١)، ما فتئ حجمها يتضاءل (شكل ١٢-٨). إلا أن أحجام الهواتف بصدد الزيادة بعضَ الشيء مع طرح المزيد من التصميمات، التي تشمل لوحةَ مفاتيح منزلقة لإرسال الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني وشاشات أكبر لمشاهدة مقاطع الفيديو. والمفارَقة في الحاجة إلى إدماج لوحة مفاتيح بالهاتف يرجع سببه إلى ذيوع إرسال الرسائل النصية؛ فبالنسبة إلى المراهقين بالدول المتصلة بشبكاتٍ، إرسالُ الرسائل النصية هو سبيلُ التواصل المفضَّل لديهم بالمنزل أو بالمدرسة. وبالمدارس حيث يُحظَر استخدام الهواتف المحمولة، يمكن لطالبٍ يجلس بمؤخرة الفصل أن يُرسِل نصوصًا وهو يتظاهر بأنه يقرأ كتابًا؛ بل اكتسَبَ بعضُ المراهقين مهارةَ الكتابة بإصبع الإبهام على لوحة المفاتيح دون رؤيتها، ما يمكِّنهم من إرسال الرسائل النصية والهاتف مخبَّأ بجيب البنطلون. جزءٌ من جاذبية إرسال الرسائل النصية في أعين المراهقين يعود إلى أنها قناة خاصة لإرسال الرسائل ولا تحتاج إلى كلام. كما يحب المراهقون القدرةَ على إرسال رسائل قصيرة تشبه كثيرًا التغريدات المكونة من ١٤٠ حرفًا.13 كما يمكن أن تكون الرسائل النصية بمثابة شبكة تنبيه كمنظومة سيدج للدفاع الجوي في ستينيات القرن العشرين؛ وقد شاهدتُ الطلابَ يرسلون رسائلَ عاجلةً لزميلٍ لهم بالفصل يخبرونه بأن امتحانًا مفاجئًا يجري الآن بإحدى الدورات الدراسية، ولم تمر سوى دقائق معدودة حتى شاهدتُ الطالبَ المتأخِّر يهرع عبر الباب.

الإرسال الهاتفي اللاسلكي العالمي

قدَّر الاتحاد الدولي للاتصالات عن بُعد عدد مشتركي الهواتف الخلوية ﺑ ٥٫٣ مليارات في ٢٠١٠، منهم ٩٤٠ مليونًا ينتفعون بشبكة الجيل الثالث أو بخدمة أفضل.14 ومع بلوغ تعداد سكان العالم ٦٫٨ مليارات نسمة في نهاية عام ٢٠١٠، تشير أرقام الاتحاد الدولي للاتصالات عن بُعد بشأن انتشار التكنولوجيات اللاسلكية إلى أن ٧٣ بالمائة من سكان العالم يشتركون بخدمة لاسلكية، وأن ٩٠ بالمائة من سكان العالم الآن ينفذون إلى الخدمات المتنقلة (لكنهم لا يملكون بالضرورة هاتفًا محمولًا).15 بكثير من البلدان النامية سيوفِّر لك البائعُ بالمنطقة التي تقطن بها هاتفًا محمولًا بمقابل مادي. وبحسب إحصاءات الاتحاد الدولي للاتصالات عن بُعد، يقل نفاذ سكان الريف عن عموم السكان — ٨٠ بالمائة — لكن يُعتبَر هذا المستوى من الخدمة تحسُّنًا كبيرًا مقارَنةً بعام ٢٠٠٠. يتحوَّل عددٌ أكبر من المشتركين من خدمات الجيل الثاني إلى خدمات الجيل الثالث (مع تحسن النفاذ إلى الإنترنت) وإتاحتها ﺑ ١٤٣ بلدًا في ٢٠١٠، مقارَنةً ﺑ ٩٥ بلدًا في ٢٠٠٧. والمناطق التي تحظى بخدمة الجيل الثاني هي بالأساس في غرب آسيا وشمال ووسط أفريقيا. تشهد الهند والصين انتشارًا مهولًا في استخدام الهواتف المحمولة؛ فالبلدَانِ معًا أضافَا ٣٠٠ مليون مشترك عام ٢٠١٠. فإن كان الهاتف المحمول هو أحد الحلول لسد الفجوة الرقمية؛ فإن مستخدِميه بالدول النامية يلحقون سريعًا بسكان الدول الأكثر تقدمًا.
تجري الآن نقلة إلى خدمات الجيل الرابع بالدول الإسكندنافية، وفي مقدمتها النرويج والسويد، وكذا في أمريكا الشمالية وأوكرانيا.16 من ناحية أخرى، يزيد معدل النمو حاليًّا ببطء في البلدان المتقدمة حيث يتجاوز انتشار الهواتف المحمولة الآن ١٠٠ بالمائة؛ على سبيل المثال: يبلغ معدل الانتشار في لوكسمبورج ١٤٧ بالمائة، ما يعني أن كل مواطن يملك في المتوسط ١٫٥ هاتف محمول.17 وثمة اتجاهات رئيسية عدة يدفعها الاقتناء السريع للهواتف المحمولة حول العالم؛ ففي الولايات المتحدة وغيرها من البلدان المتقدمة، يتحول عدد متزايد من المنازل إلى استخدام الهواتف الخلوية فقط؛ إذ يتوقفون عن استخدام الخدمات الأرضية بعد ملاحظتهم أن هواتف الجيلين الثالث والرابع تتمتَّع بتطبيقاتٍ كثيرة لا تُتاح على طُرز الهاتف الأرضي؛ فلِمَ أدفع فاتورتين للهاتف كلَّ شهر في حين أنني أستخدم هاتفًا واحدًا فحسب (الهاتف المحمول) بشكل منتظم؟ في الولايات المتحدة، ١٨ بالمائة من المنازل تعتمد على التقنيات اللاسلكية وحدها للحصول على خدمات الهاتف (ارتفاعًا من ٦ بالمائة في ٢٠٠٥)، وقلَّلَتْ من نفقاتها السنوية على الاتصالات عن بُعد بحوالي ٤٠٠–٥٠٠ دولار.18 وهذه ليست أخبارًا سارة لشركات هواتف الخطوط الأرضية (إنْ لم تمتلك شركاتٌ شقيقة توافُر الخدمات اللاسلكية)؛ حيث تنخفض عائداتها كلَّ عام مع زيادة عدد منازل الولايات المتحدة التي تتحوَّل إلى الهواتف الخلوية فقط.
في كتاب بيل جيتس «طريق المستقبل» الصادر عام ١٩٩٥، حيث كان آنذاك الرئيس التنفيذي لميكروسوفت، كتب عن مستقبل النفاذ إلى المعلومات عبر الإنترنت:
ستتمتَّع الهواتف المتطورة بشاشات تعرض معلومات، بما فيها إعلانات دليل يلوبيدجز، وسيروِّج العديد من الشركات أجهزةً مصمَّمة خصوصًا من أجل تصفُّح الإنترنت، وستصبح الهواتف الخلوية وأجهزة الاستدعاء الآلي أقوى من ذي قبلُ. تحتل بعض هذه الأجهزة المتخصصة الغرض مكانها في السوق لبضع سنوات، لكن على المدى الطويل كلها تقريبًا ستفسح المجال للأجهزة المُبرمجة المتعددة الغرض — أجهزة الكمبيوتر — المتصلة بشكل مرئي أو غير مرئي بالشبكة.19

كان بيل جيتس آنذاك تنفيذيًّا واسعَ الحيلة يترأَّس شركةً من أكبر شركات العالم في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لكن تفكير بيل كان لا يزال معلَّقًا بفكرة قانون مور المفضي إلى أجهزة كمبيوتر شخصية أصغر من ذي قبلُ. كانت إحدى أسواق ميكروسوفت الرئيسية بيعَ نظامِ تشغيل ويندوز لأجهزة الكمبيوتر الشخصية، الكبيرة منها والصغيرة. لكن من الواضح أنه أغفل ظهور الهاتف المحمول كجهاز «كمبيوتر متعدد الأغراض» متصل بشكل غير مرئي بالشبكة.

إنصافًا لبيل جيتس، في عام ١٩٩٥ لم يصل قانون مور بنمنمة الدوائر المدمجة إلى الحد الذي يسمح بتحوُّل الهاتف المحمول إلى كمبيوتر محمول قادر على أداء وظائف متعددة. كان بوسع هواتف الجيل الثاني في ذاك العصر عرْضُ البيانات النصية على شاشات ضئيلة (انظر الجدول ١٢-١)، لكن فكرة متصفح الإنترنت على الهاتف كانت لا تزال قيدَ التطوير داخل المختبرات آنذاك. في الواقع، لم يستوعب المستهلكون أنه يمكن تحميل الكثير من التطبيقات المفيدة والمتنوعة على هاتف محمول حتى طرحَتْ أبل هاتف آي فون في ٩ يناير من عام ٢٠٠٧. قدَّم ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي لأبل، أولَ آي فون في معرض ماك وورلد السنوي في سان فرانسيسكو، ولفت الهاتف من فوره اهتمامًا عظيمًا؛ حيث اصطفَّ المئات من المشترين المحتملين أمامَ متاجر شركة أبل لطلب الهاتف.20 كانت نقلة ثورية في التصميم عن الهواتف السابقة من حيث تمتُّع الهاتف بشاشة لمس ساطعة غنية بالألوان كواجهة، كذلك تميَّزَ بنظامِ عرضٍ فريد من نوعه للنفاذ إلى الميزات والمحتوى بلمسة إصبع. ظهرَتْ رسائلُ البريد الصوتي في صورةِ قائمةٍ قابلةٍ للتمرير بدلًا من الاضطرار إلى الاستماع إلى كل الرسائل بحسب ترتيب استلامها كما هو الحال مع الهواتف الأخرى. كان آي فون هو الكمبيوتر الشخصي الذي توقَّعَه بيل جيتس في عام ١٩٩٥؛ فكان يتمتع بنظام تشغيلٍ فريد، واشتمل على مشغِّل موسيقى وكاميرا وخاصية الاتصال عبر واي فاي/يو إس بي/بلوتوث، وضمَّ إمكانية الهاتف اللاسلكي الرباعي الوضع. باعَتْ شركةُ أبل أكثرَ من ٦ ملايين هاتف في الخمسة عشر شهرًا التي أعقبَتْ طرحَ الهاتف للبيع في منتصف عام ٢٠٠٧.21
جرى تطوير أكثر من ٢٥٠ ألف تطبيق لآي فون خصوصًا بحلول عام ٢٠٠٩، وهو ما كان عاملًا حيويًّا في نجاحه المبكر.22 أحكمَتْ أبل سيطرتَها على تكنولوجيا آي فون ونظام تشغيله، لكنها أقدمت على خطوةٍ في غاية الذكاء من جانبها عندما شجَّعَتْ تطويرَ تطبيقات الطرف الثالث (كان على كل تطبيقٍ أن يحظى بموافَقةِ أبل كي يُباع في متاجرها وعلى الإنترنت). أدَّى نجاحُ آي فون إلى ظهورِ كثيرٍ من التصميمات المقلَّدة بتكنولوجيا الجيل الرابع التي تمتَّعَتْ بشاشاتِ لمسٍ وخيارِ برمجةِ تطبيقاتٍ خاصة بها. نزلَتْ شركةُ جوجل ساحةَ المنافسة بنظام التشغيل أندرويد الذي ابتكرته للهواتف المحمولة، والذي يستخدمه كثيرٌ من منافسي أبل. ستدفع المنافسةُ، مقترنة بآثار قانون مور المستمرة، مسارَ الابتكار بمعدلٍ بالغِ السرعة. وأثبَتَ طرْحُ آي فون أن المستهلكين سيتفاعلون إنْ كانت المنتجاتُ محكمةَ التصميم، كما ستثور ثورتهم إنْ لم تكن التكنولوجيا الداعمة للمنتجات تعمل كما رُوِّج لها. وسرعان ما ابتلع نجاحُ آي فون سعةَ عرضِ النطاق الترددي لأول شركة اتصالات تدعمه، شركة إيه تي آند تي؛ ما سبَّبَ كثيرًا من الشكاوى بشأن الخدمة. ستستمر الحاجة إلى توفير عرضِ نطاقٍ ترددي كافٍ لعملاء الهواتف المحمولة كشاغلٍ أمام شركات الاتصالات، مع زيادة عدد المستخدمين الذين يرغبون في مشاهدة الأفلام وعروض التليفزيون على هواتفهم. ويتقدَّم التقارب بين تكنولوجيا التليفزيون والهاتف بوقعٍ سريعٍ على مستوى الكوكب.

الآثار الاجتماعية لاستخدام الهاتف المحمول

عادةً ما ركَّزَ النقاشُ حول الاستخدام الاجتماعي للهواتف المحمولة على مسائل التشتيت، لكنْ ثمة العديد من النقاط المعززة للشق الاجتماعي، التي كثيرًا ما تُغفَل أثناء المداولة. على الرغم من أنك ستسمع قصصًا كثيرة حول حيوات أُنقِذت بسبب أن صاحب القصة كان معه هاتفٌ محمول لاستدعاء المساعدة، لم يُلتفَت بالصورة نفسها إلى استخدامها في تعزيز الإحساس بالأمان عندما يكون المرء وحده. منذ عقدٍ مضى، لاحظتُ لأول مرة سيداتٍ يتحدَّثْنَ في هواتفهن المحمولة أثناء التنزُّه سَيْرًا وحدَهن في متنزه جبلي مترامي الأطراف قُرْبَ منزلنا. في البداية ظننتُ أن هذا السلوك غريبًا بعض الشيء، على اعتبار أن معظم الناس يقصدون هذا المتنزه التماسًا للعزلة والسكينة اللتين يوفرهما. بعد ملاحظتي هذا السلوك مراتٍ عديدةً، بدأتُ أستوعب ببطء أن هؤلاء السيدات يُرْسِلنَ رسالةً لأي متحرِّش أو معتَدٍ محتمل: «ابتعِدْ عني! بوسع الشخص الذي أحدِّثه استدعاءُ شرطة المتنزه إنْ تعرَّضْتَ لي.» عندما أسأل الطلاب بفصولي عمَّن يحمل منهم هاتفًا محمولًا لأغراض السلامة، أغلب السيدات (وكثير من الرجال الصرحاء) قلن إن هذا أمر اعتيادي؛ فوجود الهاتف المحمول يتيح بلوغ مساعدة عاجلة إنْ تعطَّلَتْ سيارةُ إحداهن، أو كانت هناك حاجة لطلب خدمات الطوارئ. في كولورادو، ثمة لافتات على طول الطرق السريعة الرئيسية تحثُّ السائقين على الإبلاغ عن سلوكيات القيادة العدائية من الآخرين بطلب ٢٧٧ (دورية شرطة كولورادو) على هاتفهم. توجد إحصاءات بسيطة حول عدد الحوادث التي نجمت عن تشتُّت تركيز السائقين الذين يتصلون بدورية الطريق السريع للتبليغ عن السائقين الآخرين، لكن البرنامج فعليًّا يحذِّر السائقين العدائيين من أن اعتراض السائقين الآخرين قد يؤدي بهم إلى دفع مخالفة.

إن مسألة تشتت الانتباه عن القيادة مسألة حقيقية، ويبدو أنها مشكلة متنامية حيث يحاول السائقون أداءَ عدة مهام أثناء قيادتهم لمركبةٍ يبلغ وزنها ٩٠٠ كيلوجرام، يقودونها بسرعة تزيد على ٥٠ ميلًا في الساعة. في السيارات التي صُمِّمت قبل عام ٢٠٠٠، لم تكن هناك مشتتات كثيرة بالمقعد الأمامي باستثناء تشغيل الراديو أو مشغِّل شرائط الكاسيت؛ أما في السيارات الحديثة فالمشتتات وافرة: الهواتف المحمولة، أجهزة نظام تحديد المواقع العالمي لتحديد الموقع على الخرائط، مشغِّلات الراديو/أسطوانات سي دي/الموسيقى الرقمية، وأخيرًا الشاشات المنبثقة (شكل ١٢-٩). تتمتَّع السيارات الأحدث بتكنولوجيات للتعرُّف على الصوت لإجراء مكالمات بالهاتف المحمول أو إرسال رسائل نصية. وصمَّمت شركة فورد تكنولوجيا «سينك» لجعل كل هذه الأنظمة مستجيبة للأوامر الصوتية، لكن الأبحاث أظهرت أن الأنظمة في الوضع الحر اليدين يمكن أن تسبِّب القدرَ نفسه من التشتيت كالأنظمة في الوضع التقليدي. في الواقع، إن التشتت الذي تتسبب فيه الهواتف المحمولة يمكن أن يعادل القيادة مخمورًا بنسبة كحول في الدم تبلغ ٠٫٠٨ بالمائة.23 استجابت وزارةُ النقل الأمريكية لذلك بأن دشَّنَتْ حملةً وطنية لمكافحة التشتت أثناء القيادة، الذي يحصد ما يُقدَّر ﺑ ٥٤٠٠ شخص في الولايات المتحدة كلَّ عام.24
fig60
شكل ١٢-٩: تظهر بالتصميم الداخلي لسيارةٍ شاشة إل سي دي منبثقة بمنتصف لوحة القيادة يمكن أن تعرض بيانات خريطة بالاستعانة بنظام تحديد المواقع العالمي، وكذا تعرض محتوًى من الإنترنت مثل صور القمر الصناعي من برنامج جوجل إيرث لأي موقع على كوكب الأرض. الصورة: المؤلف.
وقع حادث مأساوي في ٢٥ نوفمبر من عام ٢٠٠٨ عندما صدمَتْ سيارةٌ الطفلةَ إريكا فورني البالغة من العمر تسع سنوات، وهي تقود دراجتها عائدةً إلى منزلها من المدرسة في فورت كولينز بكولورادو. كانت قائدة السيارة، سيدة في الخامسة والثلاثين من عمرها، تقود سيارتها لاصطحاب طفلها من المدرسة ذاتها، وقد اعترفت أنها انحرفت إلى حارة الدراجات بعد أن تشتَّتَ انتباهها بفعل مكالمة على الهاتف المحمول.25 وعلى الرغم من أن وفاة إريكا كانت واحدة من بين آلاف الوفيات عام ٢٠٠٨ بسبب التشتت أثناء القيادة، كان لها بالغ الأثر على التشريعات في الولاية والأمة بأسرها. وأصبحت والدة إريكا، شيلي فورني، متحدِّثةً على مستوى البلد تأييدًا لتشريعات حَظْرِ استخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة. واستجاب مشرِّعو كولورادو لوفاة إريكا بالموافقة على مشروع قانون في ٢٠٠٩ يحظر إرسالَ الرسائل النصية أثناء قيادة مركبة، واستخدامَ قائدي المركبات من المراهقين الهواتفَ المحمولة بالولاية.26
fig61
شكل ١٢-١٠: إرسال الرسائل النصية أثناء القيادة. حظر العديد من الولايات الأمريكية هذا السلوك المشتت للانتباه، بما في ذلك إرسال قادة المركبات من المراهقين رسائلَ نصية في كولورادو. الصورة: المؤلف.
ذكرت في الفصل الثالث تعقيب توماس فريدمان أن هذا هو «عصر المقاطعات». ويبدو أنها أصبحت مشكلةً في الولايات المتحدة لدرجة اقتراح التشريعات التي تحظر استخدام الأجهزة الإلكترونية أثناء السير بمكان عام. اقترح السيناتور كارل كروجر عن ولاية نيويورك جعل عبور طريق عام أثناء استخدام هاتف محمول أو جهازٍ موسيقيٍّ مشتِّت للانتباه جُنْحةً (إضافةً إلى إمكانية دفع ١٠٠ دولار غرامةً). حدث ذلك بعد أن سُحِق شاب حتى الموت بمدينة نيويورك في ديسمبر عام ٢٠١٠؛ إذ لم يسمع تنبيهَ شاحنة كبيرة ترجع للخلف أثناء استماعه إلى جهاز آي بود بصوتٍ مرتفع (حيث كان مرتديًا سماعات للأذن حالَتْ دون سماعه التنبيه).27 يستغرق كثيرًا مستخدِمو هذه الأجهزة الإلكترونية في الموسيقى والرسائل النصية ونتائج الألعاب الرياضية لدرجة أنهم يغفلون عن العالم من حولهم. ويُظهِر فيديو من كاميرا مراقبة بمول تِجاري، نُشِر على موقع يوتيوب، سيدةً استحوذت عليها رسائلُها النصية لدرجة أنها سقطت في نافورة بالباحة الرئيسية بمركز تجاري.28

الأجهزة المحمولة هي أجهزة الكمبيوتر «القابلة للارتداء» التي سنستخدمها في المستقبل للنفاذ إلى المعلومات عندما لا نكون بالمنزل أو المكتب. سيكون التحدي أمام مصمِّميها هو ابتكارَ تكنولوجيا مناسبة يمكن النفاذ إليها دون أن ينصرف انتباهُنا عمَّا أمامنا، بحيث لا نضطر إلى النظر بعيدًا عن الطريق أو الرصيف أثناء نفاذنا للمحتوى. والمشكلة الأكبر هي أنه في إطار تعامُلنا مع هذا الفيض الإضافي من المثيرات البصرية والسمعية، نضغط على إمكاناتنا البشرية التناظرية لمعالجة المعلومات بما يتجاوز قدراتها، بسبب أجهزة الاتصال التي تستعين بالنطاق العريض، والتي لا تنفك تزداد قدرةً. ربما أفضل نصيحة نهمس بها للسائقين الذين يتحدثون في الهاتف أو يرسلون رسائل نصية أثناء القيادة؛ هي أن يعوا الرسالةَ الموجودة على واقي الصدمات التي تقول: «أغلِقْ هاتفَك وانتبه لقيادتك!»

هوامش

(1) N. Negroponte, Being Digital (New York: Alfred A. Knopf, 1995), 24. Negroponte states that he referred to this transition in a meeting at Northern Telecom as “trading places,” but his colleague George Gilder insisted on naming it “the Negroponte Switch.”
(2) Ibid.
(3) To be more specific, those who are mute or who have other speech impairments can use computers to translate text into voice to make “telephone” calls.
(4) D. Mercer, The Telephone: The Life Story of a Technology (Westport, CT: Greenwood Press, 2006).
(5) T. Friedman, The World Is Flat: A Brief History of the 21st Century (New York: Farrar, Straus & Giroux, 2005), 66.
(6) N. Taylor, LASER: The Inventor, the Nobel Laureate, and the Thirty-Year Patent War (New York: Simon & Schuster, 2000).
(7) “Allied Fiber Announces that the First Phase of its Long-Haul Dark Fiber Cable Across America Is Underway and Fully Funded,” Telecom News Now (May 25, 2010). Retrieved January 10, 2011, fromhttp://www.jaymiescotto.com/jsablog/2010/05/24/allied-fiber-announces-that-the-first-phase-of-itslong-haul-dark-fiber-cable-across-america-is-underway-and-fully-funded/.
(8) Ibid.
(9) Fiber-to-the-Home Council, Next Generation Bandwidth Is Here Now (2011). Retrieved January 10, 2011, from http://www.ftthcouncil.org/en/content/next-generation-broadband-is-here-and-now.
(10) S. J. Vaughan-Nichols, “The Internet Belongs to Netflix,” ZDNet (October 22, 2010). Retrieved January 10, 2011, from http://www.zdnet.com/blog/networking/the-internet-belongs-to-netflix/265#.
(11) Ibid.
(12) Mercer, The Telephone.
(13) P. J. Seel, personal communication, January 25, 2011.
(14) International Telecommunications Union, The World in 2010: ICT Facts and Figures (2010). Retrieved January 9, 2011, from http://www.itu.int/ITUD/ict/material/FactsFigures2010.pdf.
(15) Ibid.
(16) All mobile statistics from the ITU, ibid.
(17) Luxembourg for ICT, ICT Development Index (2010). Retrieved January 29, 2011, from http://www.luxembourgforict.lu/en/international-scoreboard/ict/index.html.
(18) S. A. Bonser, “Getting Rid of the Landline Phone,” Examiner.com (April 18, 2009). Retrieved January 29, 2011, from http://www.examiner.com/gadgetsin-philadelphia/getting-rid-of-the-landline-telephone.
(19) W. H. Gates, The Road Ahead (New York: Penguin, 1995), 77.
(20) F. Vogelstein, “The Untold Story: How the iPhone Blew Up the Wireless Industry,” Wired (January 9, 2008). Retrieved January 24, 2011, from http://www.wired.com/gadgets/wireless/magazine/16-02/ff_iphone?currentPage=all#.
(21) Ibid.
(22) Ibid.
(23) D. Strayer, F. A. Drews, and D. J. Crouch, “A Comparison of the Cell Phone Driver and the Drunk Driver,” Human Factors 48 (January 1, 2006), 381–91. See also June 29, 2006 news release from the University of Utah at http://www.unews.utah.edu/p/?r=062206-1.
(24) J. Hobson, “Automakers Will Be Asked to Curb Distracted Driving,” Marketplace (January 24, 2011). American Public Radio. Retrieved January 30, 2011, from http://marketplace.publicradio.org/display/web/2011/01/24/amautomakers-will-be-asked-to-curb-distracted-driving/.
(25) M. Whaley, “Driver Admits use of Cell Likely Led to Girl’s Death,” The Denver Post (May 7, 2009). Retrieved January 30, 2011, from http://www.denverpost.com/search/ci_12312532.
(26) Ibid.
(27) “Rise in Pedestrian Deaths Renews Call for iPod Bill,” International Business Times (January 26, 2011). Retrieved January 30, 2011, from http://www.ibtimes.com/articles/105153/20110126/rise-in-pedestrian-deathsrenews-call-for-ipod-bill.htm#.
(28) See “Girl Falls into Mall Fountain while Texting,” YouTube. Retrieved January 30, 2011, from http://www.youtube.com/watch?v=umRXAkZ8Xo0.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤